علي رياح
رحلة نتمناها مثمرة وإيجابية لمنتخبنا الأولمبي تنطلق غداً للبحث عن تذكرة الصعود إلى باريس، في توقيت يشبه – تقريباً – ذلك الموعد الذي استعصت فيه هذه التذكرة علينا، ولكن قبل ثمان وعشرين سنة، وتركت أثراً عميقاً في أنفس من عايش التفاصيل لحظة بلحظة وكان أمل الصعود لديه يتعاظم قبل الانكسار في المحطة الأخيرة والتي سبقتها.
في السادس من نيسان 1996 كان تقرير اتحاد الكرة العراقي يصل إلى الصحف حاملاً جملة من العقوبات الشديدة، تصدّرها حرمان المدرب الكبير أنور جسام من قيادة المنتخبات العراقية على مدى خمس سنوات كاملة فضلاً عن حرمانه من تدريب الأندية لمدة سنة، فيما نال مساعداه (شقيقه) ثائر جسام وفتاح نصيف مدرب الحراس عقوبة الإبعاد عن تدريب المنتخبات الوطنية لأجل لم يكن مُحدّداً في القرار.
كانت تلك خاتمة المشاركة في التصفيات المؤهلة إلى دورة اتلانتا الأولمبية، ولتلك المشاركة تفاصيل تبدأ من شهر أيلول 1995 حين بدأ منتخبنا مباريات الدور الأول بالتعادل مع قطر سلبياً في الدوحة ثم الفوز على الأردن برباعية في عَمان، قبل أن نعود إلى بغداد لنفوز على قطر ونتعادل مع الأردن، فانتزعنا بجدارة صدارة المجموعة، ثم جاء منتصف آذار من العام التالي لتحتضن كوالالمبور (ماليزيا) مباريات الجولة الآسيوية الحاسمة، استهلّها منتخبنا بالتعادل بهدف مع اليابان، ثم الفوز بثلاثية على الإمارات، ثم الفوز على عُمان بهدف وحيد. جمعنا سبع نقاط من ثلاث مباريات وهو رصيد مساوٍ لما جمعته اليابان التي حسمت صدارة المجموعة الأولى بأفضلية هدف واحد علينا، ولكن المهم أننا انتقلنا إلى الدور شبه النهائي وأصبحنا على مشارف التأهل إلى دورة أتلانتا التي خصّصت ثلاث تذاكر لآسيا.
تعثّرنا أمام كوريا الجنوبية متصدرة المجموعة الثانية بهدف أحرزه عصام حمد مقابل هدفين للكوريين، وأذكرُ أنني كتبتُ تحليلاً للمباراة حملَ عنواناً عريضاً يقول: (في خِضم الأداء غير المُقنِع.. انفجرت قنبلة الحارس في أسوأ توقيت).. وبقيت لدينا فرصة أخرى هي مواجهة الخاسر من مباراة اليابان والسعودية طرفي شبه النهائي الثاني. وفي السابع والثلاثين من آذار كنا نلعب على التذكرة الآسيوية الثالثة أمام السعودية التي خسرت أمام اليابان، وأعاد المدرب واللاعبون انتاج الأخطاء التي وقعوا فيها أمام الكوريين وخسروا بهدف وحيد بعد أن لجأ مدربنا إلى تكتيك دفاعي صِرف وبامتياز، فأبقى قحطان جثير وحيداً في الأمام بينما وضع خمسة لاعبين في خط الوسط هم عباس عبيد وعصام حمد ومهند محمد علي وناصر حسين وسلام جعفر، وقد كان الحارس سعد ناصر الذي اشترك في هذه المباراة نجمنا الأول بعد أن ركنه المدرب طويلاً خلال التصفيات على دكة البدلاء.. بالمحصلة كانت النتيجة كافية لأن تضع العراق خارج سكة الذهاب إلى أتلانتا. خرج العراق من تلك التصفيات بدوريها الأول والثاني بأربعة عشر هدفاً خلال تسع مباريات، أحرزها قحطان جثير (6) وعلي وهيب (3) وحسام فوزي (2) ومهند محمد علي (2) وقائد المنتخب عصام حمد (1)، وبعد ضياع تلك التذكرة الأولمبية والتي كانت في المتناول، حملت الصحافة على المنتخب وخصوصاً طاقمه التدريبي، وجاء التقرير الأسبوعي الذي كان يصدره اتحاد الكرة بـ (9) نقاط تعدّد المزايا التي نالها هذا المنتخب خلال التصفيات والتي لم تتوفر وقتها لأي منتخب (طبقاً لنص التقرير) في تلك الفترة الصعبة، وقد كان الحديث عن تلك المزايا مقدمة لإيقاع العقوبات القاسية بحق الطاقم التدريبي.