أشهر لوحات غاليري لندن

ثقافة 2024/05/15
...

 جوناثان جونز
 ترجمة: كريمة عبد النبي

يحتفل المتحف الوطني في العاصمة البريطانية أو ما يسمى بـ «غاليري لندن» هذا العام بالذكرى المئتين لتأسيسه، حيث يعد حاليا واحداً من أبرز المتاحف العالمية كونه يضم أعمالا لمشاهير الفنانين منهم «ليوناردو دافنشي، فينسينت فان كوخ، سيلفادور دالي، بيكاسو وآخرين».
تأسس المتحف في عام 1824 وكانت بدايته متواضعة خلافا لمتاحف أخرى مثل «متحف اللوفر في باريس الذي تأسس عام 1793 ، ومتحف ديل برادو في مدريد الذي تأسس عام 1819» ، حيث ضم هذان المتحفان أشهر اللوحات العالمية في حينها.
وعلى العكس من متحف اللوفروبرادو، بدأ المتحف الوطني بمجموعة صغيرة ومتواضعة من اللوحات. ومع مرور الوقت، تمكن المتحف من جمع لوحات لكبار رسامي عصر النهضة والفن الإنطباعي أمثال «دافنشي، وكوخ، ودالي، وبيكاسو».
في المتحف، كان هناك ما يقارب العشرين عملا فنيا عالميا حيث سلطت الأضواء على خمسة من تلك اللوحات الأكثر شهرة على الصعيد العالمي.
اللوحة الأولى هي لوحة «المجدلية تقرأ» وهي بريشة الرسام الهولندي روجير فان دير لاين التي أنجزها حوالي عام 1435، حيث تصور إمرأة شابه ترتدي ثوبا أخضر جالسة على وسادة على الأرض وتتكأ على خزانة. وقد أبدع الفنان في رسم تفاصيل دقيقة للشابة بدأَ من الثوب ذي الطيات المتعددة إلى التركيز على تعابير وجهها التي تشير إلى أن كل أفكارها موجهة إلى الكتاب الذي تقرأه. مر على رسم هذه اللوحة ما يقارب الستمائة عام؛ أي في العصور الأوروبية الوسطى.
ومن المؤكد أن المرأة في اللوحة تقرأ الكتاب المقدس «الإنجيل»، وهي ليست امرأة عادية، بل مريم المجدلية؛ وهي من أهم الشخصيات المسيحية المذكورة في العهد الجديد «الجزء الثاني من الكتاب المقدس لدى المسيحيين» وتعتبر من أهم النساء من تلاميذ المسيح والشاهد على قيامته وأول الذاهبين إلى «قبره».
وقد أظهرت اللوحة المهارات التي يمتلكها الرسام وايدن الذي اشتهر برسم اللوحات الدينية ونقوش مذابح الكنيسة وبورتريهات فردية ومزدوجة. وعلى الرغم من أنه أصبح في طي النسيان خلال القرن الثامن عشر، إلا أن لوحاته تحظى باهتمام بالغ في الوقت الحالي. تميزت أعماله بألوان غنية ودافئة حيث استخدم مجموعة واسعة غير إعتيادية من الألوان ودرجات متنوعة منها.
اللوحة الثانية هي لوحة «العذراء والطفل» للرسام الإيطالي ليوناردو دافنشي (1499-1500). وتركت هذه اللوحة صدى كبيرا لدى الناس وتحدث مؤرخ القرن السادس عشر جيورجيو فاساري في حينها كيف كان الناس يصطفون خارج الكنيسة في مدينة فلورنسا لغرض مشاهدة لوحة غير مكتملة للفنان ليوناردو دافنشي حيث كانت اللوحة في حينها مجرد تخطيط على ورق.
اللوحة تصور السيدة مريم العذراء وهي جالسة على ركبتي القديسة آن وتحمل بيدها يسوع الطفل وإلى اليمين يقف يوحنا المعمدان. وقد رسم دافنشي هذه اللوحة بالفحم والطبشور الأبيض والأسود على ثمانية قطع من الكرتون المخصص لهذا الغرض ثم لصقها ببعضها البعض. واللوحة هي العمل الناجي الوحيد الذي نفذه الرسام على قطع الكرتون.
