رؤية يُحتذي بها

الرياضة 2024/02/15
...

علي حنون

الإفادة والاعتبار من تجارب الأشقاء والأصدقاء، في المضمار الرياضي، ولاسيما إذا أثبتت نجاحها على أرض الواقع، هو أمر فيه من الحلم والحكمة الكثير، لأنه يُوضع في خانة الرغبة في اختزال المحطات وإثبات الجدارة واستنساخ صفحات الفلاح، التي وُفق الآخرون في رسمها، ويقيناً مع إضفاء الصبغة واللمسة العراقية عليها، ولا شك أن في ذلك دليلاً يُؤكد على أن المعنيين في منظومتنا الرياضية يمتلكون الحرص والإصرار اللذين يُعيناهم في السير على ذات الطريق من أجل قيادة كرتنا الوطنية لتحقيق النجاح، ولعل أقرب تجربة يُمكن توريدها هي السياسة القطرية، التي أسهمت في إيصال الرياضة عموماً وكرة القدم على وجه التحديد إلى العالمية سواء في جانب التنظيم أو حتى في جانب التطور في الضفة الفنية والاحتراف في العمل الإداري.
وبلا ريب، فإن التجربة القطرية في التعاطي مع شؤون وشجون المنتخب الوطني لكرة القدم، وإن كانت تجربة فتية قياساً بعمق جذور تجارب الآخرين، إلا أنها ،وبحسب مُعطيات الواقع، تُعد الأكثر توفيقاً وقدمت محطاتها وبيّسر براهين احترافيتها ومهنيتها العالية، وليس غريباً أن نقف - جميعاً - على ثمار غرسها عديد النتائج ليس فقط من خلال كسب لقب البطولة القارية للنسختين الأخيرتين وبلوغ شواطئ المونديال، الذي أبهرت من خلالها الدوحة العالم بعملية استضافته، وإنما هناك المشاريع التمكينية والأخرى المُتصلة بالبني التحتية، إلى جانب فلسفة تسويق بلد، من باحة كرة القدم.
الرؤية القطرية ،تستند في فلسفتها، على فصل المسؤولية وتعضيد أمر التخصص والالتزام الطوعي بحدود مهام كل الحلقات والشركاء وهو ما جعل نجاح كل حلقة يُضيف رصيداً مُعززاً، في حساب وحدة العمل التكاملي، وكل ذلك جعل الدوحة رائدة في عمليات التنظيم والإعداد لاستضافة الاستحقاقات الدولية، وكذلك رفع قدرة جميع العاملين في المفاصل المختلفة في قيادات منظومة كرة القدم، إلى المستوى الذي مَكن الفعاليات القطرية من قدراتها وتحريرها لإعطاء الصورة الحقيقية عن الحجم، الذي تستطيع تلك الفعاليات أن تُؤديه والدور، الذي يُمكن أن تلعبه، من أجل إصابة الظفر وتحقيق التفوق في جانبي الإدارة والتنظيم وكذلك الحرص على أن تكون هناك رؤية تخطيط ستراتيجية لإثبات القدرة على النجاح.
في كل بطولة تُضيّفها قطر لم نسمع تصريحاً لرئيس أو أعضاء الاتحاد مع أن عملهم كبير ومُستدام، لكنه يبقى تحت الظهور، كما أننا لم نر ظهوراً إعلامياً أو صحفياً للمدرب ولا للاعبين ولا حتى أي خبر عما يجري في أروقة أسرة المنتخب الوطني، وكذلك الإعلام القطري بقنواته وتفصيلاته وامتداداته العالمية يبدو باستمرار وكأنه يسير وفق منهج مُوحد لا يُحيد عنه، ومعهم الجماهير، التي ومع الرمزية الكبيرة، التي يحتلها منتخبها، إلا أنها في النهاية تعتبر الأمر فعالية رياضية تحزن قليلاً لكنها لا تُخوّن ولا تجرح ولا تذهب بمرارة أي تعثر إلى أبعد من الحدود الرياضية ومُؤازرتها تنتهي - كسلوك جمعي - بمغادرة الملعب، حقاً أنها فلسفة يسيرة وشفافة وجميل أمر الاقتداء بها.