بول شاوول: الشعر هو المجهول الأبدي

ثقافة 2024/01/04
...

 يقظان التقي

بعد انقطاع عن النشر قرابة عشرة أعوام، يعود الشاعر بول شاوول بمجموعة اصدارات في الشعر والنقد والترجمة في حدث ثقافي لشخصية تشكل ظاهرة من النسيج الشعري المديني في بيروت الحاضنة لأبعاد هذه التجربة. المجموعة امتداد لتجربة الشاعر، لا سيما أنها تصدر في بيروت في وقت ترزح فيه المدينة تحت ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة، تأتي لتشكل استمراراً وتراكما لما بدأه شاوول منذ نصف قرن، وفي كل ما يصنع المدينة (اليونانية): المسرح والفلسفة والشعر والمحاورات، وهي أمور ذهبت مع الجامعة والمكتبة. فماتت المدينة. والدولة تشبه عالما افتراضيا، واللقاءات الإنسانية معطلة.
«موت المدينة هو هاجس العالم» يقول بول شاوول، لا سيما مع وجود العالم الافتراضي، وأثره السلبي في المدينة، حيث يفقدها عناصرها وخصوصياتها المستقلة وشخصيتها، ويبعدها عن عزلاتها الخانقة.
يضيف: أعود اليوم بإصدارات عدة تنشر تباعاً. وهما كتابان من الشعر، وأيضاً «لك الجسد»، ومختارات شعرية ضخمة ترجمتها للشاعر الفرنسي بول إيلوار (600 صفحة)، وكذلك ترجمت كتابين من الشعر، «ثمانينات كبار الشعراء
1900 - 1980»، في الجزء الثاني منه «1960 - 2016»، إلى كتاب «مختارات من الشعر العالمي»، وكتاب عن بيروت، «القصيدة المتوحشة» وقد أتعبتني كثيراً.
إذ اشتغلت فيها كثيراً، وعدت فيها إلى ينابيع اللغة واشتقاقاتها، وكلماتها القديمة وإيقاعاتها، وقد يشعر القارئ أن «القصيدة المتوحشة» تلتقي مع «كشهر طويل من العشق» بالاشتقاقات فقط، وهذا صحيح.
ويتابع: ببساطة هذه القصيدة إما أن تنجح وإما أن تسقط، ليس لها من فرصة لتكون في المنتصف. لقد لعبت من خلالها بالفوضى. قصيدة تشبه الكون الذي نعيش فيه اليوم.
تحوي بين جنباتها وفي دواخلها كثيراً من الفوضى المنظمة، لا أقصد الفوضى السوريالية أو العبث، إنما هي محاولة لتنظيم هذه الفوضى بالقصيدة قدرالمستطاع. كتبتها على مدى ثلاث سنوات. راجعتها لسنتين، ولا أخفيك أنني حتى اللحظة لا يزال يخالجني شعور بعدم الرضا والخوف. كتابة الشعر ليست فرضا مدرسيّا، الشعر مشروع/ لغتي ونفسي وجسدي، عندي كتب في «دار النهضة» كاملة ولم أنشرها منذ سنوات، و «غرفة مليئة بالصمت» أحبها عبده وازن كثيرا، وأقنعني باعادة نشرها، أما «حديقة الأمس»، فيلزمها عملا كثيرا، من 145 صفحة، إلا أنها لم تعجبني ورميتها جانبا.
ويقول شاوول إن: النشر يستحق كل هذا النقد الذاتي، يظل الخوف حاضراً حتى بعد نشر القصيدة، لقد «حاولت تنفيذ رؤيتي للشعر. حاولت أن أنحت. أنحت الكلمات والجسد والماء. أحياناً هذا النحت قد يصيب القصيدة، وبإمكانه أن يعطبها، لو لم يكن الشاعر صاحب دربة و(معلماً).
من هنا أقول إنني خائف، وهذه هي المرة الأولى التي أخاف. لقد وضعت كل لعبتي الشعرية فيها، ومن ذلك المحل القصي يأتي خوفي. هذا الذي يفتقده الشعراء. هذه هي السهولة. كانت صفحات أحد كتبي 400 صفحة،  صارت 60 صفحة، لا نستطيع أن ننشر كل ما نكتبه، ولديّ دراسة عن علاقة القصيدة العربية بالشفهي والكتابي والمسرح الشفهي.