ولد دافنشي لأبوين غير متزوجين قانونيا. بعد زواج والده من إمرأة أخرى نشأ دافنشي عند زوجة أبيه، وليس من السهل معرفة ما إذا كان دافنشي يعرف أمه الحقيقية كاترينا دي ميوليبي. ولم يكن دافنشي رساما فحسب، بل كان نحاتا ومعماريا وموسيقيا أيضا.
اعتاد الكثير من الرسامين على رسم الصور الملكية للعائلات الحاكمة في القرون الماضية، إلا أن جمهورية البندقية التي استمرت باعتبارها دولة لأكثر من ألف عام لم يكن يحكمها ملك وإنما تنتخب دوقا وهو أرفع شخصية سياسية في المجتمع ويكون حاكما للدولة كما الحال مع ليوناردو لوريدان موضوع لوحة الرسام الإيطالي جيوفاني بيليني (02-1501).
أظهر بيليني مهارة عالية في رسم هذه اللوحة الزيتية حيث لباس لوريدان المصنوع من الديباج الأبيض المطرز بلوني الذهب والفضة. كما برع الفنان في رسم وجه لوريدان لتظهر اللوحة وكأنها صورة حية. وقد أصبحت هذه اللوحة من أشهر وأفضل أعمال هذا الفنان.
تصور لوحة الرسامة الفرنسية إيفا غونزاليس سيدة تتأمل نفسها أمام مرآة متحركة كاملة الطول. وقد ابتاع المتحف الوطني في لندن هذه اللوحة العام الحالي لغرض عرضها في احتفالات الذكرى المئتين لتأسيسه. وهذه اللوحة ليست الوحيدة للرسامة ايفا غونزاليس (70-1869)، وتعرض على قاعة المتحف، كما يضم المعرض أيضا بورتريه لايفا غونزاليس رسمه أستاذها في فن الرسم أدوارد مانيه.
تأثرت إيفا بمعلمها مانيه قبل أن تعمل على تطوير أسلوبها الشخصي الذي برز من خلال البورتريهات العديدة التي أنجزتها قبل رحيلها.
أنجز الرسام الهولندي فينسنت فان كوخ الكثير من اللوحات الإبداعية، إلا أن لوحاته التي تصور زهور دوار الشمس تعد الأشهر. ويمكن القول إن الفن الحديث بدأ بهذه المجموعة من لوحات الزهور.
في العام 1888 استقل فان كوخ القطار من مدينة باريس إلى مدينة آرل في جنوب فرنسا بسبب الشهور الطويلة من الشتاء في العاصمة الفرنسية. استأجر بيتا أصفر كمكان يعمل فيه على رسم لوحاته وليكون مقرا يلجأ أليه رفاقه من الفنانين من أجل العمل سوية وليدعم بعضهم البعض في مجال فن الرسم.
رسم فان كوخ سلسلة من اللوحات التي تصور زهرة دوار الشمس ليزين بها البيت الأصفر بينما كان ينتظر حضور صديقه بول غوغان، الرسام الوحيد الذي تمكن فان كوخ من اقناعه بالانضمام اليه في الجنوب.
أنجز الفنان هذه اللوحة في الهواء الطلق بعد أن تآلف مع الزهور واعتاد على مراحل نموها من بذور وبراعم إلى زهور. واللوحة تصور خمسة عشر زهرة من زهور دوار الشمس موضوعة في زهرية؛ وهي الأشهر من بين اللوحات المعروضة في غاليري لندن. ويغلب اللون الأصفر على هذه اللوحة والذي غالبا ما يعبر عن الإبداع في حياة الإنسان. كما تعكس اللوحة لحظات من حياة فان كوخ وهو يراقب حقول القمح وحقول دوار الشمس الناضجة بصفارها.

عن صحيفة الغارديان البريطانية