المنتخب أولاً وأخيراً..

الرياضة 2024/03/19
...

خالد جاسم



كأحوال شهر آذار المناخيَّة.. تارةً غيوم ومطر وتارةً أخرى ريح عاتية ثم صحو سرعان ما يتلبّد بغيوم داكنة معززة بريح عاصفة تكاد تقذف بأمزجتنا بعيداً على شواطئ الاكتئاب والتصحر الذهني مرت خلال الأيام الفائتة أحوالنا الكروية بموجات من التقلب الممتزج بطعم مر المذاق والخيبة المغلفة بالحزن الذي ربما يبلغ حد البكاء ليس على لبن مسكوب ولا على أطلال ما عادت تحتمل المزيد من الرثاء والحسرة عليها من فرط كثرة الخيبات والانكسارات بل البكاء على واقع حال لا يسر أحداً سواء من الأصدقاء أو من المصنفين في خانة الأعداء ما دمنا حريصين على تفسير هزائمنا وتعليق أسباب فشلنا وضعف حيلتنا على شماعة المؤامرة وخطط الأعداء وتناسينا الحقيقة المرة وهي أننا من نختلق التآمر، ونحن من يصطنع العداء ما دمنا حريصين على التعامل مع الأمور بطريقة النعامة والهروب إلى أمام في طريق معبد بالأخطاء أساساً.. اتحاد الكرة لم يقدم إلينا ما يُقنع في تصريحات مسؤوليه ولم يسمح لأهل الشأن المعنيين وأهل الاختصاص الحقيقيين بمن فيهم المصنفون في خانة المعارضة لنهج الاتحاد في توفير بيئة مناسبة لتدارس أسباب وعوامل ما حدث من إخفاقة مريرة في نهائيات آسيا وما قبلها من إخفاقات وتوفير فرص حقيقية لهؤلاء للتوصل إلى معالجات واقعية لا تقف عند حدود المنتخب الوطني ومشاركته القارية الأخيرة بل والغوص في بحر المشكلة وجذورها المتأصلة طالما أنَّ الحقيقة الأساس تقول إنَّ نتائجنا في المسابقة الآسيوية هي نتاج منطقي لتراكم متجذر وترسب مزمن لعشرات السلبيات والأخطاء التي ضربت كل منظومتنا الكروية في الصميم, فتداخلت الصور وامتزجت الألوان في هذه البانوراما العجيبة من المتناقضات حتى وإن كان بعض من رجال اتحاد الكرة اعترفوا علانية بمسؤولية اتحادهم عن الإخفاق وهو اعتراف ليس بالشيء الجديد تماماً كسابقاته من الاعترافات التي يصنفها مناوئو الاتحاد ومعارضوه بأنها نوع من الذكاء الهادف إلى امتصاص الغضب العام الذي كثيراً ما تهدأ حدته بعد أيام قليلة من نكسة أو هزيمة قبل أن يودع في خانة النسيان, ونهيئ الساحة من جديد لاستقبال هزيمة أو إخفاقة جديدة بعد أن اعتدنا تناسل الأخطاء الإدارية والفنية التي كلفتنا من قبل الكثير وسوف ندفع الكثير بالطبع مستقبلاً طالما نحن حريصون على عدم الاستفادة من أخطاء الأمس وحريصون في الوقت ذاته على عدم الاعتراف بمنطق الخطأ الذي يغلف عملنا وقراراتنا وإصرارنا على وضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب خلافاً للمبدأ والقاعدة المنطقية التي يسير بهداها عباد الله من حولنا في الرياضة وليس في كرة القدم وحدها. تداعيات ما حدث في آسيا وما تلاها من تطورات صارت مادة شهية على طبق ساخن للكثيرين حتى مع الشروع في مرحلة جديدة من العمل في المنتخب من أجل المهمة الأكبر وهي تصفيات كأس العالم حيث ولدت قائمة الأسماء التي أعلنها المدير الفني كاساس تحضيراً لمواجهة الفلبين ردود أفعال كثيرة صنف معظمها في الخانة السلبية من منظور نوعية اللاعبين الذين وقع عليهم الاختيار واعتبار غالبيتهم من الفئة غير الجديرة بتمثيل أسود الرافدين بل إنَّ كثيراً من الآراء أكدت أنَّ كاساس قد أعاد المنتخب عبر قائمته الجديدة إلى المربع الأول الذي سبق مواجهات كأس آسيا ووصف نوعية العناصر التي نالت ثقة كاساس بأنها تفتقر إلى المقومات الفنية القادرة على سد الثغرات وغلق منافذ القلق في خطوط المنتخب وتحديداً في الدفاع والهجوم برغم أنَّ المبدأ الأساس يبقى ناطقاً بحقيقة لا مفر منها ولا فكاك عنها وهي أنَّ مسؤولية إيداع الثقة في اختيار اللاعبين هي مسؤولية المدير الفني وملاكه المساعد وتبقى مهمتنا جميعاً برغم كل الملاحظات السلبية والتأشيرات الواقعية تقديم كل الدعم المعنوي والإسناد الإعلامي لأسود الرافدين في رحلة التصفيات المؤدية للمونديال.