سامر المشعل
كانت مصدر سعادة لملايين المعجبين، وهم يمعنون النظر بجمالها ورشاقتها وإطلالاتها الساحرة بصوتها الباعث على البهجة، اكتسبت شهرة عالمية لم يصل اليها مغنٍ آخر. الناس تراها أسعد مخلوقة على الأرض، وترى في نفسها فراغا موحشا مؤطرا بالتعاسة والاكتئاب.. حتى أنهت حياتها منتحرة في باريس وسط ذهول العالم، تاركة رسالة قصيرة "الحياة لم تعد تحتمل.. سامحوني".
داليدا المصرية الايطالية، ولدت بشبرا في القاهرة العام 1933 من عائلة ذات جذور ايطالية هاجرت إلى مصر، اسمها الحقيقي يولاندا جيجلوت عانت في صغرها من عقدة نفسية، بسبب حول عينيها، ما جعلها تنزوي بعيداً عن الناس.
بعد وفاة والدها الحاد الطباع، اضطرت للعمل لتساعد والدتها، فعملت سكرتيرة تضرب على آلة طابعة في شركة أدوية، كي لا تقع العائلة فريسة بين أنياب الفقر، وشعرت ان هناك فسحة من الحرية انفرجت في حياتها، وحصلت على لقب ملكة جمال مصر مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، فأخذت انظار المنتجين تتجه اليها، وشاركت بعدد من الافلام المصرية بأدوار ثانوية لم تحقق طموحها بالنجاح.
سافرت إلى فرنسا لتصبح نجمة سينمائية، لكنها فشلت ايضاً. اختارها المخرج يوسف شاهين لدور البطولة في فيلم " اليوم السادس"، لكن الفيلم لم يكتب له النجاح، وقد وجهت لها الكثير من انتقادات، فقد مثلت دور فلاحة مصرية بلكنة عربية مكسرة.
التقت في فرنسا مدرب الصوت رولاند برجر، واقنعها ان تترك التمثيل وتتجه للغناء، بدأت تغني بالملاهي الليلية، ثم أصبحت نجمة عالمية، تغني بأكثر من سبع لغات عالمية هي العربية والانكليزية والفرنسية والاسبانية واليونانية والايطالية والالمانية، صوتها وصل إلى كل قارات العالم، واشتهرت عربيا بأغنية " سالمه ياسلامه"، واغنية " حلوه يا بلدي".. غنت أكثر من الف أغنية، وبيعت لها ( 130) مليون نسخة، نجاحها المدوي جعلها مقربة من الرئيس الفرنسي فرانسو ميتران، واستعان بها في دعايته الانتخابية.
النجاحات الكبيرة التي حققتها على مستوى الفن، كانت تقابلها انكسارات نفسية في حياتها الشخصية، فقد انتهت جميع علاقاتها بالفشل، ورافقها سوء الطالع بزيجاتها، بدراما مأساوية من قبل أزواجها الذين يصدمونها بانتحارهم. ومن الضربات الموجعة التي تلقتها داليدا انها تعرضت إلى الإجهاض، وعلى اثر ذلك اصيبت بالعقم الذي حرمها من الأمومة، لتغرق هذه النجمة العالمية ببئر الكآبة المظلمة.. لتنهي حياتها منتحرة بكميات كبيرة من الاقراص المهدئة، ودفنت في فرنسا العام 1987 بأكبر صدمة يتلقاها معجبوها.
أُنتج في العام 2017 فيلما يجسد حياتها حمل عنوان " داليدا "، بعد رحيلها وضعت فرنسا صورتها على طابع بريدي، ونحت لها تمثال بحجمها الطبيعي وضع على قبرها.