نتنياهو يسعى للهروب إلى الأمام وضغط أميركي للتهدئة

قضايا عربية ودولية 2024/01/03
...

  بيروت: جبار عودة الخطاط 

المراقبون للسلوك العدواني لـ"إسرائيل" في جنوب لبنان يؤكدون وجود نزعة تصعيديَّة لافتة في الجنوب من قبل إدارة نتنياهو الذي يسعى لتحقيق مكسب عسكري ما، بعد تعذر تحقيق أهدافه في غزّة، فسلسلة الغارات التي شنّها الطيران المعادي على عدد من بلدات القطاع الأوسط ولا سيما كفركلا ومركبا واستهداف مستشفى "ميس الجبل" بقذيفة سقطت في موقف المشفى للعجلات؛ كلها تشي بمسعى لتصدير أزمة نتنياهو لجنوب لبنان.

وبرغم الضغوط التي تمارسها واشنطن على تل أبيب لعدم فتح جبهة حرب مع لبنان ولضبط إيقاع المواجهات مع حزب الله لئلا تتدحرج الأمور لمواجهة مفتوحة، فإنَّ المراقبين لا يعولون كثيرًا على ذلك، لأنَّ البيت الأبيض لا يمكن أن يمضي في ضغطه إلى شوط بعيد ولا يمكن للموقف الأميركي أيضًا أن يتخلى عن انحيازه لإسرائيل لارتباط ذلك مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية التي من المنتظر حصولها في غضون أقلّ من 11 شهراً. 

وقد نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول إسرائيلي تأكيده أنه "لن نسمح للوضع على الجبهة اللبنانية بالاستمرار والستة أشهر المقبلة حرجة"، لافتاً إلى أنَّ "بعض القوات التي انسحبت من غزّة ستكون مستعدة للتناوب على الحدود الشمالية مع لبنان". في السياق، حذر وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو، من أنَّ الوضع على الحدود اللبنانية- "الإسرائيلية" يمكن أن يصبح خطيرًا جداً، والتقى لوكورنو أمس الثلاثاء مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون للتباحث في الأوضاع المأزومة على الحدود مع فلسطين المحتلة، وكان الوزير الفرنسي قد زار قاعدة "دير كيفا" في جنوب لبنان حيث أجرى محادثات مع رئيس أركان الجيوش والجنود الفرنسيين المنتشرين ضمن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "يونيفيل". وأعلن لوكورنو أمام حشد من الجنود الفرنسيين على مائدة العشاء أنَّ "هذه المهمة يمكن أن تصبح خطيرة جداً". وأضاف تحت خيمة نصبت في القاعدة على بعد نحو عشرة كيلومترات من الحدود بين إسرائيل ولبنان "سيكون دربنا مزروعاً بالشكوك في الأسابيع والأيام المقبلة". 

في الأثناء، أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي،  بـ"رصد إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه مستوطنة شلومي، والجيش يرد على مصادر النيران"، بينما أعلن حزب الله في بيان له، أمس الثلاثاء، أنه بمزيد من الفخر والاعتزاز، تزف المقاومة الإسلامية الشهيد المجاهد عبد الجليل علي حمزة "أسد الله" من بلدة الخضر في البقاع، والذي ارتقى شهيداً على طريق القدس.

إلى ذلك، قصفت مدفعية الجيش الصهيوني منطقة تلال سدانة بين شبعا وكفرشوبا، في حين شنت الطائرات الحربية المعادية صباح أمس الثلاثاء عدوانًا على المنطقة الكائنة بين مدينة بنت جبيل وبلدة مارون الراس، حيث أطلقت عدة صواريخ جو- أرض على المنطقة المستهدفة، فيما أفاد مصدر إعلامي مقرب من حزب الله بإطلاق صاروخ من قبل مسيرة معادية على مقربة من الجدار الحدودي في أحراج بلدة رامية في جنوب لبنان.

في غضون ذلك، ذكرت صحيفة (يديعوت أحرونوت)، نقلًا عن مسؤول إسرائيلي أنَّ "هناك انتقالًا إلى مرحلة أكثر تركيزًا، سوف تستغرق ستة أشهر"، موضحة أنَّ "بعض المقاتلين الذين سيغادرون القطاع سيكونون مستعدين لسيناريو التصعيد في الشمال (مع لبنان)، فالوضع هناك لا يمكن أن يستمر. الأشهر الستة المقبلة هي فترة حرجة".

وأضاف المصدر أنَّ "الجيش الإسرائيلي يستعد لإجلاء آلاف المقاتلين من قطاع غزّة، بمن فيهم جنود الاحتياط الذين سيعودون إلى عائلاتهم ووظائفهم، في خطوة ينظر إليها دوليًا على أنها رد على الضغوط الأميركية للانتقال إلى المنطقة الثالثة الأقل صرامة من الحرب ضد حماس". 

ولفت المصدر للصحيفة إلى أنَّ "بعض الجنود الذين سيغادرون غزة سيكونون مستعدين لاحتمال التصعيد ضد (حزب الله) على الجبهة الشمالية، حيث تزايدت، في الأيام الأخيرة، عمليات تبادل إطلاق النار المتكررة على الحدود"، وأشار إلى أنَّ "الوضع على الجبهة اللبنانية لا يمكن أن يستمر. فترة الأشهر الستة المقبلة هي لحظة حرجة"، على زعم الصحيفة.