وقْفُ المَرزوق

ثقافة 2024/05/28
...

 صادق الطريحي

زَيْتٌ لأضلاعٍ، وأرحامٍ، وتلقيحٍ، وتخليقٍ لمشروعِ الأنا المُتمَرّدِ الصّعلوكِ في النّصّ المُؤدْلَجِ..
لستُ صُعلوكًا، ولكنّي امرؤٌ عَفٌّ إنائيَ.ـ في الحوادثِ.ـ شِركةٌ، وجهي يُلازمُهُ الشّحوبُ، أقسّمُ الأعمالَ في حقلِ الشّعيرِ؛ لنبلغَ الأسبابَ، أسبابَ الكتابِ، ونحتسي المشروبَ، ننتظرُ الحَصادَ بلهفةٍ.
إنّ الحوادثَ في السّوادِ كثيرةٌ...
زَيْتٌ لتقليبِ الحوادثِ، للخيولِ الضّابحاتِ وراءَ تأويلِ المُناخِ، وراءَ محصولِ الحقولِ، لرؤيةِ الطّوفانِ يقتحمُ الكتابَ بخيلهِ، وبِرجْلهِ، زَيْتٌ لمخزونِ الشّعيرِ، وللبياطرةِ القُدامى يَرفِضونَ وظيفةَ المندوبِ في شركاتِ أدويةِ الخيولِ، ويَرفضونَ سِدانةَ البنكِ المُريبِ لوقفِهمْ!
أنا صاحبُ الأوقافِ ـ مَنْ لا يعرفُ المرزوقَ! خَوَّلْتُ المُواطنَ قَلْقَمِيشَ سِقايةَ المُستأجرينَ سَواسِيا، وعِمارةَ الوقفِ الحَرامِ، ورفعِ أنقاضِ القُمامةِ عَنْ دروبِ السّالكينَ، وفتحِ سوقٍ للسّجاجيدِ التي ما زالتِ الفتياتُ تنسجُها ببيتِ المُؤمِناتْ.
مَنْ يشتري السّجادَ مِنْ أسواقِ إنليلِ المُعظّمِ؟ إنّها مَصنوعةٌ مِنْ أحسنِ الأصوافِ، مِنْ كبشٍ عظيمٍ كانَ يَرعى في بَساتينِ العِراقيينَ في البلدِ الحَرامْ.
زَيْتٌ لأوقافِ المواطنِ حينَ يختارُ الوظيفةَ في الحقولِ، أو البنوكِ، أو التّجارةِ مُجبَرًا، أو مُوقِنًا بتجاوزِ الفَيضانِ، والهزّاتِ، والأزَماتِ، زَيْتٌ للشّروعِ بحذفِ أنْسابِ الخيولِ مِنْ النّظامِ المَصرفيّ، لحذفِها مِنْ مركزِ الأورامِ، والتّموينِ، والصّدقاتِ، مِنْ دارِ المُسنينَ العظامْ.
زَيْتٌ لأوقافِ الطّوائفِ من أهالي الرّافدين، لدَيرِ كوثى، للمصارفِ، للقُصورِ العالياتِ بِدَورةِ المَرزوقِ.. قُلتُ مُخاطبًا إيّاهُ، قُلتُ لشَيخيَ المَرزوقِ:
يا أبتِ الرّحيمُ، أتبصرُ الدّارَ التي كانتْ هُنا!! دارَ السّلامِ، أتبصرُ البيبانَ، والنّاياتِ، والقيثارةَ الأزليّةَ الأرواحِ، والحَجرَ الصّقيلَ، وزحمةَ المُتَسمّعينَ!! أتبصرُ الفتياتِ، أجملَ آنساتِ الرّافدينِ، وهنَّ يكتبنَ الكتابَ بلهجةِ القَصَبِ المُباركِ في السّوادْ!!
يا سيّدي المرزوقُ، يا أبتِ الرّحيمُ، لقدْ تبدّلتِ الأماكنُ والنّصوصُ ... أما رأيتَ سَنابكَ الصّحراءِ والفولاذِ تَسْحقُنا، وتَسْحقُنا، وتتركُ دارَنا نَهْبَ البِلى!!
زيتٌ لسمعِكَ ما تجاوزتَ الثّمانينَ التي تُخشى، وها أنتَ الفتى، أنتَ الفتى الأزليُّ في سَمعِ السّوادِ، أتسمعُ الأنغامَ والأرقامَ واللهجاتِ يَملأنَ الفجاجَ بعُمقِها، هَلّا استمعتَ لضّجّةِ المُتعلّمينَ وهمْ يلبّونَ الأذانَ، أتبصرُ العُرْجُونَ والأكمامَ والأقواسَ تعرجُ، ثمّ تعرجُ آمِناتٍ، مُطمئنّاتٍ عزيزاتٍ، وأنتَ على حَصيرِ البارياتِ تساعدُ المتدرّبينَ على القراءةِ؛ كي نترجمَ، أو نجمّعَ، أو نفتّتَ طاقةَ الجينومِ في الزّيتِ المَهينِ، وأنتَ أنتَ تُعلّمُ الأطفالَ إيقاعَ المَناسِكِ في الصّباحِ، ليعزفَ الأطفالُ مُوسيقا الطَّوافِ، طَوافَ سَيّدَةِ المَشارقِ والمَغاربِ والسَّلامْ. زَيْتٌ لطائفةِ السّوادِ فإنّها سَتُعَظّمُ الإنسانَ، تَرفعُهُ وتَحميهِ مِنَ الزّيتِ  المَهينْ.