سامانثا فرانكو
ترجمة: شيماء ميران
ساعدت الرسالة التي كتبها الامبراطور "قسطنطين" الباحثين على الكشف عن أمرٍ رائعٍ، أدخل من خلاله المسيحيَّة الى الامبراطويَّة الرومانيَّة التي عدت نقطة تحول. يسلط هذا الاكتشاف الضوء على المنطقة الرماديَّة بين الوثنيَّة والمسيحيَّة التي غالباً ما يتجاهلها التاريخ.
رسالة قسطنطين
قبل 1600 سنة تقريباً، وحين كان "قسطنطين" امبراطور الامبراطوريَّة الرومانيَّة طلب عدداً من سكان مدينة سبيلو، الواقعة على بعد كيلومترين تقريباً شمال روما، منحهم الإذن لإقامة احتفالٍ ديني في مسقط رأسهم بدل الذهاب لأماكن بعيدة للمشاركة في المهرجانات.
ردَّ عليهم "قسطنطين" بما يسمى مرسوماً منحهم فيه الإذن للاحتفال في مسقط رأسهم، مقابل أنْ يبنوا معبداً لتكريم أسلافه وعبادتهم. اُكتشفت هذه المخطوطة في قسطنطينية في القرن الثامن عشر، واستخدمها علماء الآثار والباحثون لتحقيق اكتشافهم الرائع.
اكتشاف المعبد
قام فريقٌ من الباحثين من جامعة "سانت لويس" الأميركيَّة بعمليَّة حفر وتنقيب في مدينة سبيلو الشهيرة، التي كانت تقع على قمة التل في العصور الوسطى، حتى يتمكنوا من تحقيق اكتشافهم الكبير.
تمكن "دوغلاس بوين"، أستاذ التاريخ في جامعة سانت لويس، مع فريقه من تصوير تحت الأرض في المنطقة على أمل العثور على دليلٍ يشير الى أنقاض المعبد الذي يُعتقد أنّ سكان البلدة أقاموه.
وعثروا خلال بحثهم أسفل موقفٍ للسيارات بعد أعمال تنقيب دقيقة على غايتهم. يوضح "بوين" أنَّه بعد ساعات من العمل الدقيق تمكن علماء الآثار من اكتشاف ثلاثة جدران لمبنى ضخمٍ يشير الى أنَّه يعود لمعبد روماني، كما تمكنوا من تحديد تأريخ هذا الاكتشاف والذي يعود الى عهد قسطنطين بين عامي (324 - 337) ميلادي.
طقوس العبادة الإمبراطوريَّة
لقد كان "قسطنطين" امبراطوراً بارزاً لعدة أسباب، أحدها كونه أول من اعتنق المسيحيَّة ومارس طقوسها، لذا منع اضطهاد المسيحيين وعده غير قانوني، كما شجع على نشر الدين في جميع أنحاء الامبراطوريَّة. ومع أنه أصدر مرسوماً سمح فيه للسكان بإقامة معبد لعبادة أسلافه، فإنَّ مرسومه سلط الضوء على معتقدات العبادة الامبراطوريَّة، ويبين أنَّ الانتقال من الوثنيَّة الى المسيحيَّة لم يكن فورياً.
بدأت طقوس العبادة الامبراطوريَّة بوفاة يوليوس قيصر عام 44 قبل الميلاد، ومنها عبادة الأباطرة وأسرهم وكأنهم آلهة. لذا فالعثور على المعبد يعدُّ اكتشافاً مذهلاً، لأنَّه سيكون إضافة رائعة الى المناظر الطبيعيَّة في إيطاليا. يقول "بوين": "سيساعد هذا الاكتشاف المهم على فهم المدينة القديمة ومناظرها ومجتمعها في الامبراطوريَّة الرومانيَّة اللاحقة. كونه سيظهر الاستمراريَّة بين العالم الوثني الكلاسيكي والعالم الروماني المسيحي المبكر الذي لم يُكتب عنه أو يشار إليه في الروايات التاريخيَّة الشاملة.
مضيفاً: "هناك أدلَّة من أماكن أخرى في العالم الروماني تشير الى أنَّ الحكام المسيحيين كانوا يدعمون طقوس العبادة الامبراطوريَّة. لكن هذا المعبد لا يشبه غيره في عالم البحر الأبيض المتوسط في عهد الامبراطوريَّة الرومانيَّة في القرن الرابع.
ما يغير إدراكنا لوتيرة التغيير الاجتماعي وانطباعنا عن تأثير التغيير الاجتماعي والثقافي".
يوضح "بوين" أنَّ الأمور لم تتغير بين عشيَّة وضحاها في مواقع ماديَّة ودينيَّة فعليَّة مرتبطة بطقوس العبادة الامبراطوريَّة. لكنَّ النقش وإشارته الى المعبد، قدمت مدينة (سبيلو) إمكانيَّة محيرة جداً لاكتشاف كبير لعبادة الامبراطوريَّة تحت حكم حاكم مسيحي".
عن موقع ذا فينتج نيوز