«ضياع في خمسة ميل» في اتحاد الأدباء

ثقافة 2024/02/28
...

  بغداد: مآب عامر


أقام نادي السرد في الإتحاد العام للأدباء والكتاب جلسة احتفاء بفوز القاص والروائي حسن السلمان بجائزة الإبداع لعام 2023 عن مجموعته القصصيّة «ضياع في خمسة ميل» بحضور واسع.

بدأ القاص والروائي خضير فليح الزيدي في الجلسة التي أدارها بقراءة فاحصة عن المجموعة المحتفى بها، قائلاً: على المستوى الشخصيّ تعد “ضياع في خمسة ميل” واحدة من أهم المجاميع القصيصيّة التي أطلعت عليها في السنتين الأخيرتين. 

ومن خلال ورقته النقدية ذكر الزيدي أسباب الاهتمام بالكاتب الفائز وأيضا بأدبه وقصصه. وكيف تنعكس الأماكن على سرديات أي كتاب، كما كنا نشم رائحة القصب عند القاص فهد الأسدي، مرورا بأمكنة الغائب طعمة فرمان، كالمدنية وأزقتها وشارع الرشيد والقرية، وأيضا أروقة المحاكم في روايات فؤاد التكرلي، وصولا إلى القروي الفنتازي الروائي حسن السلمان في قصة “غزالة الفجر”، حيث تجسد بوضوح قرويته كما تجلى ذلك أيضا في روايته السابقة. 

ويشير إلى أنّ مجتمع الكُتاب بحاجة إلى قصص بيئية نشم منها رائحة الفجر للحقول، وغير ذلك. وفي هذه القصة التي نجد فيها البنت التي تعشق وتهرب من أهلها خوفا من القتل، أو ما يسمى بغسيل العار سردية استهلكتها السرديات العربية والعراقية المحلية، لكن السلمان هنا ابتكر نهاية غير متوقعة - وعلى الأغلب ربما هو يبتكر بشدة أو يعمل على ايقاعنا أو مقابلتنا لذة النهايات غير المتوقعة. 

معظم قصص مجموعة “الضياع في خمسة ميل” تنتهي بحدث فنتازي غير متوقع، أحيانا يكون التبرير مقنعا، وأحيانا أخرى يكون صادما، أو أن يكون مبتكرا.. ربما لكي تقترب من الحل العالمي للقصة، كما يتابع الزيدي.

ويذكر في قصص السلمان نجد هامش الابتكار.. قصص لاستدعاء الأدب العالمي يعني أكثر من قصة، كما في قصة محاولة فاشلة لمصالحة العالم، ولكن القصة لا تشبه الرواية الثابتة، هي مثل الحكاية التي كانت تتقارب مع حكاية المسخ، هي لا تشبه رواية كافكا، بل صار يتحول بعكس مسار الرواية المعروفة، معنى أنه في المسخ والإنسان يجد نفسه صرصارا، لكن سلمان ابتكر شكلا جديدا أو حكاية جديدة، ولكن فيها شيء من التناص مع هذه الرواية، حيث عمل السلمان على تحول الإنسان ذاته إلى صرصار، وفي طريقه يذهب إلى المجاري وهكذا. 

ويرى أنه لا يمكن تصنيف حسن السلمان في أسلوب واحد، إذ هو المجرب دائما حتى في المجموعة الواحدة، واعتقد هذا كان واضحا “في ضياع خمسة ميل”.

أما المحتفى به القاص حسن السلمان، فقدم شهادة عن تجربته في القصة القصيرة، وكيف أنها لا تختلف عن بقية القصاصين من حيث النشأة الأدبية والتأثر وصولا إلى تحسين الأسلوب، فالجميع أخذ وتأثر بمن سبقه من القصاصين والرواد. أما من ناحيتي، فقد خرجت من المعطف السردي للقاص محمد خضير في الحكاية وسردها، على وجه التحديد مجموعته القصصية الشهيرة “المملكة السوداء” وكذلك التجارب القصصية المميزة كتجربة القاص والروائي أحمد خلف، والراحل عبد الستار ناصر، والقاص عبد الستار البيضاني، والقاص الراحل حمد الصالح، والقاص لؤي حمزة عباس، وغيرهم من أصحاب التجارب القصصية المميزة التي كان لها الأثر الكبير في تكوين شخصيتي، فضلا عن التجارب الذهبية القصصية المعروفة، مثل تجربة القاص المصري الكبير اليوسف ادريس، وكذلك القاص السوري المعروف زكريا ثامر، وغيرهم.

ويميل حسن السلمان إلى الواقعية بأبعادها والمحلية كواجهة يطرح من خلالها الأفكار ووجهات النظر والاشكاليات عبر ثيمات مختلفة تتمحور حول تنوعات الكائن البشري غير المتصالح مع الواقع بسلبياته وهمومه ومآسيه وقهره من خلال شخصيات مركبة ناكرة، كل همها التغريد خارج السرب الاجتماعي المحكوم بمختلف القطاعات والانساق الثقافية القبيحة.

 كشكل عام القصة بشكلها المتعارف عليه كانت البداية التي تأتي تمهيدا أو على شكل صورة سردية، أو مشهد، ومن ثمة التقدم لحظات والشخصيات واحالتها إلى الاجواء الترابية، وصولا إلى النهاية المفوحة على أكثر من تأويل للمعنى، بعيدا عن الغموض والتعقيد، والألعاب الذهنية، والسردية، والالغاز، والمنولوجات النفسية الخانقة، وطغيان الانشاء الأدبي، وهيمنة الجملة الشعرية بتشكيلاتها البلاغية التقليدية، على الجملة النثرية والاستطراد. كما وتتخلل الجلسة العديد من المداخلات النقدية التي شارك فيها العديد من الحضور، منهم علوان السلمان وصلاح زنكنة وحمدي العطار ورئيس الاتحاد الناقد علي الفواز وسعد السوداني، وغيرهم.