المحامية علياء عبود الحسني
شاعت وانتشرت حتى اضحت اكثر الجرائم تداولاً في احاديث الناس التهديد بالقتل والتهديد بالفضيحة والتهديد عبر الهاتف او وجها لوجه او بواسطة شخص لاخر او تهديداً بوضع مظروف تحت باب الدار……جريمة تعددت وسائلها ،فكيف نظر المشرع لها وماهي اركانها وماهي صورها وماهي عقوبتها، تناول المشرع العراقي جريمة التهديد في المواد (430ـ 431ـ432)من قانون العقوبات رقم 111 لسنه 1969.ويعرف التهديد بانه (فعل الشخص الذي ينذر اخر بخطر يريد ايقاعه بشخصه او ماله) كما عرف بانه (ترويع المجني عليه والقاء الرعب في قلبه بتوعده بأنزال شر معين به سواء اكان بشخصه او بماله). وبهذا يعتبر تهديداً كل قول او كتابة من شأنها القاء الرعب والخوف في قلب الشخص المهدد من ارتكاب الجاني لجريمة ضد النفس او المال او افشاء او نسبة امور مخدشة بالشرف وقد يحمله التهديد تحت تأثير ذلك الخوف الى اجابة الجاني الى ما ابتغى متى ما اصطحب التهديد بطلب التهديد بشكل عام تعبير عن ارادة المتهم بإيقاع الاذى بالمجني عليه او بشخص يهمه امره على نحو يؤثر على نفسيته او حرية ارادته ، وهذه الارادة يفترض ان تكون محققة ، كما يجب ان يكون التهديد جدياً ، وعلة هذا الشرط ان قانون عاقب على التهديد لما يحدثه من تأثير على نفسية المجني عليه وحرية ارادته ولا يكون من شأنه ذلك الا اذا كان جدياً .
ولا يهم فيما اذا كان المتهم ينوي تنفيذ الامر المهدد به او لا ينوي ذلك ، وكذلك تقع جريمة التهديد ولو ان كانت تلميحاً شفهياً كانت ام كتابياً كالتلويح بسيف او بخنجر او بمسدس او عن طريق صورة او رمز كإرسال صورة سكين او صورة انسان مطعون او ميت او صورة جمجمة وعظام او يرسم شيء من ذلك على باب او جدران المجني عليه وفي جميع هذا الامور يشترط ان يكون التهديد جدياً ، اما اذا كان التهديد ظاهر الهزل او عدم الجدية فلا تقوم به الجريمة ، او ان ظهر بانه جدي ولكن المتهم بادر على الفور او برهة يسيرة من الزمن فأفصح للمجني عليه عن حقيقة قصده هنا لا تقوم الجريمة.
تقوم هذه الجريمة على ركنين فقط .
اولاً – الركن المادي وهو فعل التهديد ، فكل عبارة يكون من شانها كما اشرنا اليه ازعاج المجني عليه او افزاعه او القاء الرعب في نفسه او احداث الخوف عنده من خطر يراد ايقاعه بشخصه او ماله او بشخص او مال شخص يهمه يعتبر تهديداً معاقب عليه وفق القانون .ثانياً – الركن المعنوي وهو القصد الجنائي ، ان جريمة التهديد عمدية يلزم لتحققها توافر قصد الجنائي ويتحقق ذلك بانصراف ارادة الجاني الى تحقيق الواقعة مع العلم بجميع اركانها القانونية ، فيجب ان يعلم الجاني وقت ارتكاب فل التهديد بدلالة عباراته وان من شأنها وفقاً لمدلولها اللغوي او العرفي ان تزعج المجني عليه ويرعبه ويؤثر على نفسيته ويبث الخوف والفزع فيها
عقوبة هذه الجريمة، تكلم المشرع العراقي عن جريمة التهديد في المواد (430-431-432)من قانون العقوبات العراقية المرقم 111 لسنة 1969كما اشرنا اليه في البداية حيث نصت المادة (430)فقرة الاولى- .يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او بالحبس كل من هدد آخر بارتكاب جناية ضد نفسه او ماله او ضد نفس او مال غيره او بأسناد امور مخدشه بالشرف او افشائها وكان ذلك مصحوباً بطلب او بتكليف بأمر او الامتناع عن فعل مقصوداً به ذلك. فقرة الثانية – يعاقب بالعقوبة ذاتها اذا كان التهديد في خطاب خال من اسم مرسله او كان منسوبا صدوره الى جماعة سرية موجودة او مزعومة.
المادة (431)يعاقب بالحبس كل من هدد آخر بارتكاب جناية ضد نفسه او ماله او ضد نفس او مال غيره بأسناد امور خادشه للشرف او الاعتبار او افشائها بغير الحالات المبينة في المادة (430(
المادة (432)كل من هدد آخر بالقول او بالفعل او بالإشارة كتابة او شفاها او بواسطة شخص أخر في غير الحالات المبينة في المادتين (430 و 431) يعاقب بالحبس مدة لأتزيد على سنة واحدة او بغرامة …)
اذن تحمي نصوص التجريم في التهديد حقاً من حقوق الانسان المهمة هو حقه في الحياة الامنة الهادئة بعيداً عن القلق والفزع والرعب ، وبذلك تقترب هذه الجريمة من الجرائم الاعتداء على سلامة الجسم اذ ان الحالة النفسية احد عناصر الحق في سلامة الجسم ، اذ ان ما يولده التهديد من رعب وقلق وذعر لدى المجني قد يولد لديه مرضاً نفسياً او عاهة تستمر مدى حياته وبذلك تستحيل الحالة النفسية الى مرض عضوي بل قد تصل درجة تأثير التهديد في نفوس البعض الى حد الوفاة خاصة بالنسبة لضعيفي المقاومة.