د. عدنان لفتة
دروس بالغة الأهميَّة قدّمها لنا حكام الفار في الجولتين الأخيرتين من دوري نجوم العراق خلاصتها أننا يجب أن نتأنى كثيراً في اتخاذ القرارات المصيرية كي لا يُظلم فريق أو يُحبط المشجعون لأخطاء كان يمكن تجاوزها وعدم الانجرار إليها.
الفار يعلمنا أن ليس كل احتكاك يمكن أن يقود إلى ركلة جزاء ولا كل لمسة يمكن احتسابها مخالفة صريحة، إنَّ قانون كرة القدم واضح ولابد من التعامل بروحه لأجل مباريات سليمة تعطي لكل ذي حق حقه بلا ظلم أو سرقة للحقوق.
الفار يتطلب عقولاً واعية تديره بغض النظر عن العمر والتجربة التحكيمية، مطالبة بالاستشارة والاتفاق بالآراء بين أعضاء الطاقم التحكيمي لاتخاذ قرارات دقيقة بعيدة عن التعسف والتسرع وعدم الدراية بانعكاساتها على النتائج أو الجمهور وربما تثير الشغب والأجواء السلبية في ملاعبنا.
نحتاج إلى تعاون كامل من إدارات الأندية ومدربيها وإدارييها ولاعبيها لاحترام القرارات والامتناع عن أي تصرف خادش للروح الرياضية ومنها إصدار بيانات الضغط والتأليب على الحكم قبل خوض المباريات.
الحل الأمثل لحماية الحكام يتجسد في خطوة بسيطة تكمن في عدم إعلان أسماء الهيئات التحكيمية في وسائل الإعلام وتركها سريّة ما يؤمن حماية مطلقة للحكام ويبعدهم عن التأثيرات والضغوطات والتهديدات ولعل تجربة الدولي مهند قاسم مع إدارة الجوية تمثل دليلاً دامغاً على حجم الضغوطات التي مورست ضده ليفقد صورته وقوته في مباراة جماهيرية هي الهوية لكل من ينشد التألق وإظهار إمكانياته.
الفار مطالب بدعم كبير من اتحاد الكرة للحكام ولجنتهم في القرارات المتخذة ليس من باب النقابية أو عدم الاعتراف بالأخطاء الحاصلة بل من باب التعلم واكتساب الخبرة دوماً للوصول إلى طموحات أكبر.
الفار يحتاج إلى عناصر خبيرة للعمل فيه وطلب استشارتها كي لا يقع الحكام الشباب في فخ الأخطاء وأن يحرصوا دوماً على قيادة مباريات ناصعة البياض مليئة بالعدل وقوة الشخصية وحسن تطبيق القانون وعدم مجاملة الكبار من اللاعبين والأندية، والحزم وتحمل المسؤولية والتعامل المهني المهذب القادر على امتصاص غضب اللاعبين ومدربيهم وعدم إثارة التوترات والتشنج في عموم المباريات التي يديرونها.
الفار يعيش تجربته الأولى وقلناها مراراً إنها لن تكون تجربة مثالية ناجحة تماماً، فالأخطاء البشرية موجودة ولا يمكن التهرب منها وإلصاق التهم بالآخرين.
دعمنا متواصل للحكام وغرفة الفار ورفضنا مستمر للتشكيك بنزاهة الحكام واعتبار ما يجري مؤامرة أو عملية مخططة تصب لصالح مساعدة فريق ضد آخر في تتويجه باللقب.
الأخطاء يمكن أن تصيب الجميع ولا يمكن أن يسلم منها أحد ومن المهم التعاون بين الأندية والحكام في تيسير المباريات للعمل على تلافي الأخطاء وتقليلها إلى أقل حد ممكن، إنها كرة القدم الباحثة عن روح رياضية وإنسانية نتقبل فيها الخسارة ولا نبالغ في ردود أفعال الفوز والاحتفالات احتراماً للمنافسة الشريفة والطرف الآخر في الصراع.