سامر المشعل
حضرت مهرجان الصحراء في تونس العام 2012 والذي اقيم في جنوب تونس في منطقة صحراوية، افتتحه رئيس الجمهورية آنذاك، ويستعرض هذا المهرجان فنون الصحراء ويعكس تقاليد المنطقة وأزياءها من خلال مارثون للجمال وسباق للخيول والرقصات الفولكلورية والمبارزة والغناء والشعر السائد في المنطقة.
وغيرها من التقاليد التي تعكس طبيعة المنطقة الصحراوية، وكان يجلس إلى جانبي السفير الليبي، فسألني هل في العراق صحراء؟
قلت له نعم. هناك صحراء شاسعة. فرد وسألني هل تقيمون هكذا مهرجانات؟ شعرت بالحرج، قلت له: نقيم بعض المهرجانات التي تعكس طبيعة الحياة البدوية مثل الأغنية أو الأزياء. فرد السفير الليبي بنوع من الدبلوماسية، إن شاء الله نشاهد هكذا مهرجان في العراق. وأخذ يشيد بالعراق ودوره الحضاري.
في تونس يقام سنويا أكثر من 300 مهرجان ثقافي تتنوع بين المسرح والسينما والتشكيل وثقافة الطفل والفولكلور وأكثر هذه المهرجانات تصب في مجال الموسيقى والغناء.. وليست هناك منطقة في تونس لا يقام فيها مهرجان.. حتى أصبحت تونس من أهم البلدان العربية، التي تستثمر في مجال السياحة الثقافية وتدر عليها أموال كبيرة، وتسعى هيئة السياحة أن يصل عدد السواح في تونس هذا العام إلى 13 مليون سائح.
الاستثمار في الجانب الثقافي، إضافة إلى أنه يأتي بعائد اقتصادي للبلد وينشط المرفق السياحي، فهو يعكس هوية البلد الثقافية، ويقدم صورة مشرقة عن حضارة وتاريخ البلد ورموزه الثقافية.
هناك بلدان أسهم الاستثمار الثقافي في نسب كبيرة في مدخولات ميزانيتها، مثل الهند التي أسهمت السينما الهندية وحدها بتحقيق ايرادات بلغت 25 مليار دولار في العام 2014.
ايضا ساهمت الدراما التركية في ازدياد نمو قطاع السياحة في تركيا، حتى أصبحت الآن من الدول السياحية المهمة على مستوى العالم، والتي تشكل جانبا حيويا في ميزانيتها العامة، بل أصبحت بعض البيوتات والحارات، التي صورت فيها بعض المسلسلات المشهورة، أماكن سياحية يؤمّها السواح بفضول كبير. كذلك استثمرت مصر فنها العريق في مجال الاستثمار الثقافي، من خلال إنشاء متاحف للسيدة أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ومحمد الموجي.. وغيرهم. أما في العراق فأننا بعيدون جدا من التفكير والتخطيط للاستثمار الثقافي، على الرغم من أننا نمتلك ثروات هائلة ومتنوعة في الثقافة والفن والغناء والعمارة والاثار.. عندنا المتنبي والجواهري والسياب والنواب.. وفي الغناء عندنا ملا عثمان الموصلي والقبانجي والغزالي وداخل حسن.. وعلى مستوى الآثار لدينا أول حضارة بالعالم وهي الحضارة السومرية، إضافة إلى الحضارة البابلية والآشورية والاكدية.. ولدينا البيئات المختلفة، فقط لو استثمرنا بيئة الاهوار بما فيها من طبيعة وألوان غنائية ساحرة، واقيمت فيها المنتجعات السياحية التي تعكس ثقافة وتقاليد هذه المنطقة لأصبحت قبلة لكل السائحين بالعالم وساهمت بشكل كبير في
رفد الميزانية العامة، إضافة إلى المردود الثقافي لهوية وحضارة أرض الرافدين.