استناد حداد*
دخلت معهد فنون لدراسة الفيلم والانتاج التلفزيوني في مدينة بيرث الأسترالية في العام 2007، وصادف في العام نفسه، ادراج فيلم {قصة عصابة كيلي} في سجل ذاكرة اليونسكو، لكونه أول فيلم روائي طويل بالعالم، بعد مئة عام على إنتاجه، وهو فيلم استرالي خالص مئة بالمئة، وعليه يكون تشارلز تيت أول مخرج روائي بالعالم، وهو من أسهم بالإنتاج والكتابة والتمثيل مع افراد عائلته، هذا ما أخبرنا به استاذ مادة تاريخ السينما في معهد الذي درست فيه مادة السينما وكانت بالنسبة لي مفاجأة كوني سينمائيا ولم انتبه لهذا.
الفيلم الذي عرض في العام 1906 وأنتج بميزانية اقتربت من الألف جنيه إسترليني، تدور احداثه حول عصابة كيلي، اذ اقتفي فيه مآثر رجل الأدغال الخارج عن القانون نيد كيلي وعصابته في القرن التي نشطت في التاسع عشر، وهو من اخراج تشارلز تيت، وادار تصويره ميلارد جونسون، الذي صور معظم مشاهده في مدينة ملبورن وما حولها، لتعرض النسخة الأصلية من هذا الفيلم الصامت لأكثر من ساعة بطول بكرة يبلغ حوالي 1200 متر (4000 قدم)، مما يجعله أطول فيلم روائي صامت تمت مشاهدته في العالم يومئذ، فقد عرض لأول مرة في قاعة أثينيوم في ملبورن في 26 كانون الاول 1906، وعرض لأول مرة في المملكة المتحدة في كانون الثاني 1908.
الفيلم حقق نجاحًا تجاريًا وحاسمًا، ويُنظر إليه على أنه نقطة الأصل لرجل أشجار الأدغال، هذه الدراما سيطرت على السنوات الأولى لإنتاج الأفلام الأسترالية. فمنذ صدوره، انتجت أفلاما اقتبست موضوعاتها من الحياة الحافلة لهذا المجرم العتيد.
هذه التحفة البصرية والوثيقة النادرة خضعت للترميم، فنجت (17) دقيقة من الزمن الفيلم، جنبًا إلى جنب مع اللقطات والأجزاء الأخرى، لإصدارات الفيديو، ونظرا لشهرة الفيلم، فقد أعيد انتاجه مرات عدة وبأزمان مختلفة.
تشير مؤرخة الأفلام إينا برتراند إلى أن نغمة "قصة عصابة كيلي" هي "نغمة حزن، اذ تصور نيد كيلي وعصابته على أنهم آخر رجال الأدغال". وتحدد برتراند العديد من المشاهد، التي تشير إلى قدر كبير من التطور في صناعة الأفلام من جانب عائلة تايت؛ فمثلا تشير إلى تكوين مشهد للشرطة، وهم يطلقون النار على الببغاوات في الأدغال. والثاني هو القبض على نيد، الذي تم إطلاق النار عليه، من وجهة نظر الشرطة وهو يتقدم. وقد نجت نسخة من كتيب البرنامج، التي تحتوي على ملخص للفيلم في ستة "مشاهد"، حيث زود هذا الأخير الجمهور بنوع المعلومات، التي قدمتها العناوين الداخلية لاحقًا، ويمكن أن يساعد المؤرخين على تخيل الشكل الذي قد يكون عليه الفيلم بأكمله.
اعتبرت أقسام الشرطة وبعض النقاد أن الفيلم يمجّد للجريمة، كونه مأخوذا عن قصة حقيقية، أرعبت سكان الولاية حينها، ربما هذا يفسر منع بعض المناطق المحلية الفيلم، وعلى الرغم من هذا المنع، إلا أن الفيلم بقيَّ يدور في صالات العرض في استراليا ونيوزيلندا وبريطانيا ولمدة عشرين عاما، حقق خلالها ثروة طائلة لصانعيه ولا تزال صناعة السينما تعمل على اعادة انتاج هذا الفيلم، وكان آخرها إنتاج اقتباس نسخة منه في العام 2019 بعنوان" التاريخ الحقيقي لعصابة كيلي".
وشارلز تيت مؤلف ومخرج سينمائي أسترالي، ومروج للعروض الموسيقية، من مواليد 15 تشرين الثاني عام 1868، في فيكتوريا، بأستراليا وتوفي في 27 تموز عام 1933، في ملبورن، فيكتوريا، بأستراليا، عن عمر يناهز 64 عاما.
* سينمائي ومسرحي وشاعر عراقي مقيم في استراليا