علي حسن الفواز
يُثير استمرار الانسداد السياسي في ليبيا جدلاً حول مستقبل العملية السياسية، وحول إمكانية تحديد موعد ثابت للانتخابات المقبلة، إذ إن بعض المواقف الخلافية الداخلية مازالت تترك أثرها في مسار تمكين إقامة تلك الانتخابات في سياقها الوطني الرئاسي والبرلماني.
التزام مجلس الأمن الدولي بدعم عمل الممثل الخاص للأمين العام رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبدالله باتيلي يُشير إلى وجود ضغط كبير على إنجاز تحول حقيقي في العملية السياسية الليبية، وفتح الباب لمرحلة جديدة، تشمل تعزيز مسار الحوار السياسي، والتأكيد على أهمية التوافق للشروع بانتخابات شاملة، فضلاً عن الاتفاق على الكيفية التي سيتم التعاطي بها مع القوانين الخاصة بتلك الانتخابات بعد تحديثها، لتكون أكثر واقعية وعملياتية، ولتشمل المدن الليبية كافة، مع القبول بمخرجاتها السياسية، ومحاسبة القوى الرافضة لإنجاز هذا الاستحقاق الوطني.
هذا الدعم الدولي يجعل الأطراف السياسية الليبية أمام خيارات التوافق أو التقاطع، وعلى نحوٍ يجعلها أمام واقع ضاغط، وأمام ظروف إقليمية صعبة، لاسيما في التعاطي مع ملفات مهمة ومعقدة، مثل الملف النفطي، وملف العلاقة مع دول الجنوب الأوروبي، وكذلك مع ملف مشكلة تهريب المهاجرين عبر ليبيا إلى أوروبا، وهذا ما يكسب الواقع الليبي أبعاداً جيوسياسية دولية، تتطلب إجراءات سريعة، ومواقف تتجاوز ضيق الأفق الى قراءة ما بعد الأزمة، والتعاطي مع طبيعة علاقتها بالصراع الدولي والإقليمي.
ما دعا إليه الممثل الأممي باتيلي يفتح أفقاً لحوار جديد، وجعل جماعة الطاولة السياسية في ليبيا معنيين بالاتفاق على حلول سريعة، وعلى إجراءات يقبل بها الجميع، وبما يساعد أطرافها الخمسة في " حكومة الوحدة الوطنية ورئيس مجلس النواب ورئيس المجلس الأعلى والقائد العسكري خليفة حفتر" على ادراك خطورة استمرار التقاطع والرفض، وصولاً إلى تقديم التنازلات المناسبة، وباتجاه صياغة عقد سياسي جديد يضمن مشاركة كاملة ومتساوية بين تلك الأطراف.
هذه الأفكار وردت في بيان أصدره مؤخراً مجلس الأمن الدولي، مؤكداً أهمية إحراز التقدم في الحوار والتوافق لتهيئة البيئة السياسية والأمنية والحقوقية المناسبة لإجراء الانتخابات بعيداً عن المزايدات والتصريحات المتقاطعة، وصولاً الى فرض عقوبات دولية على من يهدد السلام والاستقرار في ليبيا ووضعه تحت طائلة عقوبات مجلس الأمن كما ورد في البيان الدولي.