موسكو: وكالات
قال القائد العام الجديد للقوات المسلحة الأوكرانية أولكسندر سيرسكي أمس السبت، إن قواته انسحبت من مدينة أفدييفكا في شرق البلاد لتجنب حصارها من القوات الروسية، بعد معارك عنيفة دامت أشهراً عدة للسيطرة عليها.
وكتب سيرسكي على موقعي "إكس" و"فيسبوك" في وقت مبكر السبت: "بناء على وضع العمليات حول أفدييفكا، ومن أجل تجنب التعرض للحصار، وللحفاظ على أرواح وصحة جنودنا، قررت سحب وحداتنا من المدينة، والتحرك للدفاع عن مواقع أكثر ملاءمة"، مشيرا إلى أن الانسحاب جاء بعد شهور من الهجمات الروسية الشديدة.
من جهته أعلن قائد المنطقة الجنرال الأوكراني أولكسندر تارنافسكي على "تليغرام": "وفقاً للأمر الذي تلقيناه، انسحبنا من أفدييفكا إلى مواقع معدة مسبقاً".
وكان تارنافسكي اعترف قبل ذلك بأن القوات الروسية أسرت العديد من جنوده في أفدييفكا، حيث تتمتع هذه القوات "بتفوق على صعيد العدد والمدفعية والطيران"، وقال إن المدافعين عن أفدييفكا "كانوا ينتقلون عند الضرورة إلى مواقع جديدة. المؤسف أنه خلال إحدى عمليات الانتقال هذه، أُسر العديد من جنودنا".
وهذا أكبر انتصار رمزي لروسيا بعد إخفاق الهجوم المضاد الذي شنته كييف الصيف الماضي، ويمثل أكبر تغيير في جبهات القتال منذ استيلاء القوات الروسية على باخموت في أيار 2023.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تعهد الخميس الماضي ببذل "كل ما هو ممكن" لإنقاذ قواته على الجبهة الشرقية، ولا سيما في أفدييفكا، بعدما وصف كلٌّ من الجيش الأوكراني والإدارة الأميركية الوضع بأنه "حرج".
وبعد إخفاق الهجوم المضاد الكبير الذي شنته أوكرانيا في الصيف، صار الروس المبادرين بالهجوم على الجيش الأوكراني، الذي يواجه صعوبات في تجديد قواته ويفتقر إلى الذخائر.
ولأفدييفكا قيمة رمزية مهمة، فقد سقطت لفترة وجيزة في 2014 في أيدي الانفصاليين المدعومين من موسكو، قبل أن تعود إلى سيطرة كييف، فضلاً عن قربها من مدينة دونيتسك معقل أنصار روسيا منذ 10 سنوات.
وتعرض جزء كبير من المدينة للتدمير، لكن نحو 900 مدني ما زالوا يقيمون فيها وفق السلطات المحلية. وتأمل موسكو أن تؤدي السيطرة عليها إلى تأمين دونيتسك من القصف الأوكراني المنتظم.
من ناحية ثانية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، أنه "تم إحباط محاولة من قبل نظام كييف لتنفيذ هجمات إرهابية جديدة بـ33 طائرة من دون طيار استهدفت الأراضي الروسية"، وأضافت: "تم اعتراض وتدمير 4 مسيرات في مقاطعة بيلغورود، و4 في مقاطعة فورونيج ومسيرة في مقاطعة كورسك و18 مسيرة في مقاطعة بريانسك و6 في مقاطعة كالوغا".
وقبل أيام من الذكرى السنوية الثانية لبدء الحرب، تواجه أوكرانيا تحديات عدة: هجمات القوات الروسية، وتعثر المساعدات العسكرية الأميركية، ونقص المقاتلين والأسلحة والذخائر.
في المقابل، تعتد روسيا بنشر 600 ألف عسكري على الجبهة، واقتصادها المكرّس بالكامل للمجهود الحربي، الذي أخفقت العقوبات الغربية في إخراجه عن مساره.
وفي هذا السياق المتوتر، بدأ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي جولة أوروبية للمطالبة بزيادة الدعم العسكري، مع تعهدات بتقديم دعم عسكري بنحو عشرة مليارات دولار خلال العام 2024.
ووقّع زيلينسكي في برلين أمس الأول الجمعة، مع المستشار الألماني أولاف شولتس اتفاقاً أمنياً وصفه الأخير بـ"خطوة تاريخية"، مضيفاً أن ألمانيا ستواصل دعم أوكرانيا في مواجهة الحرب الروسية "طالما اقتضى الأمر ذلك".
وانتقل الرئيس الأوكراني بعد ذلك إلى باريس لتوقيع اتفاق مماثل مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمطالبة بزيادة الدعم العسكري لأوكرانيا، قبل أن يشارك في مؤتمر الأمن في ميونيخ أمس السبت، حيث يلتقي كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي.
وتعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتقديم "ما يصل إلى ثلاثة مليارات يورو" كمساعدات عسكرية "إضافية" لكييف هذا العام.
وتقترب الحرب الروسية على أوكرانيا من إتمام عامها الثاني، ففي 24 شباط 2022، أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، وتشترط لإنهائها تخلي كييف عن خطط الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو ما تعدّه كييف تدخلا في سيادتها.