«منت رايق» أعادني للدراما بعد انقطاع والتجربة مع ميس كمر رائعة

ثقافة 2024/06/11
...

 حاورها: سنان السبع 

منذ سنوات، تألقت المخرجة الإماراتيَّة نهلة الفهد في عالم صناعة الفن والتلفزيون، حيث قدمت أعمالا متميزة تجسدت في تصوير العديد من الأغاني لنجوم الفن الخليجي والعربي بصفة عامة. امتزجت مواهبها الإخراجيَّة برؤية فنيَّة تميّزت بالابتكار والجرأة، ما جعلها تحقق نجاحات كبيرة في عالم الفن والترفيه.ومن بين أعمالها البارزة، فيلم «حجاب» ومسلسل «حرب القلوب»، اللذان لاقيا استحسانا كبيرا من الجمهور. ولكن ليس هذا فقط، بل قدمت أيضا  مؤخرا مسلسل «منت رايق»، الذي تميز بطابعه الكوميدي الساخر، والذي يتناول بشكل مميز مناوشات الأصدقاء في بيئة العمل.

في هذا المسلسل، تم تقديم مجموعة من الأفكار المبتكرة التي تعكس ببراعة تفاصيل الحياة اليوميَّة في المجتمع الخليجي، وخاصةً العلاقات الإنسانيَّة والمشكلات التي يواجهها الشباب في بيئة العمل.

وقد نجح المسلسل في تقديم رسالته الناضجة بشكل كوميدي، مؤكدًا أهمية دور الصداقة في تحمّل التحديات والصعوبات.

تدور أحداث «منت رايق» في إطار كوميدي داخل جريدة، حيث يعمل مجموعة من الصحفيين، يتعرّضون لمفارقات عديدة مع مالكة الجريدة، ويغطون أحداثًا اجتماعيّة وفنيّة متنوعة، مما يسلّط الضوء على عدّة قضايا تمسُّ المجتمع الخليجي، مع التركيز بشكل خاص على أهمية الصداقة والتعاون في مواجهة التحديات الحياتيّة.

وفي حوار خاص لـ «الصباح» مع المخرجة الإماراتيّة نهلة الفهد تحدثت عن عودتها لإخراج الأعمال الدراميَّة ومشاركتها السينمائيَّة في الدول الأوروبيَّة. 


* نتحدث أولًا عن آخر تجربة في الدراما وهو عمل «منت رايق» كيف خضتِ هذه التجربة وكيف كان العمل فيها؟ 

- المسلسل الدرامي «منت رايق» يندرجُ ضمن الأعمال اللايت كوميدي الاجتماعيّة، ولكن لا يخلو أيضًا من الدراما، هذا العمل للكاتبة منى النوفلي والمنتج المنفذ يوسف الغيث ومن إخراجي، هذا العمل يعد العمل الدارمي الرابع لي وعودة لي بعدة انقطاع خمس سنوات عن الدراما، والذي شجّعني لخوض تجربة هذا العمل والعودة إلى الدراما هو فكرة العمل والنصّ أيضًا، وكذلك العمل تمثيل وبطولة كوكبة من نجوم الدراما الخليجيّة وأحب أن أذكر منهم الفنان عبد العزيز النصّار، الفنانة شيماء سليمان، الفنانة هبة الدري، والفنانة أمل محمد، وكذلك الفنانة العراقيّة المحبوبة ميس كمر من العراق والفنان سعود بوشهري وغيرهم أيضًا من نجوم العمل، تمَّ عرض العمل في شهر رمضان المبارك على شاشة دبي وشاشة تلفزيون الكويت، والآن سيتم توزيعه بين الكثير من المحطات الفضائيّة والمنصات العربيّة، وهذا ما يعطي فرصة أكبر لانتشار العمل ووصوله للجمهور بشكل أكثر، أنا سعيدةٌ جدًا بالأصداء التي تحصّل عليها العمل بعد العرض وسعيدة لأني عدتُ بعد انقطاع بعمل درامي نال استحسان الجمهور. 


