تحقيق المعنى الأسمى للمصالحة

العراق 2019/05/21
...

حميد السوداني
المصالحة أداة تواصل جماهيري تستطيع النخبة فيه التعبير عن أفكار وعواطف وآمال كل فريق في موقعه المشترك ضمن المجتمع بالعيش إنسانياً للجميع، ويأخذ النقاش اختلافا واتفاقاً لأشكال مغايرة ومتطابقة تمليها عليه التفاصيل والارقام والخلاصة المراد إيصالها للأطراف جميعاً دون كلل في الحوار والصبر الجميل .
ومهما تكن أزمان وأعداد وأشكال الاجتماعات فهي بالتالي اجتماعياً بين أخوة لبناء مجتمع جديد يطمح أفراده بالفعل أن يخلقوا عالم اليوم بدل الأمس ويتذكروا القول المأثور (( في البدء كان العمل)) 
جوهر حديث طاولة المحادثات هي أفعال متقدمة ، قوة تنجب وتجذب ظاهرة جديدة نحو الأتفاق والاقتراب نحو النبع بدل الجفاء والبعد ، لان الحديث المتبادل هو فعل خلاّق  يؤلف بين الفرقاء ليربطهم بالغايات والأهداف المشتركة  ويستنهض فيهم الهمةّ للوصول الى الطريق المضيء بإتجاه صحيح يخدم العملية السياسية أولاً، ويثمر هذا الحوار إن مصدر ألاِمان هوعبقرية العقل المحاور حين تتأزم الامور. بالعمل المتقن ثانياً، بيانات الأتفاقات الصغيرة والكبيرة ستكون دليلاً للطريق السَويّ الذي جاء بعد مخاض الجدال والفهم العميق للقضايا المختلف إزاءها وهي ممارسة اجتماعية تتساوي بالتالي بين تبني المسؤولية تاريخياً والاتفاق المشروط بثقافة الكل دون المساس بحرية وتوجه وإيمان المعتقد والتطلع الى الانتاج العملي الغزيرلصالح الجميع .
إن قوة الكلام من قوة المتكلم، وهذا لا يأتي من فراغ، إنما هي صورة حية لما يأتي بعد التصالح والتصافح، وحرق صفحات الماضي بصفاء النية والدخول لربيع جديد من العلاقات الأخوية الوطنية بصف واحد لتكونوا درعاً قوياً يصدَّ الطعنات لحماية وطن موحد فيه السبق لنجاح المصالحة ويكون نموذجاً لباقي الشعوب المختلفة في فهم الانتقال الى برَّ الأمان ؟ وربما نتذكر مقولة الشاعر الذي يحاول أن يعبرّ عن هذهِ الروح الوثابة حين يشعر الجميع بروح المحبة والاتحاد / لا تزرع الريح / كي تحصد العاصفة / لا ولا تقتلع سندياني/ أنتَ بعض الزمان / وكل الزمان زماني / .
نحن نعتبر أنفسنا وطن واحد فيه شعب  هو شعب الشعوب بحق ! لم يتخاذل ! لم يتراجع ! لم يتأمل أو يراهن أو يفكر ! حين دخل عليه / الغازي والمحتل والطامع والخاطيء والظالم داخل أرضهِ ! ولعشرات السنين ، نرى هذا الشعب جبهة واحدة ! يداً واحدة ! زناداً واحداً  وصيحةِ (( الله اكبر )) تترجم تحرير الوطن، هذا الشعب اصبح مدرسة لكل مدارس الشعوب الأخرى، بهذهِ الروح الخلاقةّ والنفس الطويل والصبر الذي لا يصبر عليه . لهذهِ الوحدة للوطن والتي مازال هؤلاء محاولين ضمن صراع التفرقة إضعافهم للدخول ثانية وثالثة، لذا ففي المصالحة نرى ثوب هذا الشعب أيضاً مطرزاً بالوسام الاصفر الذهبي !  ثوباً أبيضاً نحافظ عليه لخير الوطن ، لأن المصالحة ترضي السماوات والأرض ولأنها المفهوم الأسمى لشحذ العقول السياسية لأستقرارالمباديء في الوطن الواحد لا بدَّ أن ننتمي اليها ، ولا نكتفي بالترقب والجدل بمضمونها، إنها واقع حال البلدان الحرة والحافظة لأبنائها، يقول تعالى في سورة الحجرات ((إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم وأتقوا الله لعلكم ترحمون)) صدق الله العلي العظيم.