علي رياح
الكل بات معنياً بمهمة المنتخب العراقي في كأس آسيا. يستوي في هذا المتخصّص الضليع الذي يدرك كنه وأسرار الكرة مع المشجع البسيط الذي تستهويه الساحرة المستديرة ولعاً ومتعة ويترك لأهل الشأن كل التفاصيل والأسرار والشجون.. والمصالح.
في السياق هذا، شهدنا تسخيناً على المستويات كافة جرى فيه التباري الهادئ مرة والمحتدم مرات من أجل استشراف صورة المنتخب وتحضيراته ومكامن القوة والضعف فيه وصولاً إلى صورة أوسع وأعمق ترتبط بالمحصلة المتوقعة للمشاركة العراقية حين تضع البطولة أوزارها. ولا أجد في هذا السباق أي وجه للغرابة، فكرة القدم تجري في عروقنا، ومبارياتها باتت ولعاً يفوق كل اهتمام، ولقد دخل الجميع في مهمة الحديث عنها حتى بات تضارب الآراء متاحاً في مشهد ليس بعيداً عن هذا الولع.
في غمرة هذا السباق الذي نعيشه في كل مناسبة كروية مهمة، أضعنا البوصلة، وأهملنا الأولويات، وتغاضينا عن التراتبية التي سيكون عليها الاستحقاق، إلى مستوى تناسينا فيه أهمية خوض التحدي وفقاً لأسلوب (التقسيط) على دُفعات وهو السياق الذي تفرضه خارطة البطولة فقفزنا فوق معطيات لقائنا الأول اليوم أمام إندونيسيا، وصار الهمّ أن نتحدث عن المواجهة الثانية أمام اليابان، وهناك من استبدّ به القلق ليذهب بعيداً عن إندونيسيا واليابان وفيتنام ليبدي قلقه الشديد حول مواجهة مرتقبة مع كوريا الجنوبية بعد دور المجموعات، وقد زاد البعض في الطنبور نغماً وراح يفاضل بين منتخبات محددة ليتوقف عند أقلّها صعوبة لدى خوض الأدوار المتقدمة، نهائي البطولة مثلاً.
لم يتوقف الأمر عند هذه الحدود، فدائرة التخمينات اتسعت لتلامس المفاضلة بين احتلال المركز الثاني بعد اليابان أو القبول - تكتيكياً - بالمركز الثالث في هذه المجموعة لئلا يجمعنا الدور المقبل بمنتخب كوريا الجنوبية، وأسقطنا من حساباتنا أن كل شيء مُمكن ومتاح وربما ستتغير إفرازات البطولة وحركة المجاميع والمتأهلين منها بين لحظة وأخرى. الرأي عندي، بدلاً من الغور عميقاً في المصير المحتمل لمستقبلنا في البطولة، أن نحسبها على النحو الذي يحقق أقصى قدر ممكن ومتاح من النجاح ويرفع الضغط عن كاهل منتخبنا. فما دامت المقادير تضع إندونيسيا أمامنا في مواجهة الاستهلال، فعلينا أن نتدبر شؤوننا ونُعلي كلمة المنطق بالفوز بعد أن نتفادى أية مفاجأة تقع في صميم نسيج كرة القدم، وهنا ستكون نقاط الفوز الثلاث في مباراة يتجاهلها الكثيرون أشبه بالخميرة التي سيتأسس عليها جانب كبير من موقف المنتخب العراقي في المجموعة الرابعة. ما الذي ينفع إذا اندفعت حساباتنا تماماً ومن الآن نحو مواجهة اليابان ثم كوريا الجنوبية وحدث ما يُوصف بالمستحيل وتعرّض منتخبنا - لا سمح الله - لعثرة في مباراته الأولى؟.
هكذا كان عليَّ أن أضع الحسبة. (التقسيط) وتوزيع الاهتمام على مبارياتنا وفقاً لجدول المباريات، لنضمن أولاً فوزاً على إندونيسيا يقع في إطار التوقعات، وبمجرد أن تكون النقاط الثلاث في جعبتنا ننتقل على الفور إلى حساب الاحتمالات أمام اليابان مع تأمين الدعم الإعلامي والنفسي والجماهيري للمنتخب بعيداً عن (التسقيط) المُتعمّد وفقاً لنوايا دكاكينية ضئيلة تتجاهل أن هذا منتخبنا وأن علينا أن نقف خلفه وفي جواره بصرف النظر عن الشخوص وعناوينها الشخصية.