* كيف كان تعاونكِ مع الفنانة العراقيّة ميس كمر في هذا العمل؟

- ميس فنانة رائعة ومحبوبة ومحترفة جدًا، وفضلًا عن خبرتها الطويلة في المجال الفني والدرامي واتقانها لجميع الأدوار المناطة بها إلّا أنّها أيضاً شخصية مرحة وجميلة ودائمًا ما تضفي جوًّا رائعًا خلال أيام العمل والتصوير، والعمل معها كان ممتعًا ورائعًا. 


* في هذا العمل جمعتِ بين الدراما والكوميديا، هل تعتقدين أن المزج بين المجالين ربما يعطي صورة ورسائل مختلفة للجمهور؟ 

- من خلال تجربتي في الإخراج، رأيت أن المزج ومسك العصا من الوسط والموازنة بين الدراما والكوميديا كان لها تأثير في المشاهد، هناك أعمال فنيّة تكتب بهذه الطريقة، طريقة اللايت كوميدي اجتماعي والتي يمتزج فيها الجانب الدرامي والكوميدي بوقت واحد، ونجاح العمل يأتي من خلال تأثيره بالمشاهد حين تجعله يضحك في الكثير من المشاهد، وبعد ذلك تأخذه لمنطقة أخرى، والنجاح هنا يقاس بتأثير وأداء الفنانين وكيف وصل إحساسهم للجمهور والمتلقي، فالجمهور هنا مقياس نجاح العمل وكذلك مقياس نجاح هذه التوليفة بين الدراما والكوميديا.

وليس كل الفنانين قادرين على أداء هذه الأدوار، كما أنَّ عملية اختيار الفنانين المناسبين لهذه الأعمال يجب أن تكون صحيحة ويجب أن تأتي بفنان يكون «جوكر» يجيد كلّ الأدوار داخل الشخصية وقادرًا على تقديم الأدوار الاجتماعيّة والكوميديّة بالقوة نفسها وهذا كان جزءًا مهمًا من العمل.


* نعود قليلاً إلى بداياتك التي كانت في إخراج الأغاني والكليبات المصورة، هل لديك طموح لخوض هذه التجربة بشكل أكبر في الفترة المقبلة؟ 

- أنا بدأتُ مشواري قبل عشرين عامًا من الافلام القصيرة وتجارب مختلفة، كنتُ أحاول أن أجد نفسي في المكان المناسب، وحين جاءتني فرصة إخراج الكليبات المصورة عملت بها وتعلمت منها الكثير مثل سرعة الإنجاز وتوظيف المشهد، كتابة الفكرة وتقسيمها والكثير من الأشياء الأخرى، وفي هذه التجربة تعاملت مع أغلب نجوم الغناء العربي والخليجي، وتعاملي مع النجوم العرب كان رائعًا جدًّا حيث تعاملوا معي بكل ثقة ومنحوني المسؤولية في العمل ولم أشعر أن هذا الفنان أو هذا النجم كان يشعر بخوف من نتيجة العمل في وقت لم يكن هناك نساء مخرجات للأعمال الغنائيّة وتستطيع القول بأني أول امرأة خاضت هذه التجربة في المجال حيث خضتها في الإمارات والعديد من الدول الأوروبية التي صوّرت فيها أعمالي، والجميل بهذه التجربة أنني أسست فرق عمل خارج الإمارات وأحضرتهم إلى الإمارات وعملت معهم كفريق عمل من الدول العربية والأوروبية أيضًا ـ  لذلك فإنّ إخراج الفيديو كليب لا يزال موجودًا لديَّ ولكن ليس باستمرار وإنّما بالاختيار. 


* في الحديث عن ورش العمل وتمكين الشباب والمرأة، كانت لديك استضافة في اكسبو دبي عن تمكين الأصوات النسائيَّة، عمّاذا تحدثت في هذه الجلسة وبرأيك ما اهمية أن يكون هناك تمكين لصوت النساء في المجتمعات العربيَّة؟ 

