سنان حسين.. مواجهة الهويَّة وتلوث الوعي

ثقافة 2024/05/21
...

 بغداد: نوارة محمد

جسدت أعمال التشكيلي سنان حسين ميزة فارقة وهو يوظف شخصياته ضمن سياقات معينة تجسد الجوهر، تتناول هذه المجسمات وحراكها المعقد التي يعتمدها في أطروحاته قضايا الواقع المر الذي غيّر المشهد العراقي بعد عام 2003 والأزمات التي يعيشها العالم.
أوضح حسين الذي قدم معارضاً فنيّة وصل عددها نحو 17 معرضاً شخصياً أن: معرض «مركز المدينة» الذي أقامه مؤخراً أن فكرته مستوحاة من المواجهات الحقيقيّة للحياة المزدحمة.
هذه الفوضى ألقت انعكاساتها على أعماله الفنيَّة كما يقول: «لقد استوحيت فكرة معرضي الذي حمل اسم (مركز المدينة) من المواجهات الحقيقيَّة للحياة المزدحمة التي نعيشها اليوم.
 وفي أكثر المدن زحادما، هذه الفوضى التي نشهدها أثرت بشكل شخصي عليَّ، سرعان ما جعلتنا مُخلّفات التلوث والإجهاد دمى متحركة على أرض الواقع، لم نعد سوى روبوتات في المدن المزدحمة، روبوتات بمشاعر مختلطة ولم يعد باستطاعتنا اللحاق بالتغيرات التي نشهدها في يومنا هذا، زمن السرعة يأخذنا نحو مواجهة أنفسنا وتقلّبات الزمن المعاصر كموقف وحالة اندماج من ضمن هذه الفوضى، وزراعة الوعي الجمعي الذي تأثر بشكل كبير بأفكار تتغير من ضمن مسار المركز جعلتنا نفقد هوياتنا، مشيراً الى أن تلوث الوعي واستهجان القدرة وتتويج المسوخ حالة عامة استشرت بشكل كبير داخل المركز وانطلقت من مضمون سرعة الوصول بمركز المدينة.  
سنان حسين الذي يرفض أن يقولب فنّه ضمن دائرة معينة أو مدرسة بحد ذاتها وضعها النُقاد يوضح أنّه «ضد التصنيف والشكليات والانتماء إلى حركة أو مدرسة معينة.
الفن لا يعرف القيود ومعنى أن تكون فنانا حقيقيا ذلك أنك حر.
والحرية هي سبل ايجاد منطق يتقبله المستقبل أو المعاصر».
ويرى أن الفن غير خاضع لقواعد وأساليب، وأن الأعمال التشكيلية لا تندرج من ضمن سياقات معينة، نحن نعيش عصورا متغيرة ولا يمكن للفن إلا أن يواجه هذا التغير الكبير الذي يشهده العالم.
ويؤكد أن «الأعمال التشكيلية لا تختلف عن الرواية الأدبية أو المسلسل التلفزيوني، يمارس كل مِنا دوراً معيناً في عملية تجسيد الواقع»، وهو يتسائل: فكيف أضع قيوداً أو شروطاً لتجسيد مشهد مُتغير؟.
اشتغالات سنان حسين الذي ولد في العام 1977 تمتاز بالغرائبيّة أو الهزليّة وهي تكشف عن صراع عاشه البشر وعبر عنها بمزيج من التناقضات والشخصيات المركبة.
ويفسّر ذلك بقوله إن «اندماج الكائنات بالموجودات، وذوبان الإنسان في الحيوان أعدها واحدة من الغيبيات والحكايات الاسطوريّة».
ويؤكد أنَّ «الواقع مليءٌ بالحكايات الأسطوريّة، والإنسان إذا تعثر بالمعرفة يصبح قادرا على خلق اسطورته، لا سيما أننا نعيش في عالم حقيقي وبمعالم مخفية ومخيفة بالوقت نفسه، لذلك تثير فضولي الغيبيات والأساطير اللتان ينسجهما خيالي من واقع عشته في الحقيقة أو في الخيال، وهذا ما يفسّر أن الاساطير تظهر في لوحاتي».
والملفت للنظر أنه في أغلب أعمال حسين تظهر المرأة بشكل مضمر تسيطر على أعماله كونها أول وجه رسمه وأحبه حسين، والتي تحولت في ما بعد الى أيقونة الخير في الصراع بين الخير والشر، فأصبحت في وقت لاحق الحبيبة والزوجة والكيان الحاضر الذي يمده بالحياة والديمومة وينتصر على المأساة التي يعيشها في الجانب الآخر من الحياة، كما يضيف: «في أغلب أعمالي، بل أكثرها تشكل المرأة عنصراً مهماً، بدأ ذلك حين رسمت أول مرة عيون أمي التي تظهر لي في حلم كان يلاحقني في طفولتي وسرعان ما غبت عنها وتحولت إلى ايقونة أضعها في لوحاتي بمزيد من التجديد والتحديث بين عين أمي وعيون أخرى أراها، وفي كل عمل كانت هناك رؤية مختلفة وطرح مختلف».  
ويتابع: أن «المرأة في أعمالي تجسّد عنصر الخير الذي ينتصر على شرور الحياة، فأصبحت لوحتي المعاصرة والمتجددة، إنّها مهمة بالنسبة لي، كما لو أنها المتنفس الوحيد الذي أجد فيه الطاقة للحياة وديمومتها».