ابراهيم سبتي
الموهوب هو ثروة وطنية بالغة الاهمية وغير قابلة للنضوب بل يتجدد دائما.
فهو حاضر ومستقبل البلاد، والأهم أنه يواصل رفد كل ما يبتكره في حركة بناء الدولة في مرحلة نهوضها.
وحسنا فعلت وزارة التربية وهي تشارك في المسابقات الدولية للموهوبين، و ما يحصلون عليه من نتائج تثلج الصدور.
والموهوب يحتاج رعاية خاصة، بل خاصة جدا ومتميزة من توفير معلم أو مدرس مؤهل لتدريس هذه الشريحة ووضع ورسم الخطط الكفيلة لتدريب وتأهيل المعلمين والمدرسين، وفق ضرورات التقدم ومواكبة العلوم الحديثة والطرق المناسبة في كيفية التصرف والعمل والتواصل، لاكتشاف القدرات والأداء المتفرد في امكاناتهم العقلية والذكاء الخارق والرصانة والمهارات والتفكير وقوة البصيرة، والادراك غير العادي والحكمة والرزانة، وصولا لمسك خيوط مسيرتهم التربوية والذهنية والحفاظ عليهم بأقصى ما يمكن.
إن نظرة سريعة للطلبة الموهوبين، سنجد أنهم برعوا وادهشوا اهلهم وهم أطفال، وقد برزوا كظاهرة متميزة في المعلومة، خاصة في درسي الرياضيات والعلوم مقارنة باقرانهم الاخرين، وصنعوا لهم هيبة ورصانة تؤهلهم للابداع والاختراع والاستحداث والاكتشاف والتنبؤ والانشاء والحدس، وهو ما يؤدي بالضرورة إلى ايقاد شعلة البحث والتنقيب ودخول عوالم التقنيات الحديثة وما يطرا من تغييرات هائلة سريعة، وخاصة بعد دخول الذكاء الاصطناعي في المجالات كافة.
وقد سجّل لنا التاريخ أمثلة حية في كيفية النهوض بالدول ومنها المانيا، فبعد انقضاء الحرب العالمية الثانية، وقد دُمِرت المدن الألمانية تدميراً كاملاً من شدة قصف الحلفاء، الذين هزموا الرايخ الثالث أبشع هزيمة عرفها التاريخ الحديث.. كان على الألمان التفكير ملياً في كيفية النهضة وإدارة الوضع المأزوم، وإعادة الدولة إلى الخارطة العالمية.
فتوصل التفكير إلى نقطة اساسية ومهمة وهو تطوير التعليم بشتى صنوفه ومراحله، والمقصود من هذا الجهد الكبير هو تغيير الانسان نفسه وجعله مبادرا وحاملاً هموم بلده.
وعليه تقع مسؤولية اعادة الاعتبار اليه.
فنشطت حركة التعليم نشاطا مهما وبلغت نتائج تلك الحملة ان خَلقت انساناً يشعر بانه مبتكر ومبدع ومطور.
وفي الخمسينيات بلغت الذروة بأن نهضت الصناعة الالمانية وصارت منافسة مع بلدان اخرى متقدمة.
إن رعاية الموهوبين تبدأ من التعليم، لأنه يكشف مدى ميول الطالب، وبالتالي توسيع مداركه في المجال الذي يهتم به وخاصة في المجالات العلمية، وبث قوة الشخصية وتنميتها اثناء الدراسة.
وهكذا تنظر الدول إلى الطالب الموهوب باعتباره احد اهم ركائز التطور القابل للتجديد وصاحب المبادرة الدائمة للوصول إلى مرحلة التميز الفكري والعقلي.
في العراق وأنا هنا لا أقارن، بل يمكن الاستفادة من تجارب الآخرين، ظلت وزارة التربية تتحمل المسؤولية كاملة لصناعة الطلبة الموهوبين وتطوير مهاراتهم وابتكاراتهم.
وبالفعل راحت تشارت بمؤتمرات ومسابقات تخصهم، والتي تأتي بناتج مبهرة.
إن تطوير هذه الشريحة لا ينبغي أن ينحصر في البحوث والدراسات والاكتشاف من قراءة الكتب العلمية أو بالاطلاع على تجارب الدول من داخل الصف المدرسي.. بل الامر يحتاج إلى الذهاب بعيدا حين يمنح الطلبة مُنحاً دراسية إلى الدول المتقدمة، والحصول على شهادات علمية ودراسية لرفد شريان التقدم والتطور.
اضافة إلى الاستفادة من تجارب الدول الاقليمية القريبة والاخرى البعيدة، من خلال السفر لفترات طويلة ومعايشة الطالب الموهوب هناك.
مما يحفز الطالب العراقي على تنوع التفكير وبذل الجهود العقلية والجسمية في صناعة مستقبل جديد فيه نكهة متقدمة، والاستفادة واستثمار ما يتعلمه في مختلف قطاعات الصناعة والطاقة والزراعة وكافة المجالات الاخرى لأنهم كشجرة وارفة، تعطي ظلا من قبض الصيف وتمرة طيبة في كل وقت.