علي حنون
المُتعارف عليه، أنَّ المواقف لا تتغير، لأنها تُبنى على أساس القناعة والرؤى الثابتة، التي لا يُمكن القفز عليها أو المُهادنة المهنيَّة بشأنها، ولكن الآراء ربما تتغيّر بين محطة وأخرى، وفقاً لاعتبارات ومُعطيات فنية أو إدارية، أو تبعاً لأفكار قد تتقاطع في جوانب مهنية.. الذي دعم من النقاد والمُتابعين بوجهة نظر أو رأي مدرب منتخبنا الوطني كاساس طيلة المحطات الماضية، أسس رؤيته على التطور الفني، الذي تحقق وارتفع مُؤشره كثيراً، وكذلك على الظهور، الذي كان في محطات مضت، جميلاً ومُزداناً بإصابة التفوق ولعل محطة (خليجي 25) خير مثال يُساند عملية التعاطي في هذا الشأن ولسبب بسيط هو أنَّ نجاحه ودعم الجماهير له ارتبط بثباته وعزيمته وإصراره على السير على هذا الطريق، الذي أوصله للجميع، بهيئة المُنقذ الجديد للكرة الوطنية من خلال تغيير منهاجها والتعاطي مع شؤونها وشجونها بفلسفة غايتها التجديد والإصلاح.
والشخص نفسه- المتابع أو الناقد- الذي أَشر سلباً عودة الاستعانة بأسماء مُنحت في مناسبات سابقة عديد الفرص لتقديم أوراقها وبعضها تعثر وأخرى عكست قدرة إيجابية على التواصل، فاستحقت الفرصة من جديد، لكن أمر الانتقاد هنا يتناول من أخفق في استثمار عديد الفرص، التي أُتيحت له على حساب وجوه أخرى هي في حسابات فنية أفضل، حيث وجد أصحاب الرأي المُجانب للاستدعاءات الأخيرة، أنَّ خيسوس في بعض خياراته لمباراتي الفلبين ضمن تصفيات كأس العالم، لم يكن- لاعتبارات فنية منطقية- موفقاً، ومع أنَّ أمر الناقد ليس مُلزماً ويُوضع على رف تسويق وجهة نظر داعمة، إلا أنَّ ذلك لا يعني أنَّ الموقف المُساند لوجود كاساس تغيّر، إذ إنَّ السواد الأعظم من المُتابعين والمعنيين لن يبتعدوا عن دعمه، لأنَّ اعتقادهم بنجاحه يبقى حاضراً باستمرار، لكن بين تلك الآراء أخذت توجه إشارات على شكل نصائح للمدرب لأنَّ فلسفته لن تُصيب غايتها في حال لم يثبت على نهجه، الذي بدأ به واستمر عليه حتى قائمة مُواجهتي الفلبين.
نقر، أنَّ الأمر في أوله وآخره، يبقى رهين إرادة الجهاز الفني، الذي يقوده كاساس، إلا أنَّ إزجاء الرأي الداعم والذي يُمثل أيضاً مساراً حدده المُدرب ذاته وسانده النقاد ورفعته الجماهير شعاراً، نجده مطلوباً ويعكس شراكة حقيقية مساندة للمنتخب وللجهاز الفني ولا يُعتبر بأي صورة من الصور تدخلاً في شؤونه الفنية وإنما تذكير بمبادئ فنية فرضها المدرب الإسباني وتقبلها الجميع بعدما أثبتت طيلة عام مضى نجاحها في إعادة الهيكلة الفنية للمنتخب الوطني من خلال الاستعانة بتوليفة عمادُها الوجوه الشبابية المحترفة وعينة من الدماء الجديدة والقديمة المحلية المُتاحة.. ولعل الأمر، الذي أثار حفيظة بعض النقاد عند ظهور قائمة المنتخب، التي ستخوض مُقابلتي الفلبين في البصرة ومانيلا، هو حضور عينة من الوجوه، التي سبق وفشلت وأخرى لم تسنح الفرصة لمُتابعة أدائها مع فرقها، حيث وجدوا أنَّ هذه الاستدعاءات لن تُؤثر في موضوعة دعم كاساس فقط، وإنما سَتُصيب الأسماء، التي نجحت ولم يتم توجيه الدعوة لها في مقتل، ولعل علامة الاستفهام الكبيرة، التي تُثار هنا، هي لماذا لجأ كاساس إلى خيار لم يكن مُجبراً عليه، وأنه لن يدعم رؤيته، التي جلبت له شواهد نجاح ودعم من قبل الجميع؟.