غزة: أ ف ب
يعيش عشرات آلاف الفلسطينيين في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة أوضاعاً كارثية وصعبة، بعد تفشّي الجوع الذي دفع أبو جبريل إلى ذبح حصانَيه الإثنين لإطعام أطفاله وجيرانه.
ويقول أبو جبريل (60 عاماً): "لا خيار أمامنا إلا ذبح الحصان لإطعام الأطفال، الجوع يقتلنا، لا توجد أية أنواع من الخضروات، ولا طحين ولا مياه شرب". يضيف: "لدي حصانان كنت أشتغل عليهما في أرضي الزراعية في بيت حانون، دمّروا بيتي وجرّفوا أرضي. قرّرت ذبح الحصانين لمساعدة عائلتي وعائلات أقاربي وجيراني في الحصول على الطعام" .
وفرّ أبو جبريل من بيت حانون القريبة عندما اندلع النزاع. وبات منزله مع عائلته عبارة عن خيمة قرب مدرسة الفالوجا التابعة للأونروا والتي تؤوي نازحين.
كيف يمكن لـ 35 شاحنة أن تكفي احتياجات 2,3 مليون شخص يعتمدون في كل شيء على ما يدخل إلى غزة من مواد الإغاثة؟
قبل الحرب، كانت المياه الملوثة وانقطاع التيار الكهربائي مشكلة في المخيم المكتظ بالسكان. وكان الفقر الناجم عن ارتفاع معدلات البطالة مشكلة أخرى بين سكانه الذين يزيد عددهم عن 100 ألف نسمة.
واليوم، بدأ الطعام ينفد في ظل عدم قدرة وكالات الإغاثة على الوصول إلى المنطقة، جرَّاء القصف وسرقة الشاحنات القليلة التي تحاول العبور.
وأفاد برنامج الأغذية العالمي هذا الأسبوع بأن فرقه أبلغت عن "مستويات غير مسبوقة من اليأس"، بينما حذرت الأمم المتحدة من أن 2,2 مليون شخص باتوا على شفا المجاعة.
وفي المخيم، ينتظر أطفال بترقب بينما يحملون علباً بلاستيكية وأواني طهي مكسرة للحصول على الطعام القليل المتاح.
ومع تضاؤل الإمدادات بالغذاء وارتفاع الأسعار، يشكو شاب من أن سعر كيلو الأرز ارتفع من سبعة شيكلات (1,90 دولار) إلى 55 شيكلاً. ويقول بغضب، مشيراً إلى طفل بجانبه: "نحن الكبار لا يهمنا.. أما الصغار الذين تبلغ أعمارهم أربع وخمس سنوات، فما الذي ارتكبوه من ذنب كي يناموا جائعين ويستيقظوا جائعين؟" .
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من أن النقص المقلق في الغذاء وتزايد سوء التغذية والأمراض، قد يؤديان إلى "انفجار" في وفيات الأطفال في غزة.
ويعاني واحد من كل ستة أطفال دون الثانية من العمر في غزة من سوء التغذية الحاد، وفق تقديرات لمنظمة اليونيسف نُشرت في 19 شباط.
وفي محاولة لسدّ جوعهم، اعتاد سكان قطاع غزة على تناول بقايا الذرة الفاسدة والأعلاف الحيوانية غير الصالحة للاستهلاك البشري وحتى أوراق الشجر.
تقول امرأة موجودة في المخيم" "لا أكل ولا شرب.. ولا طحين"، مضيفة "بدأنا نتسول من الجيران، ولا شيكل في الدار. ندق الأبواب في الحارة ولا أحد يعطينا مالاً" .
وعلى مدى الأسابيع والأشهر الماضية، أدى القصف الإسرائيلي المتواصل إلى تحويل غزة إلى دمار.
لم يخبر جبريل أحداً بقراره ذبح الحصانين. طبخ اللحم مع الأرز، وقدمه لعائلته وجيرانه. ورغم الحاجة، يقول إنه لا يزال قلقاً بشأن ردات فعلهم. ويردف قائلاً: "لا أحد يعرف أنه يأكل لحم حصان".