تداخلات المشهد الإيراني قبيل الانتخابات المزدوجة

قضايا عربية ودولية 2024/01/31
...

• جواد علي كسار

ينبغي أن ننبّه إلى أن إيران ستشهد يوم الجمعة 1 آذار المقبل، عمليَّة انتخابيَّة ثنائية أو مركبة وليست واحدة، يذهب الشق الأول إلى اختيار أعضاء مجلس الشورى الإسلامي (290 عضواً) في دورته الثانية عشرة، وهذا هو المعروف والمشهور. لكن ثمة إلى جوار ذلك مساراً آخر يتمثل بانتخاب (88) عضواً هم مجموع مجلس خبراء القيادة (خبرگان رهبرى) في دورته السادسة، وهذا هو الجزء غير المعروف أو الغاطس في الانتخابات المزدوجة المرتقبة، تنبع أهميته من احتمال اتخاذ المجلس "القرار الصعب" بحسب صحيفة "جوان" المحسوبة على الحرس الثوري، الماثل باختيار المرشد الجديد في حال حصل أي طارئ للمرشد الحالي، إبان السنوات الثماني من عمر المجلس التي ستمتد حتى عام 2032م.

ترشيح روحاني

كان من الواضح أنَّ الرئيس السابق حسن روحاني قد حسم أمره، بالترشّح لمجلس خبراء القيادة للمرّة الرابعة وتجاوز تردّده، عندما اتجه بنفسه إلى بناية مركز اللجنة الانتخابية العليا وسجّل اسمه مرشحاً عن طهران، بتأريخ 11 تشرين الثاني الماضي، آخر أيام المهلة الممنوحة للتسجيل، لتبدأ قصة متعدّدة الفصول.

لاريب أنَّ روحاني كان يعيش تردّداً كبيراً يقلّبه بين الإحجام والإقدام، خاصةً بعد أن انقسم فريقه المقرّب إلى اتجاهين، يرى الأول في عدم إقدامه على ترشيح نفسه دالة على ابتعاده عن الصلة الحميمة بالنظام ودخوله دائرة التهميش وربما الغضب، ومن ثمّ فإنَّ تجديد عضويته عبر مجلس القيادة، هو بمنزلة حلقة الوصل التي تعزّز صلته بالنظام وتبقيها حيّة نابضة، كما حصل مع سلفه الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني، حين بقيت رئاسته لمجمع تشخيص مصلحة النظام هي حلقة الوصل الدنيا، أو كما هو حاصل الآن مع سلفه الرئيس أحمدي نجاد، إذ باتت عضويته في المجلس نفسه كشخصية حقيقية اختارها المرشد وسمّاها بنفسه، هي الصلة الوحيدة له مع النظام السياسي، وإن كانت باهتة وضعيفة.

أما الاتجاه الثاني من بين أنصاره، فقد حسم رأيه بضرورة عدم ترشّحه، حفظاً لرأسماله الشعبي والسياسي، وسط توقعات بعزوف الناس عن هذه الانتخابات، وقد كان هذا أيضاً هو رأي التيارات الإصلاحية برمزياتها وأحزابها الكبرى المتمثلة بجبهة الإصلاحات، ورئيستها الحالية السيدة آذر منصوري، (رئيس حزب "اتحاد ملت") حين صرّحت علناً برأيها الرافض لمشاركة روحاني.

لم يكن رأي الاتجاه الأوّل من أنصاره هو المرجّح الأوحد لقرار روحاني، بل كان وراء ترشّحه أيضاً، توصية القادة الخمسة الكبار لما يطلق عليه بتيار الاعتدال والإصلاح، عندما قدّم (محمد خاتمي وحسن الخميني وناطق نوري واسحاق جهانگيرى) في آخر اجتماع بحضور روحاني، توصية مؤكّدة له لكي يرشح لمجلس القيادة، زاد من وزنها رأي (علي لاريجاني) وقد وافقهم الرأي نفسه ضمن مشورة خاصة قدّمها لروحاني. ومن المؤكّد أنَّ هناك أسماء أُخر طلبت منه الترشح بالإضافة إلى فعاليات حزبية بارزة على رأسها حزب كوادر البناء (كارگزاران) التابع لنهج رفسنجاني، وحزب الاعتدال والتنمية (اعتدال وتوسعه) المقرّب من روحاني نفسه، وحزب صوت الإيرانيين (نداى ايرانيان)، وهذا ما حصل.


