مسيرة بناء الإنسان العراقي

ثقافة 2024/05/28
...

  طالب كريم

صدر حديثاً عن دار الشؤون الثقافية العامة/ وزارة الثقافة والسياحة والآثار كتاب يوثق مجريات الأحداث التي تزامنت منذ تسلم الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد مهام عَمله رئيساً لجمهورية العراق. يتناول الكتاب سنة أولى من العمل اليومي المكتظ بجهود خصصت للعراق بكل ما يكتمل فيه من إصرار على تثبيت الأمن والاستقرار والبناء والتجديد والتطوير، غاية في خدمة البلد وتجربته الديمقراطيّة، حيث اشترك في نقاشات ولقاءات وزيارات ومباحثات ومتابعات، كلها توجه إلى تقوية أواصر القوى والكيانات والقوميات والأثنيات والطوائف.
 واستعرضت بعض محاور الكتاب جهود الرئيس على الصعيد المحلي والعربي والعالمي عبر زيارات ولقاءات وحوارات مع كتل سياسية مشاركة في العملية السياسية، ولقاءات الوفود البرلمانية للتشاور والتباحث بشأن ترسيخ التجربة الديمقراطية ومناقشة الحلول المقترحة التي تصب في مصلحة الوطن ومواطنيه.
وكان الدستور العراقي قد وضع تفاصيل موسعة عن منصب رئيس الجمهورية ومنحه صلاحيات جوهرية في بنية النظام السياسي، كما وأشرك الدستور رئيس الجمهورية مع رئيس مجلس الوزراء في القرارات الكبرى.
فالمادة 66 من الدستور، تقول "تتكون السلطة التنفيذية الاتحادية من رئيس الجمهورية، ومجلس الوزراء"، وهو ما يسمح لرئيس الجمهورية بالمشاركة في صنع القرار ورسم السياسات العامة للدولة بالتفاهم مع مجلس الوزراء، ويحق للرئيس القيام بدور مفصلي في كثير من الحالات.
ويعرّف الدستور رئيس الجمهورية بأنه "رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن ويمثل سيادة البلاد، ويسهر على ضمان الالتزام بالدستور، والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحدته، وسلامة أراضيه"، بحسب المادة 67.
ويتناول الكتاب "عام في الرئاسة" وما قدمه فخامة الرئيس من عمل يومي لترسيخ التعاون والتفاهم بين الرئاسات الأربع، وإصراره على تجنب المشاحنات والاختلافات التي شهدتها الدورات السابقة.
وفي سياق دوره الدستوري والسياسي، دعم رئيس الجمهورية العشرات من منظمات المجتمع المدني لتسهم في رعاية الفئات الضعيفة
والهشة من المواطنين.
وعمل الرئيس على الإطلاع بنفسه على أوضاع المواطنين من خلال زياراته المتعددة للمحافظات، مثل "البصرة، ونينوى، والسليمانية، وذي قار، والنجف، وواسط " وغيرها، واجتمع بالمسؤولين فيها وناقش معهم تحسين الخدمات وظروف معيشة المواطنين.  
واستعرض الكتاب دور الرئيس في العلاقة ما بين الحكومة الاتحادية وإقليم كوردستان.
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة الاتحادية التي تشكلت في تشرين الأول عام 2022، ورثت ملفاً ضخماً وقديماً من الخلافات بين بغداد وكوردستان تتعلق بتفاصيل متنوعة وبعضها ذات أبعاد دستورية وقانونية وأخرى فنيّة وإداريّة، وثالثة لها صلة بالتنافس السياسي وكان لرئيس الجمهورية دور مهم في التهدئة بين الجانبين ووضع الخلافات على سكة الحلول والعمل على المعالجة السريعة للأضرار التي تلحق بالمواطنين، وكان يشدد دائماً على حل قضية رواتب الموظفين بعيداً عن الخلافات السياسية من منطلق إنساني واجتماعي ودستوري.
كما تناول الكتاب توصيات وتوجيهات الرئيس رشيد التي تؤكد على أن كل المشكلات قابلة للحل بالحوار والتعاون المتبادل، وإن في العراق ثروات تكفي جميع أبنائه.
ويؤكد دائماً أنه ليس من مصلحة أي طرف عراقي إضعاف الطرف الآخر، وإن كل الأطراف عليها العمل ليكون العراق قوياً موحداً مستقراً، وهو ما يصب في مصلحة جميع العراقيين.
ويؤكد على أهمية اعتماد مبدأ الحوار البنّاء وتعزيز العلاقات بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم، بما يسهم في استقرار الأوضاع الاقتصادية والأمنية للمواطنين في جميع أنحاء العراق. ويستعرض الكتاب أيضاً اهتمام الرئيس بالنازحين والمهجرين، حيث تعددت زياراته للمخيمات التي تضمهم مشدداً في كل زيارة على ضرورة إنهاء هذا الملف وتأمين عودتهم لمناطق سكنهم بعد تأهيلها وتأمين خدماتها واحتياجاتهم الإنسانيّة المستحقة.
