أفلام تروّج لعبقرية اليهود وأسطوانة {مظلوميتهم} المشروخة

ثقافة 2024/03/04
...

   محرر سينما

وعى منظرو الصهيونية وقادتها الأوائل، أهمية السينما، الاختراع الواعد  والمؤثر، إذ أدركوا منذ المؤتمر الصهيوني الأول بمدينة بازل السويسرية سنة 1899 خطورة السينما في "الدعاية لمشروعهم؛ اذ قدم هيرتزل إلى ذلك المؤتمر مشروعا مفصلا يؤكد أهمية هذا الفن الجديد للمشروع الصهيوني"، وقتها ارسل تيودور هرتزل "رسل" من المصورين السينمائيين الى فلسطين، ليوثقوا الدفعات الأولى من المهاجرين.
ولم يكتفوا بذلك، انما استخدموا هذا الوسيط واسع الانتشار للترويج لنمط "الشخصية العربية الكاريكاتيرية" ؛ فهو " يرتدي عمامة وجلبابا، وشرير، وخطير، مشغول بالخطف والإرهاب وتفجير الطائرات"،  وبالتالي فهم برابرة ومتوحشون مغتصبون وحقراء، وهم  اغنياء البترول ومتعصبون دينيا، يستغلون النساء، بحسب ما جاء في كتاب جاك شاهين " الصورة الشريرة للعرب في السينما الامريكية"وربما المهمة الأهم لديهم، هي الترويج لمظلومية اليهود من خلال الهلوكوست وهو مصطلح يعني: "الإبادة الجماعية التي راح ضحيتها ملايين اليهود فترة الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945) بسبب هويتهم العرقية والدينية على يد الحكم النازي في ألمانيا، وتبنت المانيا أولا هذه المظلومية، كنوع من الإحساس بالذنب، فأنتجت أفلاما وألَّفت كتبا وفعاليات أخرى تخص الموضوع، من جانبها تلقفت هوليوود الموضوع فقدمت هذه القصة المؤلمة وعرضتها بطريقة تناسب اذواق ومزاج الجمهور، اذ انتجت  مئات الأفلام التي تتخذ من المحرقة موضوعا لها، ومعظمها سوقت بطريقة مبتكرة، واخرجها عباقرة هوليوود والسينما العالمية، ومثلها نجوم يعلمون جيدا أن نصيبهم من الجوائز سيكون مضمونا.
أشهر هذه الأفلام " قائمة شندلر"(1993) للمخرج الأمريكي ستيفن سبيلبرج، ويروي قصة رجل صناعة الماني  يدعى شندلر، يعقد صفقة مع النازيين، يتم بمقتضاها تزويده ببعض العمال اليهود من معسكرات الاعتقال والإبادة لتشغيل مصنعه الذي ينتج أواني ترسل الى الجيش الألماني، مضحيا بثروته من أجلهم، وفيلم " الحياة حلوة"(1997)، الذي  مثله واخرجه روبرتو بينيني ويحكي عن يهودي إيطالي يساق مع ابنه الصغير الى معسكرات الاعتقال وموته هنالك قبل ان تنقذ قوات الحلفاء ابنه الصغير، فضلا عن مئات الأفلام الأخرى على شاكلة " عازف البيانو" (2002) للمخرج رومان
بولانسكي.
ونشطت السينما الأميركية بإنتاج أفلام في العام 2023 تكرس عبقرية اليهود، ونبوغهم وإن كانوا اسهموا بأكبر إبادة بشرية بالتاريخ من خلال "القنبلة النووية" التي أحرقت هيروشيما وناكزاكي وقتلت مئات الألم من البشر، اذ حولوا أبا القنبلة النووية اوبنهايمر الى شخصية محبوبة تثير التعاطف في فيلم بذات الاسم صدر في العام 2023 ، وقد شاهدت قبل أيام فيلما من بطولة الممثل المخضرم انطوني هوبكنز ومن اخراج جميس هاوز عنوانه "حياة واحدة" الذي يحكي عن الرجل الذي انقذ اكثر من 600 طفل يهوديا، من خلال نقلهم بواسطة القطارات الى بريطانيا وتوفير أُسر تتبناهم، وعلى الرغم من أداء هوبكنز وجمال الفيلم، إلا أن خطابه سمج،  فلا أحد يثق ولا يصدق بهذه الكذبة، التي ضخمتها البروباغندا الصهيونية، من خلال الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، لا سيما أن حرب غزة ما زالت مستعرة، ودماء الأطفال تسيل بلا رحمة، وقد تجاوزت الآلاف، فكيف لي أن اقتنع أن الذي يقتل أطفال ونساء وشيوخ وشباب فلسطين، هم ذاتهم أصحاب مظلومية، ما زالوا يصدعون رؤوسنا بها من خلال السينما والبرامج المتلفزة والصحافة.