من هو روحاني؟

سؤالٌ نريد له أن يكون مفتاحاً لكي نعرف أنَّ هذا الرجل كان في الواجهة دوماً، وبرز اسمه بين صفوف الخطّ الأول والثاني على مدار أربعة عقود ونصف العقد.

بلغة الأرقام وبعيداً عن التفاصيل؛ حقق روحاني عضوية البرلمان في خمس دورات (من مجموع 11 دورة في عصر الجمهورية، كلّ دورة أربع سنوات) كان في بعضها نائباً لرئيس البرلمان. بالإضافة إلى عضوية دورات ثلاث لمجلس خبراء القيادة (مدّة الدورة الواحدة ثماني سنوات) هي الدورات الثالثة والرابعة والخامسة، وهي الحالية، بالإضافة إلى دورتين رئاسيتين (2013 - 2021م). وقد مرّ في كلّ هذه المواقع باختبارين مزدوجين رسمي وشعبي؛ الأول اختبار المرور من نافذة رقابية شديدة الحساسية والصرامة، هي مجلس صيانة الدستور (شوراى نگهبان) والآخر هو اختيار الاقتراع الشعبي المباشر، وقد نجح بهما جميعاً، بل حقّق أرقاماً قياسية بعضها نادر، كما حصل في رئاسته الثانية عندما تجاوزت أصواته أكثر من (25) مليوناً.

على المستوى العسكري والأمن الستراتيجي، شغل إبّان الحرب الإيرانية- العراقية موقع المسؤول عن القوّة الجوية، ثمّ عمل إلى جانب هاشمي رفسنجاني وكيلاً له، عندما فوّض السيد الخميني لرفسنجاني مهمّة إدارة ملف الحرب وعيّنه قائداً عاماً للقوات المسلحة بالوكالة، بناءً على اقتراح من المرشد الحالي. بيدَ أنَّ الأهمّ من ذلك موقعه المكين في الأمن القومي على مدار (33) سنة تقريباً. فمنذ تأسيس المجلس الأعلى للأمن الوطني في الجمهورية الثانية (جمهورية ما بعد الخميني) بمقتضى التعديل الدستوري عام 1989م؛ أسّس حسن روحاني الأمانة العامة لمجلس الأمن الوطني وأصبح سكرتير هذه الأمانة، بناءً على تكليف الرئيس رفسنجاني. 

لكنَّ الأهمّ من "الأمانة" وإلى جوارها؛ شغل موقع ممثل المرشد في المجلس، وبقي محافظاً على الموقعين معاً لمدّة (16) سنة، هي مدّة رئاسة رفسنجاني وخاتمي. وعندما أقصاه الرئيس أحمدي نجاد (2005 - 2013م) من سكرتارية الأمانة، أبقى عليه المرشد ممثلاً له في المجلس، إلى أن أصبح رئيساً للجمهورية (2013 - 2021م) فصار بحكم الدستور رئيساً لمجلس الأمن الوطني، لتكون حصيلة تصدره لمواقع المسؤولية العليا في هذه المؤسّسة الستراتيجية أكثر من اثنين وثلاثين سنة (1989 - 2021م) أمضاها بين تمثيل المرشد وسكرتارية الأمانة العامة ورئاسة المجلس نفسه.


برقية الحرب

تحفل الحياة السياسية لروحاني بسجلٍ مليء بمواقف حرجة مرّ بها بلده، وكانت له أدوار مميّزة. من ذلك أنَّ هاشمي رفسنجاني كان قد أعلن بعد وفاة السيد الخميني (3 حزيران 1989م) حالة الطوارئ القصوى في القوات المسلحة بصفته القائد العام للقوات المسلحة بالوكالة، وفيما كان مشغولاً بإدارة ملف خلافة السيد الخميني كان نائبه حسن روحاني مقيماً في مركز القيادة، وقد تركه وهو يحمل بيده برقية سرية إلى رفسنجاني تفيد بأنَّ (صدام) قد يفكر بشنّ هجوم عسكري مباغت ضدّ إيران، بعد أن رصدت الاستخبارات العسكرية حركة (600) دبابة عراقية صوب الحدود الإيرانية.