- بالحقيقة كانت لديَّ عدة جلسات مختلفة تتحدث عن دعم المرأة التي لديها موهبة في مجال الإخراج والتصوير وكل ما يتعلق بهذا المجال الإبداعي وإلى الآن لديَّ مجموعة ورش فيها 24 فتاة مشاركة، سأقدمها قريبًا وأقدم لهم دروسًا عن أساسيات الإخراج والتصوير والأسس الفنيّة، أهمية دعم المرأة العربيّة وتمكينها في هذه المجالات الإبداعيّة، والإخراج مهم جدًّا في الوطن العربي لأنَّ المرأة لديها حسٌّ خاصٌّ في نقل الصورة وكتابة المشهد، كانت لديَّ تجارب عديدة مع كُتاب من الذكور والإناث في الأعمال التي أخرجتها ودائمًا ما لاحظتُ أنّ النصوص النسائيَّة فيها لمسة مختلفة، وتخيّل أن المرأة هي التي تصور العمل وتخرجه وهي التي تكوّن هذا المشهد فمن الطبيعي يكون لها رأي ومنظور آخر؛ لذلك نحن في دولة الإمارات والدول الخليجيّة نهتم بموضوع تمكين المرأة وتقديمها للجمهور، وهناك الكثير من النساء اللواتي كوّن لهن أسماء مهمّة وشاركن في مهرجانات ومحافل دوليّة سواء كانت كاتبة ومنتجة ومخرجة وهذا شيء رائع. 


* على سيرة المهرجانات، لديكِ مشاركات كثيرة دوليّة وهذه المرة الاولى لك في المشاركة بمهرجان مالمو للسينما العربيّة بهذا العمل، تحدثي لنا عن هذه 

المشاركة؟ 

- بصراحة كان من المفترض أن أتواجد في المهرجان منذ دورة العام الماضي لكن انشغالي في السفر منعني من ذلك، أنا سعيدة بتجربتي هذا العام، أنا حاضرة في المهرجان دورة هذا العام وفخورة كوني عضوة لجنة تحكيم الأفلام الروائيَّة الطويلة ويترأس هذه اللجنة المخرج المصري الكبير خيري بشارة وهو اسم مهم ومعلّم لنا في مجال الإخراج، والى جانب الأسماء الأخرى القديرة في لجنة التحكيم؛ لذلك فالتجربة جميلة بالحضور والمشاركة، فضلًا عن ذلك فإنّ الأفلام التي شاركت وعرضت هذا العام هي أفلام رائعة وجميلة جدًّا، وكانت مهمتنا صعبة في عملية فرز الأفلام ومشاهدتها ومناقشتها وتقييمها؛ بسبب نوعية الأفلام المشاركة وتمييزها والنقاشات كانت مثمرة وممتعة بين أعضاء لجان التحكيم، ونتمنى أن نكون قد أعطينا أصواتنا بموضوعيَّة وأعطينا كلَّ الأفلام المشاركة 

استحقاقها. 


* كيف تنظرين إلى أهمية عرض الأفلام العربيّة إلى الجمهور الأوروبي في مثل هذه المهرجانات خصوصًا وأن الجمهور الأوروبي ربما لا يعرف الكثير عن الحياة والثقافة العربيّة؟ 

- وجود مهرجان مالمو للسينما العربيّة تحديدًا في هذه المدينة هو شيء مهم ومميز، لأنَّ هذه المدينة تربط دولتين مجاورتين هما السويد والدنمارك حيث أن موقع المهرجان من 

وجهة نظري هو موقع استراتيجي، وحين حضرتُ لمشاهدة بعض الأفلام وجدتُ جمهورا سويديا وأوروبيا ومن عامة الناس، حتى أنّ هناك حديثا دار بيني وبين أحد الأشخاص من الجمهور سألني عن التغطية الإعلاميّة فشرحتُ له عن المهرجان والأفلام المعروضة وقال لي بأنّه حريص للحضور إلى مشاهدة هذه الأفلام لأنَّ هذه الأفلام

لا تعرض في دور السينما الاعتيادية، لذلك فإنّ المهرجان يعطي الفرصة لأفلامنا العربيّة لكي تصل الى الجمهور الأوروبي، وكذلك تقديم قضايانا العربيّة لهذا 

الجمهور. 


