علي حنون
عصب خسارة منتخبنا الوطني أمام الأردن في ربع نهائي بطولة آسيا في رأس الحكم الإيراني الأصل فقط، لن يأخذنا إلى جادة تصحيح المسار، ولن يمنحنا فسحة منطقية وواقعية للوقوف على الأسباب العميقة للتعثر، نعم لدينا عديد المُؤشرات على الحكم، الذي ظلمنا في غير قرار، لكنَّ هذا الأمر لا يلغي أنَّ منتخبنا سواء كتشكيل أو كمهارة فردية لم يكن على الموعد ولاسيما في الشوط الأول.. ففي مواجهات هذه البطولة عموماً وفي مقابلة الأردن تحديدا، حمّلنا اللاعبين وزر أثقال لا طاقة لهم بها، بعد أن أفرغنا في فواصل عدة، المنافسات من فحواها الرياضي وأسرجنا لهم الخيل ودفعناهم- مُرغمين- لاستلال سيوفهم من أغمادها وركبنا لهم أدواراً مزدوجة، وجعلناهم بمواجهة رغبة الحكومة بالانتصار وجيّشنا لهم الجماهير والبلوكرية والفيسبوكية والتيكتوكرية والمشاهير، وفتحنا للجميع أبواب مقر إقامتهم، فتواجد بينهم أكلة العنب والتشريب، وصادرنا سوق واقف لأيام عبر تجمعات واحتفالات وأهازيج وكل ذلك من أجل مباريات ومنافسات عُرفت بأنها حبية.
لا ينبغي أن نلوم لاعبين شباباً يجدون في ارتداء قميص المنتخب الوطني شرفاً وفرحة، على ما جرى لأنهم تواجدوا في الدوحة من أجل تمثيل العراق في بطولة رياضية فيها الفوز وفيها التعادل وكذلك الإخفاق، وإنما اللوم الكبير يقع على عاتق الشركاء، الذين لا يتقبل جُلّهم أنَّ كرة القدم فعالية رياضية من يتقن التعامل معها بحساباتها سيحصد النجاح ومن يتعاطى معها فقط بالتحشيد والصراخ والأناشيد لن تتقبله.. اقلبوا صفحة البطولة واقتربوا بالمنتخب في قادم المناسبات من الأجواء النقية لكرة القدم، ولا تجعلوا لاعبينا يبدوا وكأنهم مُجرد (أدوات) يلعبون طلباً للغنائم والمكارم، لأنهم بشغفهم الوطني، اكبر وأجل من ذلك، وبالتالي هم أبناء هذا البلد، الذي يتشرف الجميع ويتطلعون لأن تُتاح لهم الفرصة المناسبة لتمثيله في أي محفل للتعبير عن رغبتهم وقدرتهم على خدمته وإعلاء شأنه ورايته. في النهاية، أخفقنا وخرجنا لأننا لم نُحسن التصرف فنيا وبقيت هفواتنا، ولاسيما في منطقة قلب الدفاع حاضرة وغطت فعاليات التحشيد الإعلامي والجماهيري على المستوى العام للمنتخب ولعل فوزنا على اليابان جاء نتيجة تعاطينا مع المقابلة على أنها مباراة كرة قدم فقط، بينما وضعنا مباراتنا مع الأردن في خانة خاصة وجعلنا المنتخب بمواجهة مسؤولية كبيرة جداً صادرت منهم نسبة كبيرة من التركيز وبالتالي ولادة الكثير من الأخطاء الفردية التي ألقت بظلالها السلبية على الأداء الجماعي.
مستوى المنتخب الأردني في المقابلة، كان متواضعاً لكننا ظهرنا بحال أسوأ، ولعل التواجد الجماهيري والفعاليات اليومية التي شهدتها الدوحة والتي سلمت سلفاً بظفر منتخبنا، كانت هي الأخرى من أسباب التأثير السلبي في لاعبينا، ما يعني أننا لا ينبغي أن نضع كامل اللوم على عاتق اللاعبين وإنما جميع الشركاء يتقاسمون مسؤولية الإخفاق ومغادرة بطولة كاس آسيا.. لذلك لم يعد الحديث والخوض في شكليات هذا الأمر مهما، وإنما الأهم في الموضوع هو تحديد الأسباب الجوهرية، التي أطاحت بآمال وتطلعات الجميع ودفعت بمنتخبنا الوطني، إلى خارج أسوار البطولة القارية، لأنَّ في هذه الموضوعة البداية المطلوبة للخوض في الحلول الناجعة لتصحيح المسار وإعادة عجلة الأسود إلى سكة التوفيق والفلاح، لاسيما أنَّ هناك استحقاقات مهمة تنتظر منتخبنا الوطني وفي طليعتها مواصلته للتصفيات القارية المؤهلة لمونديال 2026.