ريسان الخزعلي
"السؤال الفلسفي.. سابقٌ على كل سؤال".. إنَّ قول مارتن هايدجر هذا، هو المُوجّه الاستدلالي لكتاب خضير ميري "الأشكالوية والمعنى في السؤال الفلسفي". ووثوقية التحديد، عناصرها محددة بـ (السؤال الفلسفي، والسبق على كل سؤال). والسؤال والسبق هما الأشكالوية والمعنى في الوقت ذاته، وبذلك يصح تفكيك الدلالة بطريقة تحتمل المعنى اللغوي.. هل (الأشكالوية والإضافة -المعنى) يجتمعان في السؤال الفلسفي، ومن ثم يأتي المعنى في السؤال الفلسفي؟ وبذلك تفضي الأشكالوية إلى المعنى!..، وإذا كانت الأشكالوية تفضي إلى المعنى، فلا معنى يفضي إلى أشكالوية حتماً (بجزم المنطق العقلي). إذن، فإنَّ أشكالوية ومعنى ميري لا يُحددان بسبق البداية، والوصول إلى النهاية، لأن الزمان في هذه اللعبة دائري الحركة (السؤال البدائي الأول – السؤال المعرفي – السؤال الفلسفي – الأشكالوية – العودة إلى السؤال البدائي الأول). إلّا أنَّ الذي يُحسب لهذه/ الأشكالوية والمعنى في السؤال الفلسفي/.. هذا التجريد الراكض في المساحة الدائرية، إذ أنَّ المركز هو النقطة الوحيدة التي تبعُد بالتساوي عن محددات المحيط، وعندئذٍ يكون السؤال الفلسفي كشفاً للمعنى (لم يعُد إذن الموضوع الشاغل للسؤال الفلسفي هو في كونه سؤالاً بقدر كونه كشفاً عن أشكالوية، أو في الوقت نفسه، أشكالوية ومعنى لأنه كما يبدو لم يعد سؤالاً بقدر كونه محاولةً لِما ذاتيّة تهدف إلى احتضان كل تساؤل، وتفحص بنيته الداخلية باعتباره درجة في سلّم متعدد الدرجات نحو إدراك أشكالوي لعالمٍ متواتر إلى حدٍ بعيد، وبذلك فإنَّ الفلسفة تُعاني دائماً من هكذا تصوّر مضنٍ، ذلك أنها لم تعد تروّض نفسها بالمذهب المحدد..).من داخل هذا المُقوّس، لم يعُد هنالك شيءٌ مستتراً، لقد فُضَّ الالتباس، وأصبحت الإضافة بين الأشكالوية والمعنى، إضافة رياضية (+)..، أي (أشكالوية ومعنى في الوقت نفسه) ..، وهي الإحالة الدالّة إلى (التصوّر الأشكالوي للوجود).، لأن هكذا تصوّر يحوي الأشكالوية والمعنى ضمنا في تداخلٍ فلسفي. وحين تحاول الفلسفة أن تحتضن كلَّ التساؤلات في خُلاصة ميري، وهي كذلك في جدواها، فإنّها لن ولم تُروّض نفسها بمذهب محدد، وليس (بالمذهب المحدد).إنَّ ما أعنيه بـ /التجريد الراكض/.. هو الهذيان المعرفي المتدفّق الذي يُحاول أن يكشف مسافة طويلة غامضة/ أشكالوية ومعنى/ لا يمكن مسحها إلّا بالركض الذهني/ المعرفي/ الفلسفي، إذ لم يعُد الانتظار مجدياً لاحتمال إجابة قادمة من خارج هيمنة السؤال الفلسفي القصدي (السؤال الفلسفي يأتي رد فعل انعكاسي يُبديه الوعي ازاء النفي المُضاد الذي يضمرهُ العالم لنا، وهو هنا نوع من المواجهة الأولية ذات الطابع القصدي والتي نُحاول من خلالها تحديد موضوعات تفكّرنا الخاصة نسبةً إلى عالمٍ خارجي يتهدد وسيلة تفكيرنا الإنساني – بمعنى أنَّ السؤال الفلسفي يُظهرُ غرضاً أولياً لمعرفة طبيعة الوجود الذي نحياه أولاً..).إنَّ التجريد الراكض – أغلب تفاصيل هذا الكتاب تجريدية إلى حدٍّ كبير – في (الأشكالوية والمعنى في السؤال الفلسفي) والذي أسميناه (هذياناً فكرياً معرفياً).. والهذيان هنا ليس يالمعنى التهكّمي، ما هو إلّا وعي الوجود من خلال الفهم المتمكّن للسؤال الفلسفي وما يضمره من أشكالوية ومعنى.. (الوعي لا ذاك الذي يُعرّف العالم لنا بواسطة الدخول الأليف إلى بناء التأريخية، بل ذاك البُعد الأشكالوي).إن ميري تخاطر كثيراً مع الفلسفة، قديمها وحديثها، بأشكالويته (الخاصة)، تطابقاً وتقاطعاً..، وقد قفز على استقراريةٍ ما، وربما هي انعدام السؤال الفلسفي في الحياة الثقافية كما يعتقد، على الرغم من استمرار/ الأشكالوية والمعنى في السؤال الفلسفي/.. وقد كان تجريده الراكض أشكالوية أخرى/ بحنون المُخيّلة الجميل/..