كان مجلس خبراء القيادة في حال الاستراحة عندما وصل روحاني حاملاً البرقية السرية. ومع بداية الجلسة التي كان يديرها رفسنجاني بصفته نائب رئيس مجلس خبراء القيادة، وقبل الافتتاح الرسمي خاطب رفسنجاني المجتهدين الحضور من أعضاء المجلس، بقوله: هناك خبر مهم يحمله السيد روحاني، ثمّ طلب منه أن يقرأ البرقية على الحضور، وقد فعل.

تكاد تجمع شهادات مختلف الأطراف، أنه كان لبرقية روحاني أثر مهمّ في حسم خيار الخلافة باتجاه المرشد الحالي. لقد كان التجاذب بل الاستقطاب هو الحاكم على أجواء المجلس، وهي موزّعة بين اتجاه يُطالب بالقيادة الفردية، إذ كان مرشّح اليمين المحافظ هو المرجع الديني الراحل السيد گلبايگاني، مقابل مرشح اليسار ممثلاً بأحمد نجل السيد الخميني، على حين كان رفسنجاني والمرشد الحالي وعدد آخر من بينهم رئيس القضاء عبد الكريم أردبيلي، يتبنون خيار مجلس القيادة الجماعية المكوّن من شورى ثلاثية أو خماسية. خبر روحاني وما بثه من مخاوف وحذر، ساعد على حسم الأمور باتجاه القيادة الفردية، وبعد إسقاط خيار المرجع گلبايگاني وعدم رغبة أحمد الخميني، سارت الأمور بالاتجاه الذي انتهت إليه فعلاً.


مواقف حرجة

من المواقف الحرجة التي مرّت بها الجمهورية الإسلامية هي احتجاجات الحي الجامعي وانتفاضة الطلاب صيف عام 1999م، وقد تحوّلت إلى اضطرابات واسعة على أثر المعالجة الأمنية القاسية. كان روحاني يومها خارج البلاد وعندما حطّ في المطار أسرعت إليه شخصية يسارية، وقدّمت له النصيحة التالية: (لا تتدخّل، فإنَّ كلّ شيء قد انتهى).

يسجّل لروحاني أنه لم يصب بالإحباط واليأس، بل التقى المرشد بصفته سكرتير الأمن الوطني وممثله في المجلس، وطمأنه وأعطاه كلمة بأنَّ النظام سيتخطى هذه الأزمة. ما اقترحه روحاني على أركان السلطة، هو أن يبادر أحد الكبار لمخاطبة الطلبة الثائرين من خلال الحضور المباشر بينهم، فتحاشى ذلك الرئيس خاتمي تحت ضغط اليسار المساند للاحتجاجات، وامتنع رفسنجاني، فقام بالمهمّة حسن روحاني، فدخل هذا الموقف تأريخه السياسي بعد أن نجح فيه.

مما يسجله له مناصروه دوره الاستقطابي في مجلس الأمن الوطني ومركز الدراسات الستراتيجية، وأنه صاحب "الستراتيجية الثلاثية"، فقد دأب على أن يعقد لهذا الغرض، جلسات من الجناحين البارزين، استضاف في أحداهما المنظر اليساري الإصلاحي المعروف سعيد حجاريان، إلى جوار المفكر اليميني المحافظ المشهور محمد جواد لاريجاني. لقد كان من بين أهمّ مخرجات هذه الحلقات النقاشية المتضادّة، صياغة ستراتيجية أُعتمدت داخل مجلس الأمن الوطني، على أساس ركائز ثلاث، هي:

1ـ محور التنمية، وأساسه ستراتيجية تنمية إيران.

2ـ محور التوسعة، وأساسه ستراتيجية توسيع نطاق الثورة الإسلامية ومدّ نفوذها.

3ـ محور الأمن، وأساسه ستراتيجية صناعة القوّة العسكرية والأمنية.

الملاحظ أنَّ الآلية الأساس في الستراتيجية الأولى، هي الاقتصاد. وفي الثانية هي السياسة؛ وفي الثالثة هي القوّة العسكرية وما يعضدها.


