ليلة لِـساڤو.. والغواني يغرهنّ الثناء

ثقافة 2024/05/21
...

  يونس البوسعيدي

أوغلتْ في وحشة الدربِ الذي طبطبَهُ ضوءٌ بعيدْ،
مثلها كان وحيدْ.
تنقرُ الإسفلتَ بالكعب كما جرجرَ سجّانٌ سجينه.
رُكنُها الخافتُ كالشاعرِ لا يلقى له عشقًا جديدْ.
والمصابيحُ استماتت مثل أشواقٍ دفينة.
أوغلتْ في حُزْنِها، في دمعها، في قدَحٍ
تكسرُ فيه قطعةَ الثلجِ كما تنكسر الروحُ الحزينة.
كفكفتْ من مقلةٍ كاللوزِ
كُحلًا ساح في قَعْر القدحْ.
وتشيح الطرفَ عن ذاكرةِ الرُّوحِ التي تسعلُ مِنْ صدر
الصدى، اندمغَ المكياجُ في وجه المرايا، احترقتْ أفئدةُ
الشمعةِ في ليل الورقْ.
أخْرِسوا ذاكرةَ القلبِ السخينة.
كلُّ أوركسترا وشِعرٍ هامشٌ في الحُزنِ،
إنّ الحُزنَ حقّْ.
آه يا شاعرتي فلتغفري نزوة أحلامٍ خؤونة
سكبتْ في القدَحِ النوتَةَ والذكرى الهُلامْ.
مَرّةً أسكَرَها ذوقُ الحوارِ العبقري.
وانتشاءُ العودِ يسري في هواء الحِجرةِ
الملأى بأشذاءِ اللُبانِ الحوجري.
وحوارُ العود والدفّ الذي طار بها لحظةَ رقْصِ.
-ظمَأٌ يجتذبُ الظبيةَ للينبوعِ في هدأةِ قنْصِ-
سقط المعنى من المعنى على معنى سواه
وتخفّى في سجاف المخملِ الحكيُ كما تخفى ظِلالٌ في مياهْ
قُنِصتْ بالحكي عن جدوى زواج الدلو
والحمْلِ، عن التطبيعِ والطبخِ وعن ورْدِ العرندسْ.
ولماذا بلبُلُ الزينةِ رغم السجنِ ينبُسْ.
هكذا يُصطنعُ البالونُ في عين المرايا
بعد وقتٍ ينجلي المعنى
وقد كان شِراكًا ل"خدينة".
كُرياتُ الدّمِ تغلي، مثْل إيقاعٍ
سريعٍ فيه هزّتْ جسدًا من حِمَمِ،
فاتنًا يرقصُ في النشوةِ ضربًا بالقيودْ
جسدًا دوّخَهُ الشِعرُ كما داخَ اليهود
جسدًا تشعلُهُ اللذّةُ ردْفًا ونهودْ
جسدًا يطعنُ فيه الليلُ وحيًا بالرعودْ
جسدًا تدهنُهُ الشهوةُ خمرًا وورودْ
آه يا تفاحةَ العشق التي نسرقها بالألمِ.
يمسحُ المنديلُ دمعًا عن مصابيحِ المدينة
قلبَها المكسورَ بالذكرى وبالحزنِ العريقْ:
 يا غريبْ، لا تَزِدْ صبرًا، فإنّ الحُبَّ
كالقشّةِ في بال الغريقْ.
شجرُ الفرفارِ في صُفرتِه،
ينفضُ القلبَ الكسيرْ
تسألُ الأشجارُ: ما معنى السفرْ؟
_ 'أنْ تفِرَّ الرُّوحُ موسيقا بلا أيِّ حذرْ'
قالت الريحُ التي تكسرُ قبطان السفينة.
من تَرى في الكأس؟
ساڤو  وهي في الأنثى مُطِلّة،
والصحابيَّ الذي يختنُ ليلَهْ،
وترى نرسيسَ يصّاعدُ كي يشربَ ظِلَّهْ.
وترى 'خولةَ' تشكو، ولنون النسوة
الصوتُ المؤلَّـه: "ثمَري في جسدي يعرف دِينهْ".
نكهةُ الرّوح بِأنْ تُطلِقها طيرًا خُرافي.
نشبه الموتى، لبسنا ثوبنا الأبيض في يوم الزفافِ.
يا ينابيعَ، ويا أنهارَ، يا ماءُ أيا الشفّافُ خبِّئنيَ في ليل الجفافِ.
في وضوح الربِّ مثل الأمِّ  يحنو بِشغافي.
وهو يندى بالسكينة.
ها هو الكأس على طاولة الحانة
فارغْ
أشربُ الأحزانَ من ضفّةِ أيامٍ تراوغْ
طائرٌ في القلب طارْ.
إنني أسمعُ تلويحَ قطارْ.
وعلى مدخل روحي ياسمينة.