زمن قتل الكتاب
وحيدا في المقهى يقضي شاوول ساعتين يوميا، مقابل 22 ساعة في المنزل. قطع كل علاقاته العائلية  والطائفية منذ ثلاثين سنة، يصنع عائلته بنفسه، «المرء لا يرث عائلة، يصنع عائلة، كما يصنع مدينة».
هكذا يقول الشاعر «نعيش اليوم في العالم أكبر فوضى مرت على البشرية. فوضى في كل شيء، في الإنترنت وفي الجهل. نشهد موت الفلسفة. الفلاسفة ماتوا، من بقيّ مثل عبدالله العروي واركون تقدموا في العمر. تغير الزمن، والتكنولوجيا غيّرت الكثير، غيرت الكتابة: أنا أشعر أن هذا الزمن هو زمن محاولة قتل الكتاب. رقمنة الكتاب الشعري هي محاولة لإلغائه، غدا الكتاب سلعة إلكترونية.. الكتاب عندما ظهر في القرون الوسطى كان من أعظم الاختراعات التقنية. الكتاب هو الذي صنع الثورات والفلسفة وصار هو أداة تواصل ثقافي سياسي فكري فلسفي. وهو ثانياً قطعة فنية: الغلاف والكلمات ونوع الورق. جزء صغير من هذه اللوحة هي الكلمات والبقية لا تقل أهمية عن الكلمات. لذلك أقول لك إنني لا يمكنني أن أقرأ شعراً على شاشة زجاجية أو معدنية. إنه عالم الروبوت من جهة والعودة بالفكر إلى العالم القدين من جهة أخرى. التكنولوجيا والرقمنة والإنسان القدري من جهة أخرى. كأنها الحرب الاصلية كما تصفها الايكونوميست، تتقدم التكنولوجيا وعالم السلاح وتتراجع الأفكار والفلسفة، ويتعمّم الفشل والتخلف، واللابداع في مجتمع ما بعد استهلاكي، علم من ووالت دينزني في مضاعفة الاستهلاك في كل
شيء».

ذهب عصر الرواد
هل يعني هذا موت الحقيقة، موت الشعر واضمحلاله وضموره؟ يجيب شاوول: «الذين يعلنون موت الشعر، أقول لهم إن شعرهم هو الذي مات وعفا عليه الزمن. نعيش اليوم في المرحلة الذهبية للشعر في العالم العربي، وفي العالم أيضاً. يعود هذا لانتهاء زمن المدارس الفنية، السوريالية والدادائية والرمزية وغيرها. اليوم صار الشاعر حراً وغير مربوط بأيديولوجيا كتابية. مثلاً أندريه بروتون لديه سبع بيانات سوريالية، كاتب هذا النمط من الشعر يجب عليه أن يكتب وفق هذه البيانات وفي إطارها، هذا يسمى تأطيراً وأدلجة للشعر. اليوم أصبحت المدارس الفنية لزوما ما لا يلزم وتحرر العالم كله من ثقل هذه المدارس وصار حراً».
ويوضح: زمن بروتون وأراغون، وصولاً إلى زمن أدونيس وزمن أنسي الحاج في العربية انتهى. كل هؤلاء لهم تجاربهم ولكن من الطبيعي والمنطقي أننا لا يمكن التوقف عند تجاربهم. انتهى زمن الريادات اليوم، وأشدد على كلمة ريادات، لأن الشاعر حين يصبح مكرّساً ينتهي. الشعر هو المجهول الأبدي، حين تعلن الوصول اليه تنتهي مطلقا. وما يهمني اليوم بالتحديد، هو ما يكتبه الشعراء الشباب في العالم وخصوصاً العالم العربي. وأقرأ الكثير ممما يكتبه الشباب في الغرب، ترجمت المئات من الصفحات، يوماً بعد يوم اكتشف شعراء شباباً جدداً، لكل منهم لغته، ولكل منهم خاصيته وعالمه.
وهذا سبب آخر يقول شاوول: لقراءتي واطلاعي على ما يكتبون اليوم في المغرب وتونس وسوريا وبعض دول الخليج والعراق أيضاً. ذهب عصر الرواد، والشعراء اليوم يبحثون عن لغتهم، لا أنكر أن هناك تعثرات، أن هناك تفاوتاً، في المستويات وهذا طبيعي، ولكن ما يهم أنهم يكتبون أنفسهم وعلاقتهم بالعالم ورؤيتهم له. علاقتهم بالشعر ذاته، بالحب، بالقسوة، بالطبيعة، بالمدينة.. هذا الكلام لا ينطبق على العالم العربي فقط، وإنما ينسحب على فرنسا ودول الغرب، إنني أتابع أصوات الشعراء الشباب في فرنسا والمجر واليونان وأميركا والمانيا هناك أيضاً وأراهم يسيرون على المنوال نفسه في تيارات جديدة.

