حسين رشيد
تعمل الشعوب التي عانت من الاقتتال الداخلي والصراعات الدينية والقومية والعرقية، على استغلال كل مناسبة وحدث وفي شتى الصعد والمجالات في ترسيخ مبادئ وقيم التعايش والتسامح وطي صفحة العنف. تتم الاستفادة هنا حسب المنظومة المكوناتية لكل شعب، فثمة شعب عانى ويلات القومية واخر العرقية وثالث الدينية ورابع المذهبية وشعوب اخرى عانت منها مجمتعة كما العراق والتي تختلف هنا ايضا فثمة عنف حكومي قومي سابق، وتشدد مذهبي، وتطرف ديني لاحق، ادى الى اقتتال وتفكك مجمتعي لفترة من الزمن تحت السيطرة عليه عبر عدة وسائل امنية ودينية واجتماعية وعشائرية واقتصادية الى حد ما لكن الاخيرة غير مطمئنة كونها ترتبط برأس مال سياسي خاص حتما لها اجندتها ومأربها الربحية واستغلال كل مرحلة لزيادة الارباح عبر ركوب الامواج في كل مناسبة وحدث.
في بلادنا التي عانت الامرين من تلك الصراعات ان كانت غير المعلنة اجتماعيا او المعلنة (الحكومية) ابان النظام المباد، والتي انعكس جزء منها على المرحلة التي تلت سقوطه، التي زادها التشدد والتطرف الديني وتحول البلاد الى ساحة صراعات مخابراتية اقليمة ودولية، سمحت بدخول الكثير من الارهابيين وتجنيدهم لعناصر من الداخل، الكثير منها كان مستعدا للانخرط في اول فرصة تتاح له وهذا ماحدث كما يعلم ويعرف الجميع.
حتى الان بقيت هذه الامور من غير معالجة حقيقية تمنع معاودتها في اي شكل من الاشكال وهنا يكمن خطر خفي يستلزم الانتباه اليه خاصة والمنطقة في مرحلة حرجة من التصريحات النارية وانتظار صافرة اعلان حرب جديدة قد تسعر معها حروب عدة مثلما يمكن استغلال هذه الحرب باعادة انتاج جيل جديد من الارهابيين والقتلة المأجورين بل ايجاد تنظيم ارهابي جديد لايقل دموية عن تنظيم القاعدة وداعش وما ارتبط بهما من تنظيمات وجماعات ارهابية مسلحة.
حتمية الحرب الجديدة في المنطقة او عدم حتميتها والاكتفاء بالتأجيج والتصعيد الاعلامي والسياسي ربما يؤسس لصناعة جيل وحركة ارهابية جديدة تستند على جملة معطيات واسس في مقدمتها الوضع الاقتصادي الصعب لفئة كبيرة من ابناء البلاد، غياب العدالة الاجتماعية والثراء على حساب المال العام او جراء استشراء الفساد، انعدام فرص العمل والبطالة، تأخر اعمار المناطق المحررة، عدم تطبيق القانون على المجرمين من الدواعش، كذلك عدم القاء القبض على الكثير من قيادات التنظيم الى حتى الان، فضلا عن الصراعات السياسية القائمة، والاصطفافات مع هذا الجانب وذاك من اطراف الحرب المنتظرة، من دون الانتباه لما قد يحدث في الداخل المحلي.
هنا يفرض الواقع والحدث على تبني مجموعة افكار تصب في تنمية التماسك المجمتعي وترسيخ منظومة التعايش وهذا ما يفرض ان يقع جزء على عاتق الحكومة واخر على الاحزاب السياسية والقوى الدينية في صنع خطاب متوازن من الحدث المتوقع، وجزء اخر يقع على عاتق الاعلام في كيفية التوزان بين مجمل الاطراف وهنا ليس الاعلام الحكومي فحسب بل الحزبي والخاص رغم ان لكل منهما اهدافه وغاياته لكن هذا لايمنع من ايجاد عوامل مشتركة بين كل الاطراف، كي نتجنب اعادة المأساة ونحافظ على ثمرة الاستقرار الحالي الذي دفعنا ثمنه غاليا بارواح الشهداء من ابناء القوات الامنية وضحايا الارهاب من المدنيين وبالمدن التي دمرت والاموال التي هدرت على شراء الاسلحة، يفترض ان نستفيد من كل ما متاح في هذه المرحلة لترسيخ قيم الوطنية والسلمية المجتمعية. وهنا يمكن ترجمة مقولة الوقاية خيرمن العلاج.