كاساس العبقري .. وأيمن البطل

الرياضة 2024/01/21
...

علي الباوي 



أطاح فوزنا الأسطوري على اليابان بنظريَّة المدرب المحلي وأثبت كاساس أنه مدرب عبقري من الدرجة الأولى.

كلّ الانتقادات التي نالت من كاساس على مدى سنة كاملة كانت تركز على أنَّ هذا الرجل لا يتوصل إلى تشكيلة نهائيَّة وأنه متردد وغير حاسم وكان الجميع يهاجمونه على أساس عدم الاستقرار، واتضح لنا في ملحمة الانتصار على اليابان أنَّ مدرب الوطني كان يستخدم مع الجميع ستراتيجية غاية في الدقة وفق مبدأ الغش والاختباء.

ما فعله كاساس كان على درجة كبيرة من العبقرية إلى درجة أنه فاجأ كلَّ الخصوم من المبتدئين وانتهاء بالمنتخب الياباني الشرس صاحب النتائج الكبيرة والسمعة الكروية المرموقة.

لم تنكشف قدرات منتخبنا وبقيت طي الكتمان على القريب والبعيد وتحمل الملاك التدريبي شتى أنواع التنمر والسخرية بل والازدراء والتهديد، إلا أنَّ ذلك كله ذهب أدراج الرياح واتضح أنَّ كرة القدم علم وتخطيط وعمل وتربص.

لقد أذهلنا كاساس قبل أن يشلَّ تفكير اليابانيين، كلنا نعلم أن اليابان كانت تخطط لعقود ووفرت لفريقها الكروي كلَّ الإمكانات التي تعد أسطورية من الناحية الفنية والتخطيطية والتدريبية، وقد نجح الإسباني كاساس في إفشال جهود سنوات.

نحن هنا لا نتكلم عما يعنيه الفوز من الناحية العملية وإنما يهمنا اكتشاف المغزى مما فعله المدرب طوال المرحلة الفائتة.

اليوم تغيرت مفاهيمنا كلياً وبات علينا الاعتراف أنَّ كرة القدم علم وفن وذكاء، كنا على يقين من أننا نمتلك فريقاً جيداً لكننا لم نكن نعلم كيف نحقق الانتصارات بهؤلاء الأبطال.

مباراتنا مع اليابان حدث تاريخي ليس على مستوى النتيجة بل على مستوى خوض مواجهة فائقة الدقة بحسابات رسمت بذكاء نابغ، تحرّكنا قاتلنا طبّقنا التعليمات.

تمكّن كاساس من معرفة كل الطاقات التي لديه وحركها بحكمة وتمكن من إيقاف المارد الياباني وشل حركته وبالتالي تحقيق هذا الانتصار الذي سيخلد في تاريخ كرتنا، ولأول مرة نصفق بقلوب فرحة لهذا المنتخب الذي أدى مباراة مثالية بكل القياسات، وهذه النتيجة ليست فقط محسوبة على عبقرية الإسباني كاساس وإنما تُحسب للاعبينا الكبار الذين تمسكوا بتوجيهات مدربهم، وحققوا إنجازاً مذهلاً.

ما حدث لكاساس مع المتنمرين حدث مع لاعبنا المميز أيمن حسين الذي حقق لنا بهدفين رائعين هذا الفوز الكبير.

أيمن حسين تعرّض لإساءات همجية طوال أشهر لكن هذا لم ينل من عزيمته ولا من حبه لبلده وجمهوره، وتمكن في مباراتين من إحراز ثلاثة أهداف، هذا الرجل يستحق منا كل احترام وتقدير لأنه كان رجلاً في قوته وفي صبره وتفانيه من أجل وطنه، وعلى كل من أساء له أن يقدم الاعتذار إليه ويشد على يديه ويقول له ننتظر منك يا أيمن أن تسعدنا في المباراة المقبلة أمام فيتنام وأنت أهل لها.