لا عفوية في الكتابة؟
يقول بول شاوول، وهو يجيب: أنا ضد الأسلوبية. هناك شعراء لديهم أسلوبٌ يكتبون فيه ومنه طوال حياتهم وفي كل تجربتهم. لا أنفي أن ذلك محط احترام عندي، ولكنني لا أتفق مع الأسلوبية. هناك شعراء كبار اعتنقوا هذه المدرسة، بيكيت في المسرح، ونزار قباني، وسعيد عقل وسواهم. الأسلوبية موجودة في الفن أيضاً، تقف أمام عمل لدالي فتشعر أنك شاهدت جميع أعماله. على عكس بيكاسو الذي هو مفجر مراحل. سأعترف لك، أنا كشاعر لا أثق بالدفقة الأولى، الدفقة الأولى في الكتابة لا تكون نهائية. الشاعر يأخذ الدفقة الأولى ويحولها إلى شكل. الدفقة الأولى هي اللاشكل. الدفقة الأولى يضاف إليها التنقيح والحذف والاشتغال والإلغاء. أنا من هذا الاتجاه، كل كتاب هو مرحلة ومشروع، ربما أمشي عكس السائد وربما أنا مخطئ. الشاعر حين يكتب قصيدة تسهل عنده عملية الكتابة وهنا يقع في المحظور.هذه طريقتي، وقد تكون مجرد اقتراح، كل ذلك يعود إلى فكرة أساسية أرددها دائماً: الشعر هو فن الحذف والامحاء.

الجمال والحريَّة
وعن اللغة يرى شاوول إلا وجود لشاعر لا يشتغل على اللغة، ويعود إلى المراجع القديمة والكتب التراثية، وكتب الاشتقاقات. ويضيف: لا يوجد شاعر كتب شعراً وازناً من دون تراث. لا يوجد شاعر مهم يجهل تراثه الشعري والنثري. الشعر الجاهلي فيه شعراء كبار، وأقول كبارا جداً، طرفة بن العبد وزهير بن أبي سلمى، نقرأ شعر هؤلاء وكأنه شعر اليوم. أبو تمام في ما بعد مثلاً، كان أول من ابتدأ بالغموض، مفاهيم الغموض ظهرت عند أبي تمام. الغموض أساس الشعر الحديث، الذي يختزن معنى. أعود إلى التراث العربي لأقول إنه من أعظم التراثات في العالم بالنثر وبالشعر أيضاً. . ولكن الشاعرهو الذي يجعلها قديمة أو جديدة، أبو تمام اتهم بالخروج على الثابت الشعري، وبتخريب البلاغة العربية، قمة البلاغة برأيي هو الوضوح وهو ما سمّا اليه ابو تمام. ثمّ النثر العربي لا يقل شأناً عن شعرنا العربي. أبو حيان التوحيدي وابن سينا والجاحظ (فيلسوف)، وآخرون كثر من أساطين التراث العربي. لا يمكنني ببساطة أن أقرأ شكسبير وأفوت كل هؤلاء. أقرأ وأعرف شرط أن لا يتحول التراث إلى أيديولوجيا وقوالب. الحداثة ليست أن تكتب ضد التراث، الحداثة أن تكتب انطلاقاً منه وبناءً عليه ومجدداً فيه.
يستطرد شاوول: أنا شخص عربي، آرومتي عربية لا تركية ولا قاريّة. بلدي أعطاني كل شيء، علمني الجمال، علمني بالجانعة، علمني الحرية.. اتعجب كيف يبيع البعض بلده، يبيع حدوده وحريته؟ لقد ولدت في هذا المشرق العربي. وما عندي شيء بالعالم غيره وغير لبنان.

