مجلة المسرح.. غائبة

ثقافة 2024/06/09
...

  أ‌. د.  باسم الاعسم


من العلامات الثقافية الدالة على حيوية وعطاء المؤسسات التي تعنى بالمسرح، إصدار المجلات الثقافية والفنية الرصينة، التي تعنى بنشر وتوثيق الثقافة المسرحية بأوجهها كافة أي بكل ما يتعلق  بالخطاب المسرحي والبنى المجاورة له، وخاصة عندما تتوإلى المهرجانات الدولية والعربية والمحلية، وما تتضمنه من فعاليات، ومحاور فكرية، وورش متنوعة، سواء في المركز، أم في المحافظات، إذ لا فرق من حيث الاهداف، والتوجهات الانسانية والفنية، الساعية لتشييد مسرح عراقي يشار له بالبنان، لأصالته، وحداثته، ومنجزاته. 

ولعل دائرة السينما والمسرح، هي الأولى من سواها في إصدار مطبوع مسرحي رصين يثير دهشة القراء من فرط جمال طباعته، وثراء مضمونه، ورصانة هيئته، وفرادة كتابه. 

لقد اصدرت دائرة السينما والمسرح في سبعينيات القرن الماضي مجلة المسرح والسنيما بواقع (13 عددا) ثم توقفت نهائيا عن الاصدار، لكنها وثقت مجمل أخبار ونشاطات المسرح والسينما في بغداد، وصدرت المجلة القطرية للفنون في وزارة التعليم العالي البحث العلمي بواقع عدد (1) فقط وتوقفت أيضاً، وكانت مجلة راقية وأكاديمية، وكذلك صدرت مجلة الخشبة المسرحية الممتازة وتوقفت، فكانت ولم تزل من الخسائر الثقافية الفادحة.

والآن، أليس حرياً بدائرة السينما والمسرح، بوصفها تابعة إلى وزارة الثقافة، ومديرها الفنان الفاعل والمثابر الدكتور جبار جودي، أن تتبنى إصدار مجلة شهرية أو دورية تعنى بالمسرح، على غرار مجلة الحياة المسرحية السورية أو مجلتي المسرح العربي وكواليس الأماراتيتين الثريتين شكلاً ومضموناً؟!

فهل يعقل أن بلداً مثل العراق تشكل الثقافة فيه بعداً حضارياً، وفيه تلك الوفرة من الأدباء والفنانين والمفكرين وبعض المسارح والمؤسسات الفنية لا توجد فيه مجلة واحدة تعنى بالمسرح؟

إنها مفارقة حقاً، ولا نعلم أين موضع الاشكال؟ هل في المال أو في الطباعة، أم في المحررين؟

ولا أحسب أن طبع المجلة سيرهق كاهل ميزانية الوزارة أو السينما والمسرح، ما دامت تباع، فتسد تكاليف طباعتها، والمحرورون كثر. 

إن من مظاهر العافية في المشهد الثقافي والفني، أصدار مجلات متعددة أدبية وفنية منتظمة الاصدار، تكون منافد حرة. لأقلام الكتاب، وتلبي حاجة القراء المعرفية والثقافية، ففي مهرجان بغداد الدولي للمسرح الذي عقد مؤخراً، بدعم من الهيأة العربية للمسرح في دولة الأمارات العربية، جلبت الهيأة معها آلاف الكتب والمجلات وزع بعضها مجاناً، وبيع البعض الآخر، وكانت من المبادرات التي عززت التوجه الثقافي والفكري للمهرجان، وجسدت رعاية الهيئة العربية للمطبوعات على صعيد الكتب والمجلات، التي تعد ذخائر ثقافية، ومؤشرات حقيقية على سلامة وصحة التوجه الثقافي والفني لذوي الشأن.

لقد باتت الحاجة ملحة لإصدار مجلة تعنى بالمسرح، توثق للأجيال عطاءات المؤلفين والمخرجين والمصممين والنقاد وسائر الفعاليات المصاحبة للمهرجانات المسرحية كالورش التطبيقية، والجلسات النقدية وتوقيع الكتب، والمحاور والندوات الفكرية بحيث تكون المجلة خير مرآة تعكس واقع حال المسرح والمسرحيين.

إننا هنا نضع أمام أنظار السادة وزير الثقافة ومدير دائرة السينما المسرح مسألة إصدار مجلة للمسرح، تليق بوعي وذائقة رجالات المسرح وتطلعاتهم باتجاه إثراء الثقافة المسرحية، وتسليط الأضواء على المسرح في محافظات العراق كافة، بل إننا نطمح أن تصدر نقابة الفنانين مجلة تعنى بالفنون والمسرحية في مقدمتها، نظراً لحضورها الفاعل وفعالياتها المتنوعة، ولتوثيق نشاطات فروع النقابة في المحافظات ولكي تبقى الشاهد الحي والحقيقي على تنوع الثقافة وضرورة الفن وأهمية التدوين.