رولا حسن
بين إحياء روح التراث وخلق الجمال من العدم شكل علي الطائي طريقته الفريدة في عالم الفن، إذ عمل على ربط أعماله بالرموز البابلية والمصرية القديمة ليمزج بين حضارتين متجذرتين في التاريخ عبر طرح رؤى السابقين بأساليب جديدة ومبتكرة وألوان وخامات متنوعة. كما وتمثل أعماله بالمجمل تجسيدا حيا لفترات من الحضارة العراقية برموزها ومعانيها إلى جانب تأثره بالحضارة المصرية القديمة التي تظهر رموزها في العديد من لوحاته.
*كيف كانت بدايتك مع الفن التشكيلي؟
- بدايتي بشكلها الفعلي بدأت منذ سفري من العراق واقامتي الممتدة في مصر لأكثر من 18 عاما، كانت لديّ تجارب فنية قد لا تكون بالمستوى الذي أطمح إليه، لكنها بكل الأحوال كانت بدايات وبوادر تكون فني.
*درست هندسة الحاسوب واستثمرت هذه الدراسة في الفن، هل تحدثنا عن ذلك؟
- دراستي لعلم الحاسبات ربما تكون قد أثرت كثيرا في مجال عملي الحالي وخصوصا في البدايات، فقد كنت أصمم أغلب اللوحات على الكومبيوتر وأجري عليها الإضافات، وأحدد الإخراج وبعد ذلك أنفذها على الواقع، فتوظيف الحاسوب كان ضرورة في البدايات. واليوم أنا استخدمه أيضا في اظهار الأعمال وطرق تصويرها وعرضها فالدراسة الأكاديمية أسهمت في رفد مسيرتي الفنية وهذا فعلا من دواعي سروري.
*تمتلئ لوحاتك بالرموز التي تنتمي لحضارتي وادي النيل وبلاد الرافدين، كيف مزجت بينهما أو ما هي الآلية التي استخدمتها؟
-لوحاتي في الواقع تحمل رموزا وطابع الفلكلور العراقي، والحضارة العراقية أكثر من الحضارة المصرية، إلا في بعض الأعمال القليلة وذلك لضرورة ما المزج بين كل تلك العناصر وتداخلاتها، كان من أسباب إيصال أعمالي لأكثر من ثقافة وأكثر من شريحة، فأغلب الأعمال تحمل طابع التراث والفلكلور والحضارتين، تحمل أيضا في تفاصيلها قيما جمالية وتكوينية كثيرة فهذا الشيء أسهم في خلق الكثير من الأفكار‘ وأردت أن أطرحها بشكل موسع في أعمالي.
*هناك مقولة عنك: "أنك بين إحياء روح التراث والحضارة وخلق الجمال من العدم شكل علي أمين الطائي طريقته في عالم الفن"، هل توضح لنا ذلك؟
-مقولة خلق الجمال من العدم هي في الواقع مبدأ أكثر الفنانين أو
المبدعين أو من يمتهن مهنة لها علاقة بالفن.
فالفن التشكيلي حقيقة لا يقل عن أي عمل خلاق أو إبداعي، لهذا يبدأ وليدا من دون أية مساندة بسطح أبيض، ثم توضع عليه الألوان والأشكال والخامات ليصبح قطعة فنية تحاكي رؤية الجمال والإبداع.
لهذا أحرص دائما أن أقول إن الفنان الحقيقي يستطيع تحويل الواقع بأبسط الأشياء إلى عالم يضج بالجمال، وهو قادر على انشاء العديد من الأنماط الفنية بأبسط الامكانيات، وإن لم تتوفر له بيئة غنية.
* تعمل على أسلوب الدمج فقط في الأفكار وإنما في الألوان، وأساليب المدارس الفنية وفي الخامات أيضا هل تحدثنا عن ذلك؟
-عملية الدمج بين الألوان والخامات المختلفة وحتى العناصر ما هو إلا رغبة مني في اثبات أن التنافر، أو التضاد أحيانا يخلق صورة ثالثة ومختلفة وتكون قريبة من القلب والعين.
لهذا أنا أجمع في أعمالي الكثير من الألوان التي تبدو غير منسجمة، وخامات من الصعب تصديق أنها تتماشى معا، ولكن في الخلاصة يكون العمل محط اهتمام، واعجاب الآخرين لكونه مختلف ومتميز، فعلى كل فنان أن يتحدى الضوابط والأسس والقواعد ويكسر قيود النمطية لينتج أعمالا فنية فيها الكثير من الإبداع.
*أعمالك تشكيلة فنية واسعة، منسوجات، لوحات، معلقات حلي، أباريق، وغير ذلك من الرموز الفلكلورية، ماذا يريد علي الطائي أن يقول من وراء ذلك؟
-في الواقع لا أريد قول شيء سوى أن الفنون ممكن أن توجد في كل مناحي الحياة، وممكن للفن التشكيلي أن يتغلغل إلى أعماق حياتنا، وأن نتعاطى معه بشكل يومي، وسلس في أي وقت، ليس بالضرورة أن يكون لوحة معلقة فوق حائط وحسب.
فهو سهل وممتنع في آن، يمكن أن يكون بشكل تحفة مزخرفة، أو مفرش مطرز، أو طبق مزين أو قطعة سجاد مشغولة بحرفية عالية ومحبة.
إن طاقة الألوان والأشياء والأشكال حولنا قد تغير من رؤيتنا للحياة وتصبح أجمل وأفضل.
*تستخدم في أعمالك ألوانا زاهية وواضحة ما دلالة ذلك؟
-أخاطب الحواس البصرية وبشكل مباشر، وأمنح العقل فرصة ليعيش مع كل لون ويأخذ
طاقته.
ما يميز لوحاتي جرأة اللون وقوته ووضوحه، والألوان برأيي هي رموز متنوعة للحياة وجدت في حياتنا لتعطي الإنسان فرصة من فرص كثيرة في التنوع والاختلاف والتجدد.
*أنت عراقي وتعيش في مصر، كيف شكلت العراق في فنك على هذا البعد؟
-كوني عراقي وأعيش في مصر فهذا بالنسبة لي إنجاز كبير وكأني أقيم بنفس البيت، فقط خرجت من غرفة لأدخل أخرى، لم تتغير الظروف، ولا الصور، ولا الأماكن، ولا العبق.
مصر والعراق، تقريبا بيئة متشابهة، وزاخرة بالكثير من الصور الجميلة حتى بطابع البيوت، والأسواق الشعبية والمقاهي وإن اختلفت
التسميات.