التلاعب بنتائج المباريات

الرياضة 2024/01/28
...

د. حسين الربيعي

فرضية التلاعب في نتائج بعض مباريات كأس آسيا 2023، يسوقه البعض بأنه حق مشروع للفريق بأن يختار المسار الأسهل للوصول إلى أبعد نقطة في البطولة وهذا خطأ كبير وخطير.
لابد من الاتفاق أولاً، أنَّ الشغف المألوف بشأن الرياضة وكرة القدم يستمد ديمومته من صعوبة توقع النتائج، والسعي لمشاهدة المباريات في الملاعب أو عبّر الشاشات للاستمتاع بما سيؤول له الفن الكروي من متغيرات. فالتلاعب بالنتائج معناه تدمير كامل للرياضة، ممارسة ومتابعة ونقلاً واستثماراً.
كانت أولى أوليات الفيفا هي محاربته للتلاعب بالنتائج، لأنه يعلم حيوية هذا الأمر بالنسبة لوجوده، فوضع في أخلاقياته وانضباطه عقوبة الايقاف لأي فريق يمارس التلاعب بالنتائج لخمس سنوات على الأقل مع غرامة تصل إلى 100 ألف يورو، والأهم أنه وضع في لوائح حوكمة عمله في محاربة التلاعب في نتائج المباريات ثلاثة مبادئ هي: (الوقاية، والرصد، والرد) التي يجب أن تنفذ على التوالي.
في حوكمة مسابقة كأس آسيا 2023 في قطر، اخفق الاتحاد القاري ولجنة مسابقاته العناية بالمبدأ الأول (الوقاية) من خلال نظام البطولة الذي يسمح بتأهل بعض الثوالث في المجموعات إلى الدور 16، وان هذا النظام الهزيل جعل البعض يذهب إلى فرضية أنَّ بعض المنتخبات تلاعبت بنتائجها من أجل الذهاب إلى المسار أو الخيار الأسهل لها، مما أثر في مصير فرق أخرى.
 وعندما يسقط المبدأ الأول (الوقاية) وبإرادة الاتحاد الآسيوي، الجهة المنظمة للبطولة، فمن الصعب التحقيق في المبدأ الثاني (الرصد)، فالقاصي والداني والصغير والكبير ربما وهناك من يرى بأنَّ هناك عملية تلاعب بالنتائج، ورمى باللائمة على الاتحاد الآسيوي لأنه لم يعتن بما فيه الكفاية بتفعيل مبدأ (الوقاية).
 وهناك من يجد أنَّ الاتحاد الآسيوي بات في ورطة وسيعتني كثيراً بتبرير ذلك وهنا ذاب فعلاً المبدأ الثاني (الرصد) بفقدان المبدأ الأول (الوقاية)، أما المبدأ الثالث (الرد)، فمن يرد على من؟ أغلب الظن سوف لن تشكو المنتخبات المتضررة لارتباطاتها الانتخابية ومصالحها الأخرى بالاتحاد الآسيوي، ولا نعتقد أن الفيفا سيمتلك الشجاعة ليسأل ويرد على الاتحاد الآسيوي بسبب هذه الفضيحة، لأنه يعرف حجم الأموال والمصالح المرتبطة بما تبقى من مباريات البطولة، إلى جانب ثقل القارة الصفراء في انتخابات الفيفا المقبلة والذي يسعى انفانتينو لتمرير تفسير للنظام الأساسي للفيفا يسمح له بدورة أخرى! .
ندرك جيداً صعوبة مواجهة المحركات الخفية لمصالح كرة القدم العالمية لذا ما سيبقى هو (العار) لوحده يلاحق المتلاعبين في النتائج، وربما في النسخة المقبلة سيكون هناك تفعيل للمبدأ الأول (الوقاية) من خلال نظام بطولة أفضل.
أخيراً يؤشر ما جرى أنَّ لجنة مسابقات الاتحاد الآسيوي عليها ان تعلن استقالتها أو إقالتها واستبدالها بآخرين مهنيين، بعيداً عن ارستقراطيات الاتحادات الوطنية وهذا ما يشعرنا بالأسف بأن تصرف المليارات من الدولارات على بطولات مهمة، والقائمون عليها لا يتمتعون بأقل قدر من المسؤولية الأخلاقية.