عبد اللطيف عبد الحميد : فارس السينما السورية

ثقافة 2024/05/22
...

دعد ديب



يلاحقنا الموت ويترك آثاره في كل مكان، ومع كل رحيل ينطفىء نور في القلب، لم يكد يتوارى حزن حتى نفاجأ بحزن جديد آخر، عبد اللطيف عبد الحميد ..صاحب ليالي ابن آوى يترجل عن منصة الحياة، وكأنه قدر المبدعين المغادرة في أوج العطاء، سبقه حاتم علي وخالد خليفة في استعجالهم لقاء العالم الآخر.
عبد اللطيف عبد الحميد نستطيع القبول إنه فنان شامل توزع إبداعه الفني في مجالات شتى؛ في التمثيل والتأليف والإخراج والسينوغرافيا والإخراج المساعد، وقد قدم للسينما السورية أعمالا على درجة عالية من الجمال والحرفية، وصنفت من أهم الاعمال السينمائية.

 قام عبد اللطيف عبد الحميد أثناء دراسته الأكاديمية في موسكو بإخراج ثلاثة أفلام هي على التوالي: “تصبحون على خير، درس قديم، رأسًا على عقب”، لتكون باكورة إبداعه التي تكللت بكم كبير من الأعمال التي أنتجت في ما بعد.

بصمة صاحب “مايطلبه المستمعون” حاضرة في ذاكرة السوريين، وخاصة الأفلام التي أنتجتها المؤسسة العامة للسينما، لدرجة أنه لقب بحاصد الجوائز التكريمية التي استحقها بكل جدارة، ومنها جائزة الزيتونة الذهبية في مهرجان حوض المتوسط بكورسيكا (1989) ، والجائزة الذهبية في مهرجان الفيلم الأول الدولي في أنوناي بفرنسا (1990) ، وحصد فيلم: (رسائل شفهية) الجائزة البرونزية في مهرجان فالانسيا لدول المتوسط /إسبانيا/  1992  .

جائزة الجمهور الشاب في مهرجان مونبليه في فرنسا 1992

جائزة اتحاد النوادي السينمائية الأوروبية /مونبليه/ 1992

جائزة النقاد «مجلة الاوبزرفاتور» في مونبليه 1992

في عام 1994 ـ حصل فيلم: (صعود المطر) على جائزة أفضل ممثـــل وتصوير وموسيقى في مهرجان دمشق السينمائي التاسع  1995 .

أفضل إنجاز سينمائي وجائزة النقاد في مهرجان قرطاج 1995 .

في عام 1998ـ  حصل فيلم: (نسيم الروح) على الجائزة الفضية في مهرجان دمشق السينمائي 1999.

جائزة لجنة التحكيم الخاصة وجائزة الجمهور الشاب في مهرجان جربا بتونس 1999.

جائزة أفضل ممثل في مهرجان الفيلم العربي بباريس 2000 .

في عام 2001 ـ حصل فيلم: قمران وزيتونة، على الجائزة الفضية في مهرجان دمشق السينمائي 2001 .

في عام 2004 ـ حصل فيلم: ما يطلبه المستمعون، على جائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم السوري. 

في عام 2006 نال فيلم خارج التغطية الجائزة البرونزية.

الجائزة الأولى في ختام مهرجان وهران السينمائي 2008 .

كذلك نال فيلمه (أيام الضجر) جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان دمشق السينمائي السادس عشر، وآخرها الجائزة الأولى في ختام مهرجان وهران السينمائي 2008.

كان الريف السوري حاضرا في أغلب أعماله، لما لواقع الطبيعة وألوانها من جمالية فائقة وشحت أعماله بالألوان والطبيعة البكر الساحرة وبساطة أبنائها التي استطاع تجسيدها بجمالية ومهارة عاليتين.

وقد نال فيلمه الأول “ليالي ابن آوى” من إنتاج عام 1989 سيف “مهرجان دمشق السينمائي” الذهبي، وجائزة أفضل ممثل للفنان أسعد فضة، الفيلم الذي عكس الخلفية الاجتماعية لهزيمة حزيران. وقد امتاز بتصوير الهزيمة في النفوس قبل أن تحدث في الواقع، حيث الجهل والفقر في الريف السوري الذي كان خزانًا واسعًا للتعبئة العسكرية لمواجهة العدو، وقد رصد الخوف العميق الكامن في النفوس  لدى الفرد البسيط من كائنات الطبيعة “ابن آوى “، في تناقض بين شخصية العنجهية الذكورية وبين خوفه الداخلي وما يتركه الجهل والأمية والحاجة والفاقة من عتمة وخواء كبيرين داخل نفسه، وفي فيلم “رسائل شفهية” استمر عبد الحميد في رصد الحياة الريفية وقسوتها والحب الذي ينمو في الضلوع ..ودائما الحب الذي لا يستمر بفعل واقع مضاد لا يسمح للقلوب الصغيرة بأن تحقق أحلامها، والحب نفسه يعرضه شفافًا نقيًا في “نسيم الروح “، في دراما البوح والظروف والارتباط العائلي، سمفونية الحب التي  يتابع عزفها في “مطر أيلول” في نماذج متعددة من أفراد أسرة عاشقة، يصادرها كتبة تقارير مجهولون يتسببون بالرعب والخوف ويغتالون اللحظات الجميلة. 

  من الصعوبة بمكان أن نلخص أعماله جميعها في عجالة رحيله، ولكن نستطيع القول إنه هو الحب الذي كان خيطًا حريريا يلمها كلها، رحل صاحب ”خارج التغطية” في قمة الضوء، تاركًا إرثًا فنيًا حافلًا بالمجد وفراغًا كبيرًا في عالم السينما والفن .