الأماني مستحيلة.. أمام باكستان

الرياضة 2024/03/11
...

علي رياح



في منعطفات غريبة تلوح بينَ حين وآخر من دون مقدمات منطقية أو نُذر مُسبقة ومُسبّبات معقولة، تقع الكرة العراقية صيداً سهلًا بين براثن نتائج هي أشبه ما تكون بالنكبات التي تـُدير الرؤوس، وتضع اللاعب والمدرب والإداري والمسؤول والمشجع في حيرة من أمره.

لم تتردّد الصحافة العراقية في وصف الاثنين المصادف للعاشر من آذار 1969 بأنه يوم حزين في تاريخ الكرة العراقية. اليوم الذي التقينا فيه منتخب باكستان في بطولة الصداقة الدولية التي نُظمت في إيران. قبل تلك المواجهة (المُرّة) كان منتخبنا تحت قيادة المدرب اليوغسلافي كوكيزا قد تعرّض إلى خسارتين على التوالي أمام سبارتاك موسكو السوفيتي (صفر -2) ومنتخب إيران (1-2)، فيما كان المنتخب الباكستاني الحلقة الأضعف في البطولة ووُصف بـ (الطرف المُستضعَف) بعد خسارتين أمام مرسين التركي (1-4) وسبارتاك موسكو (صفر - 5) ولم تكن تخمينات أكثر المتشائمين تُفضي إلى خسارة عراقية تهزّ أوساط البطولة وتبلغ ارتداداتها العراق (ليعتصر الحزن قلب المعلق مؤيد البدري وينتقل الحزن إلى قلوب العراقيين جميعاً) وفقاً لما ذكرته صحيفة (الملعب) في اليوم التالي للهزيمة، إذ كان البدري يتولّى نقل وصف المباراة عبر المذياع ولم يتوفر وقتها ترف النقل التلفزيوني.

يُدلي الأستاذ الراحل مؤيد البدري لي بشهادته عن تلك السقطة التراجيدية العنيفة بالقول إنه لم يشاهد تعالياً ولا غروراً مثل ذلك الذي ظهر على وجوه لاعبينا وهم يدخلون الملعب وكأنهم قد حَسموا المباراة وبحصيلة معتبرة من الأهداف.

سارَ كل شيء هادئاً في الحصة الأولى من المباراة، فالمنتخب العراقي كان الأرجح في تحركاته لكنه أهدر أكثر من فرصة للتسجيل خصوصاً بالنسبة للمهاجميَن طارق عزيز ونوري ذياب، كما ضيّعنا فرصة التقدم من ركلة جزاء لم تُشر المصادر العراقية إلى هوية اللاعب الذي تولى تنفيذها (!!) ثم بدأت التحوّلات في الحصة الثانية.. فبعد اثنتي عشرة دقيقة يحرز عمو يوسف هدف التقدم برأسية بارعة، لكن هذا التقدم لم يصمد سوى دقيقتين، إذ أحرزت باكستان هدف التعديل من كرة سُددت من داخل منطقة الجزاء ارتطمت بالمدافع (الواعد) صبيح عبد علي وغيّرت مسارها لتغالط الحارس إحسان بهية. كادت خسارتنا تتحقّق في موعد مبكر لولا أن باكستان أهدرت ركلة الجزاء التي مُنحت لها، حتى جاءت الدقيقة التاسعة والثمانون لتشهد الفصل الأخير والأكثر إيلاماً في هذه التراجيديا، فقد كان صوت البدري يتثاقل مُحمَّلاً بكل الهموم وهو يعلن للمستمعين العراقيين أن باكستان أحرزت هدف الفوز وسط غفلة المدافعين والحارس. في السياق الذي كانت تجري عليه الدقائق الأخيرة للمباراة، لم يكن هدف باكستان مفاجئاً، إذ غلب الحماس على حركة اللاعبين الباكستانيين وهدّدوا المرمى العراقي أكثر من مرة، فيما أبدى لاعبونا عجزاً مدهشاً في تنفيذ أية هجمة مرسومة، ربما لأن عنصر المباغتة قد غلبهم وهم يرون أن ما كانوا يعتقدونه فوزاً ساحقاً على فريسة سهلة قد أصبح قبضاً من الريح.

انشغلت الصحافة العراقية بتلك الخسارة ووصفت منتخبنا بنعوت سلبية شتى ونال المدرب كوكيزا جانباً (مُعتبراً) من سِهام النقد، وأعجبُ ما في الأمر أن الصحافة عبّرت في الأيام التالية عن قناعتها بأن (النتيجة العادلة كانت التعادل) متناسية تلك الفروقات الكبرى بين مستوى الكرة في البلدين، ولم يتبق بعد ذلك غير درس قاسٍ في كرة القدم لم تتعلمه منتخباتنا في مواعيد.. ونكسات لاحقة.