* الآن نتحدث عن السينما الاماراتيَّة، كيف تنظرين كمخرجة الى واقع السينما الإماراتيَّة الآن ولماذا غابت في المهرجانات التي كانت تقام في السابق في دولة الامارات العربية المتحدة؟ 

- بالنسبة لواقع السينما الاماراتيَّة فأقول بأنَّ السينما الاماراتيَّة أثبتت وجودها على الخريطة في الخليج وفي الوطن العربي، صحيح أنّنا لدينا اصدارات وأعمال سينمائيَّة كل عام بمجهود الشباب الإماراتيين الحريصين على أن يكون الفيلم الاماراتي حاضرًا، وصحيح أنّها نسبيًّا قلّت قليلًا، ولكن لا تزال موجودة وأنا اشاهد أن هناك مجهودًا كبيرًا لصنّاع افلام ومخرجين بشكل سنوي يقومون بالعمل على هذه الأعمال والنصوص، وأيضًا أشاهد تواجدهم في المهرجانات السينمائيَّة العالميَّة بحثًا عن التواصل مع صناع السينما العالميَّة والاختلاط بهم وأيضًا الدعم المادي والمعنوي لأعمالهم، وأنا أقول لو كان لدينا سنويًّا فيلم أو فيلمان تعرض للجمهور وتشارك في المهرجانات فهذا شيء جيد وما زال الوضع يبشّر بخير، أهم شيء أن لا تكون الحصيلة السنويَّة صفرًا من الأعمال، كما أن حضورنا كمنتجين ومخرجين في السينما موجود وسنوي في المهرجانات في السوق ولجان التحكيم والأنشطة الأخرى وفي أهم المهرجانات العالميَّة، أما بالنسبة للمهرجانات السينمائيَّة التي كانت تقام في الإمارات مثل مهرجان دبي وأبو ظبي والخليج فإنّ السبب الحقيقي لتوافقها فليس لديَّ الإجابة الحقيقيَّة للأمر لكن قد تعود للأسباب الإداريّة وأسباب خاصة، ولكن استطيع أن أقول بأنّي متفائلة ولديّ إحساس كبير بأن اثنين من هذه المهرجانات سيعودان الى الساحة في المستقبل القريب، اليوم لدينا مجموعة من المهرجانات لكنها اقل ضخامة من تلك المهرجانات ومثل هذه المهرجانات هي مهرجان العين السينمائي ومهرجان الشارقة الدولي السينمائي للأطفال والشباب وغيرها من الانشطة السينمائية الجامعية، وان تواجد الحركة السينمائية  والمهرجانات في دولة الامارات ستعود بقوة بإذن الله وأنا متأكدة من كلامي. 


* خلال وجودك في المهرجانات العربيَّة والدوليَّة في لجان التحكيم بالتأكيد اطلعت على الأفلام السينمائيَّة العراقيَّة التي أنتجت في الفترة الأخيرة، كيف رأيت هذه التجارب السينمائيَّة العراقيَّة؟

- مشاهدتي ومتابعتي لنشاط السينما العراقيّة وصنّاع الأفلام العراقيين كنت أشاهدها لدينا في دولة الإمارات خلال مشاركاتهم في المهرجانات، وكان حضورهم قويًّا ومؤثرة في هذه المهرجانات ولديهم غزارة في الانتاج والنصوص سواء في الأفلام الطويلة أو القصيرة وكانوا يتنافسون على أغلب جوائز المهرجان والسوق والدعم، والجميل بأنّهم استمروا الآن بهذا العطاء في المهرجانات العربيّة الأخرى وأجمل تجاربهم التي رأيتها هي التجارب التي صوّروها في العراق حيث أن على الرغم من الظروف التي مرَّ بها العراق لكنهم استطاعوا ان يخلقوا شيئًا من لا شيءَ حتى أن مواقع التصوير التي شاهدتها في هذه الأفلام هي مواقع صعبة، وكذلك رأيت مجموعة من الأفلام التي صوّرت في فترة جائحة كورونا فعلى الرغم من قساوة الأحداث التي مرَّ بها العراق لكن السينمائيين العراقيين استطاعوا أن ينتجوا أعمالا مهمة وصلت إلى مهرجان برلين وكان وفينس ومالمو وهذا شيء جميل ويبشّر بالخير، وأشعر بأنه ينبغي للشعب العراقي أن يكون فخورًا بهذه التجارب التي برزت وأثبتت وجودها وأنا سعيدة بهذه التجارب والأفلام، كما أني شاهدتُ مجموعة من الأفلام العراقيّة المشاركة هذا العام في المهرجان وكانت رائعة، وهم مستمرون بإنتاج الأعمال رغم كل الظروف وأتمنى لهم كل التوفيق والنجاح.