جداتنا المعبآت بالشهوات

ثقافة 2024/05/21
...

  جاكلين سلام

الأمهات، لغتنا المكسورة منذ بدء الأزمنة
ألسنتنا المبتورة والمتجددة
الأيقونات المحتشدات بالشجن في كل الأمكنة
الحنونات المنفيات
*
جداتنا المتناقضات
الباسقات
الشجرات
الشهيات
الشاعرات
المصابات بالبكم والخوف من عار محتمل
المعبآت بالشهوات المستترة بين السطور.

أمهات الأزمنة، لسن نصف قديسات
ولا نصف ملائكة
ولا نصف أي شيء
كادحات
مرهقات
مغتصبات
أرامل ويتامى
فاقدات الهوية الذاتية
واقفات كالجسور يحرسن الجيل التالي
كي يعبر  خط الأفق الآخر
شاسعات كالبراري
رصينات
موحشات
متوحشات
غارقات في الدمع والحلم.
*
 النساء سيرة مضمرة ينقصها أن تخوض الحلم
فيسقط عن صباحها ثمر غزير
فريد متنوع الأعراق
 يتدحرج بين الفصول والقارات
ويصير نحن
نحن- أناشيد العرافات اللواتي حفظن سيرة آدم وسره أكثر منه
نحن-أنا
أناي
وذاتي
ودواتي
أفتح في جوف الكلمات نفقاً  فأعود إلى جذر السلالات،
 شجرة لا يهجرها الطير إلى أن تعود لوحاً  في كتاب الأزمنة التالية.
*
أتهجى اسمي أنا: جاكلين- حفيدتك يا أنخيدوا-أنا
هذا اسمي الذي به ولدتُ
معه هاجرتُ
فيه سكنت
من قلب الاسم أنظر إلى حبيبي، من اليمين إلى الشمال بأناة
أقبّل فمه، عينيه كما لو أنه في عدن وأنا في كندا
في سابع أرض وسماء.
*
فائض النشوة ناقص في أبجديات لا أعرف كيف أتلوها عن ظهر قلبي،
 وبقلب جدتي الآشورية أنخيدوانا- العرافة السومرية،
أو ابنة ديريك، القامشلية، أو الكندية.
*
جاكلين- اسمي الذي له بصوت الغريب إيقاع يختلف عن إيقاع
اسمي بصوت أبي وأمي
يختلف عن نكهة اسمكَ في صوتي
في حنايا لغتي المنفية من جبل الآلهة الأوائل- إنانا وانليل
وله إيقاع مختلف في صوت معلمتي الانكليزية والقاضية الفرنسية
وله نكهة الحليب سنبلة قمح خضراء في صوت من يحبني
أنا من أسكنُ اسمي. بيتي الذي فيه أتجدد كلما كتبتُ طوبى لعشاقك أيتها الحياة.
*
ولي في سيرة أسمائنا يا عاشقي-حيرة. تواريخ وأمكنة مدفونة تحت ركام التاريخ
أكتبها على أوراق الخريف الخمرية...بلون أخضر، أزرق، وجمري
أخفيها عن نفسي وأبحث عن طين أدون عليه قصة الذكاء الاصطناعي بعد فشل الحضارات.
*
ألبسُ قبعات فرنسية وكندية بألوان الفصول
أحلّقُ وبي رغبة الانتماء إلى أعلى الأشجار
أجمل القبعات تلك التي حاكتها لي أمي وعليها نقشتُ اسمينا بلون الزيتون:
 جاكلين- بنت سفرة وأفرام حنّا
كانت أمي تجيب على الهاتف قبل أن تموت، أنتِ جاكلين، أعرف صوتكِ
 وتذكّرني أن أكون حكيمة.
أغمضُ عيني على خاتمة الأسفار
أبتسمُ، وأذهب لأصبغ شعري بلون النبيذ كما يغويني السيد الشّعر.


----------
هامش: سفرة، اسم والدة الشاعرة وهي من مواليد مدينة القامشلي في شمال شرق سوريا.
أفرام، اسم والد الشاعرة . ديريك، مدينة ولادة جاكلين سلام في سوريا.