المشاريع الصناعية والتسهيلات الضريبية

اقتصادية 2019/05/31
...

وليد خالد الزيدي 
لعل من ابرز الانجازات الاقتصادية في عالم اليوم هو التطور الصناعي وما أحدثته الثورة في مجال ابتكار واكتشاف الآلة لتحل محل اليد العاملة في كثير من مواقع التصنيع المختلفة في دول العالم المتقدمة، الأمر الذي يزيد من كمية الإنتاج ويحسن من
نوعيته.
العراق من بين أهم الدول التي سعت إلى امتلاك وسائل العمل المتطورة في منتصف القرن الماضي وأسس على هذا السبيل الكثير من المعامل والمصانع المختلفة، منها لإنتاج الأجهزة الخفيفة والمتوسطة، فضلا عن مواد أخرى تدخل ضمن إطار مرحلة صناعية 
نامية.
غير ان أواخر القرن الماضي شهدت فيه حركة الصناعة اقتصارا على مصادر إنتاجية محدودة،  الأمر الذي انتبهت له وزارة الصناعة هذه الأيام، وأولت هذا القطاع الاهتمام الذي يستحقه، من خلال التخطيط لإعادة تأهيل ما يقارب من 130 معملا ومصنعا متوقفا في مختلف محافظات البلاد، لغرض توفير فرص عمل للعاطلين، وتشجيع المنتج
المحلي.
عملية توسيع تلك الخطة جاءت اساسا على البرنامج الحكومي الذي أعلن عنه العام الحالي 2019 والذي شرعت بموجبه وزارة الصناعة بتنفيذ آلية تشغيل 
الكثير من المصانع بمختلف الطاقات الإنتاجية بنسب متفاوتة ما بين(15 بالمئة ـ 100 
بالمئة).
بيد ان إجراءات الوزارة في هذا السياق أشرت الكثير من المفاهيم والأسس القوية لمستقبل القطاع الصناعي الوطني نذكر منها: إن العراق بدا يتجاوز الكثير من التحديات والصعوبات التي كانت تعترضه من خلال فتح الطريق لإصلاح جزء مهم من عناصر الاقتصاد الوطني وهو قطاع الصناعة، ومعالجة المشاكل التي تقف في طريق نموه، فضلا عن ذلك تخليص البلد من الإغراق السلعي من المنتجات الصناعية من المناشىء الخارجية ذات النوعية الرديئة، ما من شأنه اعادة الثقة بالمنتج الوطني من السلع المعروضة في الأسواق المحلية، وفتح منافذ جديدة لسد حاجة السوق من المواد المختلفة التي يحتاجها المستهلك
العراقي. 
يأتي ذلك الى جانب اعادة سمعة الصناعة العراقية إلى عهدها الأول، لاسيما الحديد والصلب والآليات والمكائن الثقيلة وبناء مصانع ذات خطوط إنتاجية حديثة ومتطورة، وزج ذوي الكفاءات المهنية في هذا المجال من مهندسين وأيدي عاملة ماهرة، بخبراتهم في مختلف التخصصات الفنية، إضافة إلى المواهب الإدارية المتمرسة بهدف بناء منظومة 
صناعية متنامية.
تلك الإجراءات، على أهميتها وضرورة المضي فيها، إلا إننا نرى لابد من رفدها بعوامل دافعة لها، كتشجيع القطاع الصناعي الخاص، واقترانها بتسهيلات ضريبية يمكن أن تسهم في مسيرة متصاعدة لقيام المشاريع التنموية الرائدة وتأسيس نهضة صناعية وطنية كبيرة يمكن أن تنافس المنتجات المستوردة ، وتخفف من الاعتماد على البضائع والسلع الأجنبية التي تغزو الأسواق المحلية في معظمها من أصناف متفاوتة في جودتها.
إن إعادة الثقة بمنظومة الصناعة الوطنية من خلال تأهيل الشركات والمصانع والمعامل وورش العمل الحكومية والأهلية ووضعها في طريقها الصحيح والطبيعي لهو ضرورة اقتصادية ملحة في ضوء التوجهات الحكومية نحو الاقتصاد المنفتح والتنوع في مصادره المختلفة بعيدا عن الاعتماد على عنصر بحد ذاته، والإسهام بتأسيس مساحة واسعة من المنافسة الحقيقة في مسألتي جودة المنتج ومستوى الأسعار، ما يحفز المستهلك المحلي لاقتناء السلع المحلية، خصوصا وان الرؤية الحكومية تتجه بشكل كبير نحو المشاركة مع القطاع الخاص الرصين والمتمكن فنيا، وأهمية مساهمته بإنجاح الخطط الاستثمارية دعما للاقتصاد الوطني 
المتصاعد.