بين الشيخين

بين الشيخ حسن روحاني والشيخ هاشمي رفسنجاني قرابة فكرية دفعتهما للمزيد من الوحدة في الأهداف والشراكة السياسية، وهذه القرابة هي ما يفسّر بعض دوافع الهجوم المكثف من قبل التيار الأصولي الأقلّي المتطرّف ضدّ روحاني، لاسيّما إبّان رئاسته الثانية (2017 - 2021م) وبخاصة في المدّة الأخيرة بعد ترشحه لمجلس خبراء 

القيادة.

كان من بين آخر المعارك التي قادها رفسنجاني قبل وفاته، هي إدارته لرئاسيات عام 2013م، واستطاع من خلالها تعديل موقعه بعد هزيمته في رئاسيات عام 2005م أمام أحمدي نجاد، وموقفه من احتجاجات "الحركة الخضراء" عام 2009م، وما أفضى إليه من تهميشه وتصاعد حلقات الغضب الولائي ضدّه. ففي هذه المعركة تحرّك رفسنجاني وأخذ إلى جواره حسن روحاني، حين رشّح للرئاسة وطلب من روحاني أن يرشّح تحسّباً لأي طارئ. وعندما رشّح رفسنجاني قرر روحاني سحب ترشيحه، لكن رفسنجاني أصرّ على بقائه، وقد أصاب الرأي عندما رفض فقهاء مجلس صيانة الدستور (شوراى نگهبان) أهلية رفسنجاني، وفاز روحاني بالرئاسة، فكسب الشيخان المعركة معاً، أمام خصومهما والمنافسين.

منطق السياسة يدفع بصاحبه إلى اللعب حتى آخر الشوط، لمراكمة مكاسبه وكسر قوّة الخصم. وهذا هو بالضبط ما دفع رفسنجاني إلى معركة ثانية قبل وفاته بسنة طمعاً بفوز جديد، عندما دخل شخصياً مرشحاً لعضوية الدورة الخامسة من مجلس خبراء القيادة، على رأس قائمة، عنونها "خبراء الشعب" (خبرگان مردم) وكان حسن روحاني إلى جواره مرشّحاً للمجلس نفسه.

نزلت النتائج كصاعقة على رؤوس الأصوليين وهم يشهدون هزيمتهم الكاسحة وفوز تيار الوسطية والاعتدال. بلغة الأرقام، ونحن نتحدّث عن نتائج طهران فقط (16 عضواً) فقد فازت الأسماء المحسوبة على الشيخين أو على التيار الوسطي المعتدل، وتصدّر النتائج هاشمي رفسنجاني (بأكثرية: 2,305,419 صوتاً). كما شهدت هذه الانتخابات هزيمة مرّة للشيخين اليزديين؛ محمد يزدي ومحمد تقي مصباح يزدي، على حين استطاع الشيخ الثالث أحمد جنتي أن يأتي بالمرتبة الأخيرة، ويفوز بصعوبة ليحجز مقعده رئيساً لمجلس الخبراء، قبل استقالته من الرئاسة أخيراً، بعد أن تجاوز سنّه (97) عاماً.

كانت هذه آخر مناورات رفسنجاني قُبيل وفاته أوائل عام 2017م، بالاشتراك مع صنوه في المدرسة السياسية حسن روحاني. لقد سجّلت مشاهد السياسة في إيران حضوراً مكثفاً لروحاني خلال المدّة الأخيرة، ما أثار حسيساً بل ضجيجاً بين الإصلاحيين لاسيّما متطرفيهم، بأنَّ روحاني يريد الزحف على مساحة خاتمي ومصادرة دوره لصالحه، وهذا خطأ. فروحاني حين يفكر بهذه الطريقة إنّما يتحرّك وفي ذهنه، دور رفسنجاني وليس خاتمي.


زلزال الرفض

روحاني هذا الذي عرضنا لمحات سريعة من أدواره في السياسة الإيرانية، رفض مجلس حماية الدستور (شوراى نگهبان) أهليته لعضوية خبراء القيادة، رغم أنه وافق على أهليته عشر مرّات قبل ذلك، لمواقع مختلفة مرّت علينا، بما فيها موقع الرجل الثاني في النظام بعد المرشد، وثلاث دورات متتالية لمجلس الخبراء نفسه.

