أحمد عبد الحسين
زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى أميركا هي الحدث العراقيّ الأبرز، ليس فقط بسبب تزامنها مع وضع سياسيّ إقليميّ مفتوح على شتى الاحتمالات، بل لأنّ كثيراً من رهانات العراق وملامح مستقبله سياسياً واقتصادياً مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتحديد نوع علاقتنا مع واشنطن.
قيل إن الزيارة تأخرتْ كثيراً، لكنّ مَنْ يتفحص الظرف الزمنيّ سيقع على مفارقة تتمثل في أن هذا التأخير هو الذي جعل الزيارة تأتي في أنسب مواعيدها. ذلك أن الإدارة الأميركية كانت تراقب عمل حكومة السوداني خلال الفترة المنصرمة لتختبر قدرة شريكها ورغبته في تصفير المشكلات التي خلفتها العلاقة بين العراق وأميركا في أطوارها الثلاثة: طور الاحتلال فالتحالف الأمني المتصدي لداعش ثم أخيراً طور العلاقات الثنائية الذي لم يزل ملتبساً ويكتنفه الكثير من الغموض.
ويبدو أن الطرفين بحاجة اليوم إلى تجاوز الطورين الأولين والانتهاء من كون العلاقة بينهما مقتصرة على الجانب الأمني فحسب، بدلالة أن الوفد العراقي الكبير لم يضمّ بين صفوفه مسؤولين أمنيين كباراً بل كانت الحصة الأبرز لرجال المال والأعمال، ما يشير إلى أنّ العراق عازم على أن تكون الحوارات مشتملة على بحث فرص الاستثمار والبناء والنهوض بالقطاعات الحيوية للبدء بصفحة جديدة خدمة للمصالح المشتركة بين البلدين.
نقاط أخرى تتعلق بالملف المالي وما يرتبط بقرارات الخزانة الأميركية وتأثير ذلك كله في المصارف العراقية، إضافة إلى الديون المترتبة على العراق، ستكون حاضرة بقوة على طاولة المفاوضات، ولعلّها ستكون الأبرز، لكنّ نقاطاً أخرى لا تقل أهمية يتمنى المواطن العراقيّ أن يفرد لها نصيب وافر من الاهتمام كقضايا المناخ والزراعة والتبادل الثقافي والأكاديميّ.
يدخل السوداني البيت الأبيض يعضده موقف سياسيّ عراقي موحد يريد للزيارة النجاح، مستعيناً بمنجزات حكومته أمنياً وخدمياً ومعوّلاً على أهمية العراق باعتباره جسراً يصل بين ضفتين متنافرتين، ودوره في خلق استقرار إقليميّ نظراً لعلاقاته المتوازنة مع كلّ من إيران وأميركا.
الزيارة تاريخية، وستكون لها نتائج واقعية ملموسة نجد آثارها في الداخل العراقيّ أولاً على الصعيدين الاقتصادي والأمنيّ تحديداً، كما ستظهر آثارها الإيجابية على طبيعة علاقة العراق مع محيطه.