هل نجح التيسير الكمي؟

اقتصادية 2019/05/30
...

د. باسم الابراهيمي
 
يرى “جيروم باول” رئيس البنك الفدرالي أن الاستقرار السعري ربما يكون الأثر الايجابي الوحيد للاجراءات المتخذة لمواجهة الازمة العالمية منذ اندلاعها في العام 2008 وحتى الآن، وهذا ما اشار اليه أيضا رئيس البنك الفدرالي السابق “بن برنانكي” في أن سياسة التيسير الكمي التي اتبعها البنك خلال العقد الماضي نجحت في تحقيق الاستقرار السعري من خلال انخفاض مؤشر التضخم وذلك بفعل شراء كميات كبيرة من الاصول المالية، الامر الذي قاد الى تضخم الميزانية العمومية للفدرالي التي تجاوزت أربعة تريليونات ونصف تريليون في عام 2015 بعد أن كانت اقل من تريليون قبل الازمة، والسؤال هل كانت لهذه السياسة آثارا سلبية
 أم لا؟
وأشار تقرير حديث نشر مؤخرا عن الاقتصاد الأمريكي الى ظهور نتائج سلبية لسياسة التيسير الكمي التي اتبعها الفدرالي الامريكي نتيجة الأزمة المالية العالمية ، اذ يشير استاذ الاقتصاد بجامعة كالفورنيا “جابريل زوكمان” الى اتساع الفجوة بين الميسورين والمعدمين في الولايات المتحدة، وهذا ما أكدته بيانات الضرائب في ان عدم المساواة في الثروة قد زاد بشكل كبير منذ الثمانينيات وذلك مع امتلاك اغنى (1 بالمئة) من الاشخاص لنحو (40 بالمئة) من الثروة في عام 2016 مقابل نسبة تقارب (27 بالمئة) في 
الثمانينيات. 
بالاضافة الى ذلك فان المصارف ومؤسسات التمويل بدورها اضطرت الى التكيف مع عالم ما بعد الازمة، حيث اصبحت غير قادرة على تقديم ائتمان محفوف بالمخاطر وبالتالي تشددت بالاجراءات التنظيمية، وهذا ما دفع الشركات بشكل متزايد الى التعامل خارج النظام المصرفي التقليدي لصالح صيرفة الظل مما زاد من المخاطر الاقتصادية وضعف الرقابة من جهة فضلا عن عدم فاعلية الأجراءات النقدية من جهة أخرى نتيجة لغياب الصورة الدقيقة لواقع العلاقات المالية من جهة أخرى.
يحاول البنك الفدرالي اليوم ان يماشي التطورات الحاصلة في الاقتصاد من خلال تخفيف الموازنة العمومية واعادة بيع الاصول المالية بما يسهم في اعادة فاعلية سعر الفائدة في تحفيز الاقتصاد، الا أن الموضوع لا يزال بحاجة الى وقت أطول مما 
يعتقد. 
فضلا عن ذلك يرى البعض ضرورة اعادة النظر باسلوب قياس التضخم ودمج المقاييس لاسيما التي تأخذ بنظر الاعتبار الاسعار الخاصة بالاصول والعقارات من اجل ادارة نقدية أفضل.