بغداد: الصباح
عن دار السرد للنشر والتوزيع صدرت لمحمد العلوي مجموعة قصص قصيرة بعنوان "باب ومقبض"، وضمت المجموعة "21" قصة من عناوينها: "اعشاش وأوكار، مكافأة، ملاك الرحمة، باب بلا مقبض، باب التقاعد، باب المرايا، باب الذاكرة، باب القبو، باب الرحمة، باب العيد، باب المستشفى"، وغيره.
وفي قصة "طنان" يقول العلوي: "لدى حازم أذنان كبيرتان نسبيا. منذ صغره والجميع يتنمرون عليه ويمسونه (طنّان أبو آذان) في الشارع والمدرسة وبين
الأقارب.
ذات مرة راودته فكرة إجراء عملية تجميلية تعيد أذنيه إلى حجمهما الطبيعي، بيد أن المال كان ينقصه.
ذلك اليوم كان جالساَ في مقهى (حنتوش)، وبينما هو يمجّ سيجارته وفي يده كوب من الشاي، وقف أمامه رجل ذو هيبة ووقار يرتدي بذلة رسمية، ويعتمر قبعة غريبة الهيئة!
- أتسمح لي … وأشار إلى الكرسي الذي يجاوره.. فرد ببلاهة: -آ..آ.. تفضل، يا أستاذ.
لم تمضِ سوى لحظات، حتى دخل أصدقاؤه ومن فورهم نادوا عليه: -حازم، حازم.
لم يكن منتبها إليهم، كان غارقًا في أفكاره سابحاَ في بحر همومه.
- طّنان..
نادوه بصوت مرتفع، فنهض مزمجراً:
- كفى.. إلى متى ستظلون تطلقون هذا اللقب عليَّ؟
فجأة أمسك الرجل صاحب الهيبة بيده، فصمت مباشرة مثل نار أخمدت بالماء.
همس بلطف قربه: هلا تأتي معي الى مكان آخر أكثر هدوءاً لنتكلم قليلا؟
لم ينبس بكلمة سوى إيماءة له بالقبول.
جلسا في متنزه يقع على شاطئ النهر. صمتا هنيهة، ثم بادر الرجل قائلا: في كل إنسان منا جانب حسن، وجانب سيء، السعيد من استطاع أن يخلق من الظلمة نوراً ومن الانتكاسة انطلاقاً. لم يزد على ذلك ما خلا ابتسامة وديعة، وغادر على
إثرها.
حازم اليوم، يعتلي صهوات المسارح، وأذناه تلتقطان صوت الجماهير المتزاحمة لتوقيع صك الغفران عن طولهما.