خبراء: بعض مؤشرات مستوى المعيشة غير واقعية

العراق 2024/01/15
...

 بغداد: هدى العزاوي 


قلل خبراء في المال والاقتصاد من أهمية بعض البيانات التي تصدرها منظمات دولية وآخرها ما يتعلق بمؤشرات مستوى المعيشة في العراق، مبينين أنَّ بعضها لا يطابق أو يقترب من واقع الحياة في البلاد. 

وحلّ العراق في المرتبة 67 عالميًا من أصل 106 دول بقائمة متوسط الراتب الشهري لكل فرد خلال عام 2024، فيما جاء بالمرتبة السابعة عربياً، وبحسب موقع "كنتري كاست"، فان متوسط راتب العراقي يبلغ نحو 538 دولاراً في الشهر لعام 2024.

وبين مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية والاقتصادية، الدكتور مظهر محمد صالح، لـ"الصباح"، أنَّ "متوسط الراتب الوظيفي السنوي في العراق يتميز بالزيادة على متوسط حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وبنسبة تزيد على 25 ٪  من ذلك الناتج".

وأضاف أنه "في الأحوال كافة فان حصة الفرد من الراتب الشهري تجعل العراق ضمن مؤشرات البنك الدولي لشريحة البلدان العليا متوسطة الدخل، آخذين بالاعتبار أنَّ هناك (دخلاً حقيقياً غير منظور) يتمثل بالدعم الحكومي للكثير من السلع والخدمات التي تقدمها الدولة إما مجاناً أو بأسعار رمزية أو بسعر الكلفة للبعض منها، ومثال ذلك السلة الغذائية والدوائية والوقود والكهرباء ودعم المزارعين والخدمات المختلفة والتي جميعها تشكل نسبة 13 ٪ إلى 15 ٪  من الناتج المحلي الإجمالي والتي يمكن تقديرها بنحو 30  مليار دولار سنوياً تمنحها الموازنة العامة للمواطنين بشكل دعم لأسعار السلع والخدمات المقدمة من الحكومة إلى المواطنين، لتشكل جزءاً لا يتجزأ من الدخل الفردي بشكل عام والراتب الوظيفي بشكل خاص". 

فيما رأى مقرر اللجنة المالية النيابية للدورة الرابعة، الدكتور أحمد الصفار، في حديث لـ"الصباح"، أنَّ "قياس مستوى الدخل مؤشر مهم؛ إلا أنه غير كافٍ ولا يعبّر عن حقيقة مستوى المعيشة"، مبيناً أنَّ "المؤشر الحقيقي لمتوسط دخل الفرد يكمن في كمية ما يحصل عليه من سلع وخدمات مقابل الدخل النقدي، وهذا يعتمد على المستوى العام للأسعار ونسبة التضخم الموجودة أصلاً في العراق كونه بلداً مستورداً أحادي الجانب الاقتصادي، وبالتالي فأن أغلب المؤشرات غير دقيقة ولا يمكن وضع قياس دقيق للرقم الحقيقي للدخل القومي للعراق".

أما رئيس "المركز الإقليمي للدراسات" علي الصاحب، فبين لـ"الصباح"، أنَّ "العراق يصدّر قرابة أربعة ملايين برميل نفط يومياً، ويفرض رسوما وضرائب على أغلب مفاصل الحياة، وبالتالي يحقق مدخولات كبيرة للخزينة العراقية".

وأضاف، أنه "على سبيل المثال: فقط واردات مديرية المرور العامة شهرياً بحدود (470) مليار دينار، البلديات والأمانة والوحدات تقريباً (850) مليار دينار شهرياً، فيما تشكل المنافذ الحدودية ما يقارب (900) مليار دينار شهرياً، إضافة إلى المؤسسات الأخرى، وبالتالي فأن عائدات الدولة كبيرة حتى إن كان عدد موظفي العراق يبلغ حدود (5) ملايين".

وتابع: أنه "إذا ما قارنا العراق مع دول الخليج تحديداً باعتبارها تعتمد على النفط بالمجمل؛ فأن راتب الفرد العراقي يساوي ربع راتب الموظف في قطر أوالإمارات ولربما نصف راتب الموظف السعودي أوالبحريني".

ويرى الصاحب، بأن "السبب يعود إلى قصور وزارة التخطيط في تقديم قاعدة للبيانات وحتى دراسات لزيادة مدخولات الفرد العراقي، كما أنها لم تقدم خططاً آنية ومستقبلية لذلك، تقابلها وزارتا المالية والعمل والشؤون الاجتماعية وبعض مؤسسات الدولة ذات العلاقة، وهذا إخفاق وتقصير بحق المواطن العراقي الذي كفل له الدستور في أكثر من مادة جملة من الحقوق والامتيازات". 

وأكد، أنَّ "احتلال العراق المرتبة 67 عالمياً في ما يخص متوسط راتب الفرد هي مفارقة عجيبة لبلد غني بثرواته ووارداته، ناهيك عن أزمة السكن الخانقة التي قد تستهلك نصف الراتب أو أغلبه عند السكن بصفة مؤجر، وحل تلك المشاكل يكمن في وضع دراسات ومخططات وجداول أعمال حقيقية للتغلب على كل العقبات التي تؤدي إلى تفاقم سوء الأحوال المعاشية والاقتصادية لأغلب طبقات المجتمع العراقي".


تحرير: محمد الأنصاري