مدينةٌ بلا هويَّة
كشاعر يعيش في شارع الحمراء منذ نحو 50 عاماً، عايش كل الحروب، ورأى مختلف العناصر المسلحة، يجلس في مقاهي هذا الشارع الذي يعد ذاكرة بيروت وحداثتها، كما يقول: بيروت اليوم هي نتيجة للأمس. المدينة التي تعيش مند 50 عاماً تحت حكم «العناصر المسلحة» التي دمرت ساحة البرج، ولم تترك لنا من بيروت شيئاً. المدينة كانت هناك، دمروها، وصرنا بلا عاصمة. صرنا في مدينة بشوارع وبلا عاصمة. بيروت الآن صارت تشبه جمهور الأحزاب الموجودة فيها.. شارع الحمرا كان رمزاً للثقافة الجديدة في لبنان، الحداثة الجديدة في هذا البلد. شارع الحمرا كان المكان الذي يحتضن الشعراء والكتاب الهاربين إلى بيروت.. بيروت ممثلة بشارع الحمرا صارت اليوم سوقاً. الرمزية التي كانت لها خفت، صارت مدينة بلا هوية، أو لو شئت هوية مشتتة مضروبة بسبب الحرب والعناصر المسلحة. الحمرا اليوم بلا سينما، في الوقت الذي كانت تحتضن سابقاً 15 سينما، 7 مسارح، 20 مكتبة.. الحمرا اليوم بلا مكتبات، بلا معارض.. لقد كان فيها 60 غاليرياً لعرض الفن المعاصر، وبلا مسارح. المدينة حزينة، وتشهد تراجعاً ثقافياً، لا مثيل له. لكنني على رغم ذلك على أمل في عودتها. فهي ما زالت على رغم كل شيء متمسكة بألوان من أيامها الجميلة، كما تقول الأغنية الفرنسية (كنت جميلة سيدتي)، هذا ما أقوله لبيروت أنا اليوم. تبقى وتعود وهذا ليس حلماً أو هذياناً. قد لا تعود في أيامي لكنها ستعود على يد شبابها. من  شروط المدينة أن تكون مفتوحة على الجميع، على العالم كله. صناعة الحداثة السياسية والفكرية. الحمراء صنعتها المرأة بمعنى الحرية. ما نشهده اليوم ركام  مدينة.
ركام الحمرا. آخر ملامح بيروت يذوي. المدينة في كل العالم مهددة. كل ما تقدمت التكنولوجيا، تراجعت الثقافة والتربية والتعليم والابداع. كأن التكنولوجيا صارت بديلا من هذه الظواهر المدينية وليست رديفا لها. موت المدينة هو هاجس بالعالم مع وجود الافتراضي.. مدينة من دون المقاهي والجامعات والعروض والمعارض و»الكازينوات» لن تبق مدينة، تصير عالما من الفراغ.. بغداد بعد الامويين وفي عصر بني العباس اشتعلت دوواين وبارات وحانات وحمامات ومقاهي وبيوتات ثقافية وكتب.
اين هو الكتاب اليوم؟ بـ «التلفون» الخليوي؟ صارت الشاشة هي الكتاب. الشاشة الملعونة صارت تاريخ البشرية. أنا عندي على السطوح 7000 كتاب في مساحة 125 مترا مربعا، أتفقدهم كما أولادي. أنا صنعني الكتاب. سعيد عقل (قدموس)، أنسي الحاج (لن)، عبد المعطي حجازي (مدينة بلا قلب)، الماغوط وآخرين.  مسرح شكسبير طلع من الكتاب، وكذلك الموسيقى الكلاسيكية. أنا لدي نعمة القراءة من 3 إلى 4 ساعات في المقهى يومياً. أنا كتبت 25 مسرحية بعد قراءات طويلة. في ناس وشعراء لا يقرؤون..

