ميليسا سارتور
ترجمة: رضا الأبيض
تستوحي تايلور سويفت ألبومها الجديد" نادي الشعراء المعذبين من إرث طويل من الأدب الرومانسي، من ويليام وردزورث حتى إميلي ديكنسون.
فمن هم أولئك {الشعراء المعذبون}؟
"ضحكت في وجهك وقلت: {أنتَ لست ديلان توماس، وأنا لست باتي سميث}. في كلمات قليلة، توضح سويفت من تعتقد أنهم أعضاء في {نادي الشعراء المعذبين}. أن هؤلاء الشعراء يمثلون جزءا من سلسلة طويلةٍ من الرومانسيين الذين صوروا حقائق عصرهم.
في الحقيقة، إنّ الحركة الرومانسية لم تكن رومانسية، كما قد يظن المرء، إذ أنّ كُتّابَها وظفوا البشاعة في أوصاف مشوِّهة للواقع أو فنتاستيكية، لتصوير عالَم عرَف صعود نابليون وسقوطه، وإلغاءَ تجارة العبيد وانتشارَ التصنيع.
لقد أسهم هؤلاء الكتاب ومعاصروهم، من أشهرهم أمثال وردزورث، وكيتس، إلى أقلّهم شهرةً أمثال سميث، وهود، في تشكيل صورة الشّاعر "المعذب".
من هم الكتاب الرومانسيون؟
شكلت الحركة الرومانسية التي ظهرت في أواخر القرن الثامن عشر واستمرت طوال القرن التاسع عشر، خلفية للنموذج الأصلي للشاعر المعذب.
كتب وردزورث في مقالته في بداية القرن التاسع عشر، مقدمة للقصائد الغنائية: إنّ "كلّ شعر جيد هو تدفقٌ عفوي للمشاعر القوية".
غالبا ما تمرد الكتّاب الرومانسيون على عقلانية ونظام عصر التنوير الذي سبقتهم، واختاروا عوضا عن ذلك المبالغة في وصف الواقع ومعارضته.
لقد أكدوا على العفوية والحدس والسّمو، وغالبا ما استكشفت أعمالُهم موضوعات الحب والطبيعة والخارق والتجربة الإنسانية.
ومن الجدير أنْ نذكر أيضًا الشاعرة الأمريكية من أصل أفريقي فيليس ويتلي، التي وظفت فنها لموضوعات الحرية والروحانية في واقع من الحقائق القاسية للعبودية نهاية القرن الثامن عشر، ودمْج أولودا إكيانو، المؤيد لإلغاء عقوبة الإعدام، مقاطعَ شعريّةٍ في رواياته السّيريه لغاية تسليط الضوء على محنة المستعبَدين ودعوته القوية إلى تحريرهم.
إنَّ أصواتهم، إلى جانب صوْت خوان فرانسيسكو مانزانو، الشاعر الكوبي الذي دعت كلماتُه إلى التحرر زمن القمع الاستعماري، وسور خوانا إينيس دي لا كروز، الرّاهبة المكسيكية التي تحدّى استكشافُها الشّعري للحب والفكر الأعرافَ الاجتماعيّة، وسّعتْ آفاقَ الحركة الرومانسية.
ولكنْ من ناحية أخرى، فإنّ النوع الفرعيَّ للرومانسية السوداء، السائد في الحركات الرومانسية الألمانية والأمريكية، استخدم لغة قاتمة ومأساوية لاستكشاف العلاقة بين الإلهي والإنساني.
لقد كان هذا التحوّلُ إلى السّواد "أو على الأقل إلى تمثيله بأكثر وضوح" استجابةً لصعود التجاوزية التي أكدت على طيبة الإنسان وعلى وحدته وتفوقه. وهذا جليّ بشكل خاص في "الشّامة"، وهي قصّة قصيرة كتبها ناثانيال هوثورن ينتقد فيها البحث عن الكمال.
وفي الوقت نفسِه، طوّر الكُتّاب الألمان نوعًا من الكتابة أطلق عليه اسم Schwarze Romantik، وهو تصوير قوطي من العصور الوسطى مليء بالوحوش والأشباح، مثل قصيدة "تيمورلنك" للكاتب الأمريكي إدغار آلان بو التي تستكشف موضوعات الطموح والموت في سياق العصور الوسطى.
جيل جديد من الشعراء المعذبين: طوال القرن التاسع عشر، واصل الكتّاب التعبير عن أسئلتهم الوجودية واهتماماتهم الاجتماعية من خلال استكشاف موضوعاتِ الموت والإمبريالية والتقدم التكنولوجي. وعكس كتّابٌ أمثال الشاعرة كريستينا روسيتي، والكاتب روديارد كيبلينج القلق الفيكتوري في أعمال مثل "قبر بجانب البحر" و "أنثى الأنواع"، التي استخدم فيها معجمُ الحواس لإثارة المشاعر العميقة.
وبشّر القرنُ العشرون بعهد جديد من التعبير الشعريِّ، تميز بتغييرات عميقة على المستوى السياسي وفي الثقافة العالمية. لقد انتقد شعراء "الجيل الضائع"، ومنهم جيرترود شتاين، و ت. س. إليوت، تجاوزات الرأسمالية والدمار الذي أحدثته الحربُ العالمية الأولى في قصائد غير تقليدية وشذريّة ، في حين دافع ديلان توماس في قصيدته "لا تكن لطيفا في هذه الليلة السعيدة- عام 1947" بشكل مؤثر عن المرونة في مواجهة الموت.
إنّ الجيل الجديد من الشعراء المعذبين الذين يظهرون وسط التيارات المضطربة في القرن الواحد واالعشرين يحملون إرث أسلافهم وهم يشقون طريقهم الخاص. لقد حفّزت حركات الاحتجاج في ستينيات القرن العشرين ورفض حرب فيتنام وحركة الحقوق المدنية الأمريكية وتيار تحرير المرأة.. حفزت تطوّر الشعر، حيث قام الفنانون بمحو الخطوط الفاصلة بين الشعر والموسيقى كشكل من أشكالِ الاحتجاج.
هذا ما تشير إليه تايلور سويفت عندما تذكر باتي سميث، الشّاعرة التي تحوّلت إلى مغنية وأسهمت في ظهور التيار الموسيقي "البانك"، في سبعينيات القرن العشرين.
إنّ تأثير باتي سميث يسلط الضوء على أهمية تقليد الشعراء المعذبين ، ويشهد على قدرتهم على إلهام الوسائط الفنية المختلفة والأجيال المتعاقبة، والتأثير عليهم.
----------
(1)Qui sont les « poètes torturés » ?
dont parle Taylor Swift
MELISSA SARTORE