ليس من الشجاعة أن يتهرّب المحلل من نتائج تحليله، أو يتنصّل من آرائه ومفاهيمه ومصطلحاته، ويرمي بمسؤوليتها على الآخرين. لكن أُسجّل للحقيقة والإنصاف، أنَّ "الزلزال" ليس من عندي، بل هو مصطلح أستُعمل في إيران نفسها وصفاً لرفض روحاني، هذا الرفض الذي أشعل ردود فعلٍ دينية وسياسية واجتماعية وإعلامية واسعة الكثير منها عنيف، منذ أن تأكد يوم الأربعاء 24 كانون الثاني الحالي، بإصدار روحاني بيانه بهذا الشأن، واستمرّ يتصدر الحوادث على مدار أيام، بحيث تراجعت غزة إقليمياً، والصعود الصاروخي للدولار وبقية الشؤون المحلية إلى الوراء، ليتمحور جلّ الاهتمام حول الشيخ المرفوض.


السقيفة ونظرية التفسير

لماذا رُفض؟ لا نعلم على وجه الدقّة، ومن ثمّ ليس أمامنا سوى التحليل. في أسوأ الاحتمالات ذكروا أنَّ لروحاني "استعداداً" لصناعة "سقيفة" بشأن مستقبل خلافة المرشد في إيران، وتسويقها عبر مجلس خبراء القيادة. كما ذكر الناشط الأصولي محمد مهاجري، أنَّ ملف الرفض صُمّم وتمّت هندسته في باستور (القصر الرئاسي) تحت إشراف أقرب المقربين إلى إبراهيم رئيسي. ومن التفسيرات ما ذهب إليه البعض، بأنَّ الرفض هو مقدّمة لمحاكمته ضمن ملفات أعدّتها لجنة (المادة 90) في البرلمان، بعد نزع الحصانة عنه بانتهاء عضويته في الدورة الحالية لمجلس القيادة.

لكن ما أراه أنَّ المسألة تتحرّك في نطاق الصراع بين التيارات المتنافسة في الساحة الإيرانية. فالتيار الحاكم الذي يصفه روحاني بالأقلي والمتطرّف، يقوم بهندسة المشهد دون أن يسمح بالمغامرات والاحتمالات غير المحسوبة. بلغة الأرقام رشّح لمجلس خبراء القيادة (510) مرشحين، رُفضوا جميعاً عدا (138) قدّم (120) منهم استئنافاً ضدّ رفضهم، لم أجد من بينهم حتى اللحظة اسم 

روحاني.

على سبيل المثال، ابتعد إبراهيم رئيسي عن طهران درءاً لأي احتمال يضرب فوزه، ورشّح عن محافظة خراسان الجنوبية، وقد ضمن فقهاء حماية الدستور فوزه، بعد أن أسقطوا من دائرته ثلاثة مرشحين، بحجة عدم الأهلية، وانسحب الرابع، ما يعني أنَّ صوتاً واحداً فقط يكفي لفوز رئيسي، بحسب إيماءة عميقة للصحفي أحمد زيد آبادي.

كلّ طرف يرسم خياراته بحسب إمكاناته، ومن هو داخل السلطة يملك الإمكانات والخيارات، وهذه هي لعبة السياسة في بلدان العالم الأجمع دون استثناء. والسيناريو الأرجح لهذا التيار، هو صرف رئاسة مجلس الخبراء إلى إبراهيم رئيسي (هو الآن رئيس بالوكالة، بعد استقالة أحمد جنتي) لكنَّ هذا الأمر ليس سهلاً بوجود المنافسين ومنهم حسين بوشهري.

أما الخطة الأساسية لهذا التيار فهي المبادرة الآن وفي حياة المرشد الحالي، إلى انتخاب المرشد المستقبلي، على غرار ما حصل مع منتظري على حياة السيد الخميني، وبذلك فإنَّ حذف روحاني ليس له شأن بخلفيته أو أهليته، بقدر ما له صلة بتأمين خيارات المستقبل.

أخيراً، هل رفض روحاني يعني نهايته؟ يجيب أحد مستشاري الرئيس الأسبق نجاد، عبد الرضا داوري: أنَّ (روحاني أثبت في موقفه من الرفض، أنه سياسي كبير سيغيّر وجه المنطقة)؟!.