المشاتل الزراعيَّة.. جنائن صغيرة تنتشر وسط المدن ويمتد جمالها للأرياف

ريبورتاج 2024/05/22
...

 احمد الفرطوسي 

تلعب المشاتل الزراعية دورا كبيرا في خلق التنمية الزراعية في المدن والارياف على حد سواء، وذلك لكونها المصدر الوحيد، الذي يساعد على زيادة المساحات الخضراء لكل أنواع النباتات المثمرة إلى المعمرة إلى الظلية إلى الزينة إلى الحلقية، وتعتبر الشتلة هي المصدر الرئيس للغطاء النباتي. وعلى هذا الاساس شهدت الاسواق العراقية زيادة كبيرة في أعداد المشاتل، التي تبيع مختلف أنواع النباتات لتلبية طلبات الاهالي مما يحتاجونه منها.

استعدادات الموسم

كان اللقاء الاول مع صاحب مشتل الجنائن المعلقة في مدينة السماوة الحاج علي جبار إذ قال لـ(الصباح) "منذ الثمانينيات، وانا أعمل في عالم الاشجار والنباتات، وعملي يكون طوال أيام السنة استعدادا لموسم الربيع، إذ نجهز النباتات والاشجار وحتى النخيل في مزارع خاصة، ونهيئها لعرضها وبيعها على المواطنين في المشاتل، ليزرعوها في حدائقهم المنزلية، أو في أراضيهم الزراعية أو في بعض الأحيان لدوائر القطاع الحكومي، لزراعة الساحات العامة أو الحدائق العامة أو الشوارع والطرقات الرئيسة".

وبيَّن "في مدة التسعينيات أثَّر الحصار الاقتصادي في كل  تفاصيل الحياة في العراق، ومنها الحياة الزراعية، فكانت تجارة النباتات تعاني من كساد، وكانت الرواتب قليلة لا تكفي للمعيشة فكان الاقبال على شراء النباتات والاشجار والنخيل قليل جداً ويقتصر على ميسوري وهم على عدد الاصابع، أما اليوم فنتيجة الانفتاح على العالم الخارجي، قام أصحاب المشاتل في العاصمة بغداد  باستيراد  العشرات من النبات والاشجار من مختلف دول العالم الاسيوية والافريقية، وهي أشجار جميلة وتنمو في البيئة المناخية العراقية لأنها مشابهة لبيئتها الاصلية".

منوهاً بأن "من أبزر النباتات التي يكون الاقبال عليها  من قبل الاهالي كبيرا هي نباتات التين، وتكون في الغالب زراعتها لأغراض الاستثمار الزراعي، والتين على أنواع منه التين الأسود والتين الأخضر، وقد جهزنا عددًا من الفلاحين في مختلف مناطق في السماوة بمئات الشتلات من التين والزيتون والنبك والحمضيات، وهي الآن مزارع كبيرة تنتج عشرات الاطنان في مواسم الانتاج، ومما ساعد على الاقبال على زيادة بيع المشاتل خاصة في الارياف هو استخدام تقنيات الري الحديثة، تلك التقنيات التي لا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه وهي منتشرة بشكل واسع".


تنوع

وكانت المحطة الثانية مع الموظفة رنا حيدر، التي التقينا بها وهي تتجول في أحد المشاتل إذ قالت: " لدي حديقة منزلية تبلغ مساحتها 100 م2 أهتم بها على طول أيام السنة واقوم بإدامتها في فصل الربيع، أي في مثل هذه الايام من السنة فأتجول بين المشاتل الزراعية، لشراء واقتناء الزهور والاشجار لإدامة الحديقة من النباتات، التي تعرضت للموت بسبب حرارة الجو في فصل الصيف، وكذلك التعرف على الانواع الجديدة من النباتات المستوردة".

وبينت، إن "بعض الاشجار والنباتات عراقي والبعض الآخر مستورد من دول عربية أو أجنبية، والبعض لا يتحمل درجات الحرارة العالية التي يتصف بها الصيف في العراق، والبعض منها يتحمل درجات الحرارة العالية، لذا أنا أبحث عن هذا النوع من النباتات، التي تتحمل الحرارة العالية لأزين بها حديقة منزلي الخارجية، وهناك نوعٌ آخر من النباتات الظلية، التي تزيِّن البيت من الداخل والتي أصبحت رائجة الاستعمال في البيوت وجزءًا من تصميم البيت الحديث".

وتكشف أن "النباتات الظلية لها أهمية كبيرة في خلق الهدوء النفسي للإنسان، وفي الحقيقة أنا أقتنيها باستمرار، وأهتم بوضعها في المكان المناسب وهي لا تقل أهمية عن النباتات الخارجية، لذا تجدني دائمة التردد على المشاتل في مواسم الربيع، لأن الورود تزهر والنباتات تتفتح والأشجار يشتد اخضرارها في هذا الموسم، وأدعو الجميع إذا أرادوا أن يبحثوا عن السعادة عليهم باقتناء الاشجار والنباتات، لان فيها متعة كبيرة ومجرد النظر إليها، والذهاب المشاتل يشعرنا بالراحة النفسية".


الزراعة والتهجير

بينما قال الخبير الزرعي البيئي المهندس الزراعي رحيم طالب "تؤدي المشاتل دورا كبيرا في زيادة الغطاء النباتي لمختلف أنواع الأشجار في الأرياف والمدن على حدٍ سواء، وما يفرح القلب انتشار المشاتل بشكل كبير في أغلب مدن السماوة، وهذا دليل على انها أصبحت تجارة رائجة ومربحة ويطلبها الاهالي بشكل كبير".

وبين "قسم من الفلاحين في بعض المناطق الريفية هجر زراعة بعض أنواع المزروعات كالبامية اوالخيار، وتلك النباتات التي ترتبط بالاستهلاك اليومي للمواطن، وهي نباتات في الغالب تحتاج إلى تعب كبير وأيدي عاملة كثيرة، ومردودها المادي يكون قليلا، وتحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، أصبح من الصعب توفيرها بسبب الشح المائي الكبير في نهر الفرات".