امرأة في الفاتيكان
وعن قصة الشجر، يقول شاوول: تصوّر اكتشفت أخيراً إبان أزمة كورونا تحديدا غابات الشجر في راس بيروت وفي كل الزواريب، وعلى البكونات والسطوح، وعلى جماليات حجارة العاصمة وأبنيتها. تشمّ رائحة الماضي/ الابداع، رائحة لبنان المميز في العالم العربي: «بما أنه لم يعد أحد يشذب الشجر، انطلقت الأشجارعلى غريزيتها تقطع من رصيف إلى رصيف، شجرتان تلتقيان بين رصيفين. لقد اكتشفت آلاف الأشجار وعلى غريزيتها. «أجمل ما في العالم هما المرأة والشجرة».
وتابع: المرأة.. بشرط أن تعرف كيف تسمعها جيدا. المرأة تريد منك أن تستمع إليها دوما. تحب أن تصغي اليها، هي عقل العالم، هي دزّت آدم على شجرة المعرفة. المرأة هي رأس العالم. الرجل عظات وحروب وأمراض. كل الرجال «خلقوا شي مرّة امرأة في الفاتيكان».

المؤثرات الأوليَّة
يقول الشاعر اللبناني بول شاوول: أنا تأثرت بمالارميه في قصيدة البياض، ولكن لغتي ليست كلغة مالارميه. تعلمت منه أن أرى القصيدة كأنها سينوغرافيا مسرحية. أنا كتبت في حياتي 25 مسرحية. الرمزية نقلت القصيدة من الآلة إلى العين. تأثرت به وكتبت قصيدتي التي تخصني وتشبهني. البياض بالنسبة إليَّ جزء من الكلام ومن الصورة. والبياض، أو لو شئت الصمت، هو الذي يكمل النص، يكون هامشه. لا أخفيك أنني نسيت قصائدي فعلياً في هذا المجال.المدارس موجودة . لكنها مثل بعضها غريب . الكل يكتب مثل بعضه مثل الرأي السياسي. أنا ضد هذه المدارس.
يختم بول شاوول حواره متحدثاً عن الشعر الذي هو صورته ومآله، قائلاً: الشعر بالنسبة إليَّ هو الحياة، فن لا يخرج من شخص ميت. كاتبه مبّللة أصابعه في كل شيء وفي الألم، يحزن يتكسر ويبكي. الشعر هو الشيء الوحيد الذي لم يتعولم. المسرح تعولم، السينما تعولمت، الرواية أيضاً. الشعر لا يعولم، لا يمكن عولمة جبران ولا فاليري ولا المتنبي. الشعر الحقيقي وحده بقي حتى اللحظة عصياً على العولمة، وأظنه سيبقى.
الشعر هو الحرية الفردية. قد يكون الشاعر يُعجب به كل الناس إلا صاحبه. معنى عميق هو هذا النقد الذاتي. ليس بعيدا عن المسرح باعتباره مرآة المجتمع المدني. «ليس مسرح الطوائف، ولا المذاهب، ولا الأيديولوجبات، ولا الأحزاب التي كلها عائلية». أما المقهى بحسب شاوول فهو التجلي الأهم للمدينة ويختصرها، لا أحد يسالك عن اسمك، ومن أين أتيت، يجسد التعدد والتنوع.
هذا هو سرّ المدينة وسحرها. أنا هو، وهو أنا.