بغداد: حيدر الجابر
تعمل الحكومة على إغلاق ملفِّ النازحين نهائياً وخلال أشهر قليلة مقبلة، وعلى الرغم من أنَّ البرنامج الحكومي تضمن إغلاق هذا الملفّ في غضون 6 أشهر، إلا أنَّ عدداً من الأسباب أجّلت هذه النهاية التي يتمناها الجميع.
وبحسب مستشار رئيس الوزراء لشؤون المكونات، نوفل بهاء موسى، فإنَّ رئيس الوزراء عازم على غلق ملف النزوح بشكل نهائي منتصف العام الحالي، كاشفاً عن أنَّ معظم المخيمات موجودة في محافظتي أربيل ودهوك، وأنَّ غالبية سكانها من أبناء سنجار من المكون الإيزيدي الذين لا يمكنهم العودة بسبب المشكلات السياسية من الأطراف الموجودة في القضاء.
عضو لجنة الهجرة والمهجرين النائب سوران عمر، بيّن أنَّ أسباباً سياسية واقتصادية تمنع عودة النازحين، موضحاً أنَّ 6 أشهر كافية لغلق هذا الملف وإلى الأبد.
وقال عمر لـ»الصباح»: «لا يقتصر النازحون على المكون الإيزيدي، إذ يوجد نازحون في مخيم اشتي بمحافظة السليمانية من محافظة صلاح الدين منذ 2014»، وأضاف «حسب برنامج الحكومة من المقرر أن يتم غلق الملف في 6 أشهر، ولكن ما زال النازحون في مخيماتهم، ولا توجد جدية في إعادتهم إلى ديارهم».
وأضاف أنَّ «عودة النازحين طوعية وليست إجبارية، وبعض النازحين فقدوا بيوتهم وتم الاستيلاء على أملاكهم»، ودعا الحكومة إلى «دعم فعلي لإعادة النازحين وحل المشكلات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية»، مؤكداً أنَّ «لدى الإيزيديين مشكلات في سنجار، إذ توجد فصائل متنوعة داخل سنجار، وتوجد مشكلة الإعمار، والمنطقة بحاجة إلى تهدئة». وشدّد عمر على وجود «حاجة لإرادة سياسية فعلية ودعم من بغداد وأربيل»، وكشف عن أنَّ «أكثر المنظمات الدولية انسحبت من دعم مخيمات النازحين لانعدام أسباب بقائها»، داعياً إلى أن «تمنح الحكومة مبالغ مالية للأسر النازحة لتعود وترمم أو تبني مساكنها وتوفر العيش الطبيعي لها». من جانبه، كشف الناشط الإيزيدي راكان رفو، عن واقع المخيمات الإيزيدية، مؤكداً أنَّ بعض النازحين لم يعد يفكر بالعودة.
وقال رفو لـ»الصباح»: إنَّ «الكثير من تلك المخيمات تم إنشاؤها بشكل سريع من دون أدنى معايير السلامة، وبعد مرور قرابة عشر سنوات على حياة النزوح وعودة النازحين إلى مناطقهم وغلق غالبية المخيمات لا تزال منطقة سنجار هي المنطقة الوحيدة التي لم يعد إليها سكانها»، وأضاف «يوجد نحو 300 ألف نازح في 15 مخيماً في مناطق دهوك وزاخو وسميل، وهو عدد يشكل تقريبا 70 % من إجمالي عدد سكان سنجار». وتابع أنَّ «واقع المخيمات والحياة فيها يعاني مشكلات نفسية، إذ إنَّ الكثير من الأفراد ولا سيما كبار السن والناجيات وذوو الضحايا ما زالوا يعانون اضطرابات ما بعد الصدمة والدليل على ذلك كثرة حالات الانتحار»، وبيّن أنَّ «من الناحية الصحية فإنَّ بيئة المخيمات تنتشر فيها الكثير من الأمراض ولا سيما الجلدية بسبب التلوث وعدم وجود شبكة الصرف الصحي ومتطلبات الصحة الأساسية».
وبين رفو أنه «من الجانب الثقافي الاجتماعي، وبعد بعد مرور عشر سنوات على حياة النزوح نشأ جيل في المخيمات ليست لديه أدنى معرفة بمنطقته وانعدام الصلة بها وبثقافتها وعاداتها وقيمها، وقد أثرت حياة النزوح كثيراً في القيم والمبادئ الاجتماعية لمجتمعات النازحين وفي التماسك الأسري، وكثرت الظواهر الاجتماعية السلبية التي تحتاج إلى سنوات لمعالجتها».
ولفت إلى أنَّ «الغالبية العظمى من النازحين هم تحت خطر الفقر بسبب البطالة وعدم توافر فرص العمل في تلك البيئة، ومن الناحية الأمنية فإنَّ الخيم معرضة للحرق في أي لحظة وبين فترة وأخرى تحدث هناك حالات تذهب ضحيتها أرواح وممتلكات».
وختم رفو بالقول: إنه «ومع عدم وجود برامج حكومية حقيقية شاملة لإعادة النازحين والتأقلم النفسي مع المجتمع المضيف هناك، أصبح هناك نوع من الاستقرار في تلك المناطق وانعدام الرغبة بالعودة لدى الكثير من النازحين خصوصاً أولئك الذين اشتروا منازل في تلك المناطق وحصلوا على وظائف ومشاريع».