وفي الجانب الثقافي حرص الرئيس على تقوية العلاقة بين رئاسة الجمهورية ووزارة الثقافة وتأسيس منهج للتعاون الدائم بينهما، وأثمر ذلك عن وضع ملف الآثار على قمة أولويات الرئيس رشيد الذي حرص على أن يكون هذا الملف حاضراً في معظم لقاءاته بالمسؤولين الأجانب وفي جدول أعمال زياراته الخارجية.
ونجح الرئيس في إعادة الكثير من القطع الآثاريّة التي كانت مسروقة ومهربة وبقيت محتجزة في الدول الأخرى لأسباب إدارية روتينية أو لعدم توفر تخصيصات مالية لنقلها إلى العراق، ولذلك وضع الرئيس الطائرة الرئاسية في خدمة الآثار العراقية، وجميع زياراته الخارجية التي أسهمت باستعادة الآثار العراقية استحقت الإشادة والتقدير، فهذا هدف عظيم لا يعيد الآثار فقط وإنما يحفظ هيبة الدولة العراقية التي لايجب أن تظهر عاجزة عن نقل أهم ممتلكاتها لأسباب إدارية ومالية.
كما تناول الكتاب دور رئيس الجمهورية في تقديم شتى أنواع الدعم للفنانين والمثقفين سواء بحضور فعالياتهم أو زيارته للمنتديات الثقافية، وكذلك استقباله لقيادات اتحاد الأدباء ونقابة الفنانين ونقابة الصحفيين وغيرها من المنظمات الثقافية من مختلف مناطق العراق.
وأكد رئيس الجمهورية دائماً على الدور المحوري للكتاب والمثقفين في بناء الإنسان العراقي وإرساء قيم السلام والتعاون بين أبناء الوطن الواحد، وأفتتح رئيس الجمهورية معارض فنية، وكذلك معارض للكتب وأسهم في دعمها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر "معرض النجف الدولي للكتاب في شباط 2024 " الذي افتتحه الرئيس بكلمة مهمة عن الكتاب، طباعة ونشراً وتوزيعاً .
ويتناول الكتاب تزامن وصول الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد إلى موقع الرئاسة مع اشتداد أزمة المياه وتراجع واردات العراق المائية وتصاعد آثار التغير المناخي، حتى أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اعتبر أن عصر الاحتباس الحراري قد انتهى وبدأ عهد "الغليان الحراري العالمي".
ونال ملف القضاء والقانون وواقع السجون والمعتقلين الكثير من اهتمام الرئيس ومتابعته الدورية مع وزراء العدل والداخلية ومجلس القضاء الأعلى.
ولفت الرئيس إلى "أهمية وضع خارطة الطريق لتوضيح آليَّة العمل في السجون ودوائر التوقيف، وضرورة التنسيق والعمل المشترك بين السلطات في سبيل دعم القضاء وترسيخ سيادة القانون ومبادئ حقوق الإنسان". وأكد على الشروع في عملية الأتمتة والربط بين المؤسسات، فضلا عن حل مشكلة الاكتظاظ في السجون. وبتوجيه من الرئيس ومتابعة الجهات والوزارات المسؤولة، شرعت وزارة العدل بإطلاق سراح المحكومين والموقوفين بشكل دوري منتظم. وبمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك تم إطلاق سراح (3469) سجيناً وتصاعد عدد المطلق سراحهم لاحقاً إلى تسعة الآف شخص، والأكثر أهمية هو أن دور الرئيس أدى إلى تأسيس تعاون دائم بين الوزارات ذات العلاقة بهذا الملف ووضع نظام يؤدي إلى إنهاء المشكلة كليَّاً .
كما تناول كتاب "عام في الرئاسة" الجانب الدولي والعربي ومشاركة فخامته في اجتماعات القمم العربية الدورية والطارئة، واجتماعات دولية بخصوص المياه، واجتماعات دول عدم الإنحياز مؤكداً استعادة العراق لدوره المتميز والمؤثر في المشهد الدولي والعربي.
أنجز الكتاب "عام في الرئاسة" ملخصاً عن مسيرة عام. وهي مسيرة مميزة بالعطاء الوطني الخالص لحل كل ملفات العراق التي كرس لها الرئيس كل وقته وجهده إيماناً منه بقوة وعراقة وتميز وثقل العراق وقدرته على أن يكون فاعلاً دائماً في المشهد العربي والدولي انطلاقاً من قوته المحليَّة الحاضرة والتي تعرف خطوات المستقبل بثبات ووضوح واقتدار .