الذكاء الاصطناعي.. آمال السينما وحتفها

ثقافة 2024/03/18
...

علي حمود الحسن

يبدو أن تنبؤات الممثل الاميركي الشهير توم هانكس(66) عاما، بإمكانية استمرار مسيرته الفنية، حتى بعد موته بفضل الذكاء الاصطناعي، بحسب "البي بي سي"، صارت واقع حال، بعد إعلان شركة "سول ماشينز" المتخصصة في تصميم الشخصيات بالذكاء الاصطناعي، عن إطلاق نسخة رقمية من نجمة هوليوود وايقونتها الشقراء مارلين مونرو، التي رحلت بطريقة التراجيدية قبل (60) عاما، الحدث الذي شهده  مؤتمر "ساوث باي ساوثوست" للتكنولوجيا، بمدينة أوستن فى ولاية تكساس، الاسبوع الماضي، أسعد عشاق الممثلة الأكثر فتنة في تاريخ السينما العالمية، اذ شاهدوا نجمتهم المفضلة، وهي تحدثهم بغنج ودلال عن  دورها المفضل في فيلم" البعض يفضلها ساخنة"، لكنه من جهة اخرى، أثار غضب وخوف مئات الآلاف من صناع السينما، وشغيلتها من كتاب وفنيين و" دوبريه" وكتاب سيناريو، بل حتى ممثلين، اذ ظهرت سابقا بوادر لان تستغني استوديوهات هوليوود الكبرى عن خدماتهم، بفعل التطورات المتسارعة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، فثاروا ونظموا إضرابا هو الاكبر في تاريخ هوليوود، ما شل قدرة العديد من شركاتها، وبالتالي تعرضها لخسارة  مليارات من الدولارات، فارغموا على التفاوض وتوصلوا إلى اتفاق مؤخرا.  
وشهدت السينما توظيف الذكاء الصناعي -على الاقل الوعي به- منذ  بداياتها الصامتة، اذ اخرج عبقري السينما الالمانية فريتز لانغ فيلمه الشهير "متروبولس " (1927)، الذي صور فيه مخلوقات ذكية “روبوتات" يرفضها الناس ثم قبلوها كواقع حال، فتسيطر عليهم.
والذكاء الاصطناعي بأبسط تعريف له، هو: " قدرة الحاسوب الرقمي أو الروبوت، الذي يتحكم فيه الحاسوب على أداء المهام العامة المرتبطة بالكائنات الذكية"، فهو ليس شرا بالمطلق، مثلما يروج المتشائمون، إنما يقدم حلولا ويختصر جهودا وكلفا ليس في الانتاج السينمائي حسب، بل في التسويق، وربما يسهم في كتابة نصوص الافلام وبناء الشخصيات.
توالت الافلام التي اهتمت بهذا المجال، فبعد تجربة لانغ الرائدة، جاء فيلم"بليد رايننر"(1982) لرديلي سكوت، الذي يتحدث عن روبوتات صنعها البشر واستخدمهم كعبيد لخدمته، فتثور ضده، وما اثاره ستانلي كوبريك  في رائعته "اوديسا الفضاء" (2001) من تساؤلات استشرافية،  من خلال رحلة بشرية في مركبة فضائية، مزودة بكومبيوتر عملاق،  يتضمن المعلومات التي تحتاجها الرحلة، يبلي بلاءً حسنا، لكنه يكتشف أن وجود قائد المركبة البشري خطرا على الرحلة ويجب التخلص منه، بعدها قدم جميس كاميرون فيلمه الشهير" المدمر"( 1982) وغيرها عشرات، بعض هذه الافلام اتخذ منحى اكثر جرأة في محاولة أنسنة البرامج الذكية، كما في فيلم سبايك لي " هي" (2013) وفيه يشترك روائي مطلق يعاني احباطا، في برنامج عبارة عن امرأة افتراضية تنظم حياته الفوضوية ومراسلاته ومكتبته الإلكترونية، يعشقها حد الوله ويطلب منها الزواج، لكنها تجيبه مشفقة: " لا استطيع الارتباط بك، لأني محض برنامج  رقمي يتقاسمه اكثر من 600 مشترك" ..وبذا تظل السينما اسيرة لمعطيات العلم وتطور تقنياته.. أليست هي الطفل الشرعي لحمى العلم التجريبي التي هي ميزة القرن التاسع عشر.