سامر المشعل
بما أن العالم الآن مشغول ببطولة أمم أوروبا ويتطلع بشغف إلى أولمبياد باريس، التي ستقام في شهر تموز المقبل، وما زالت تصفيات كأس العالم تجري لتترشح الفرق المؤهلة لكأس العالم، وهو الحدث الأهم على مستوى الكرة الارضية، فما علاقة الاولمبياد والبطولات الرياضية بالموسيقى والغناء واللوحات الراقصة؟
وهل أصبحت الموسيقى والفنون الاخرى التي تتجسد في حفل الافتتاح عنصرا مهما وعامل نجاح لأي بطولة، لجذب أنظار العالم اليها، أم هي مجرد ترف ثقافي وحلقة تجميلية يمكن الاستغناء عنها؟!.
في بدء انطلاق البطولات العالمية، كانت تتم مراسيم حفل الافتتاح بطريقة تقليدية بسيطة، وليس هنالك اهتمام كبير في حفل الافتتاح، يتم رفع اعلام الفرق المشاركة في البطولة مع استعراض للزي الرسمي لكل بلد، وعادة ما تتم الاستعانة بالحمام، كونها تمثل رسل السلام بالعالم والاطفال الذين يمثلون البراءة والنقاء.
ثم أخذ الاهتمام يتصاعد تدريجياً في الاعداد والتنظيم والتخطيط بأحدث التقنيات التكنولوجية في مراسيم حفل الافتتاح.
أصبح حفل الافتتاح هو العنوان الأول لنجاح اية بطولة رياضية، والواجهة التي يطل من خلالها المشاهدون في كل العالم على حضارة وثقافة وفن وتاريخ البلد المنظم للبطولة، وبات من الضروري الاستعانة بنجوم الفن والفرق الفنية في ذلك البلد في مجال الموسيقى والغناء والرقص والمسرح.. لإظهار هوية البلد الفولكلورية والثقافية والحضارية..
ففي العالم 1974 عندما نظمت المانيا بطولة كأس العالم، ظهرت في حفل الافتتاح 16 كرة قدم كبيرة تتوزع في ارجاء الملعب، ثم أخذت هذه الكرات تنهار الواحدة بعد الاخرى، ليخرج من كل كرة فرقة موسيقية راقصة تقدم فولكلور كل بلد مشارك في البطولة، وسط دهشة الجمهور
والمشاهدين.
اذن ما عادت الاولمبياد والمونديالات مجرد بطولات رياضية، تتبارى فيها الفرق للحصول على كأس البطولة، إنما هي إعلان مباشر لإظهار قيم وحضارة وثقافة البلد، إضافة إلى كونه موسما سياحيا يؤمه المشجعون من كل انحاء العالم بمئات الآلاف، ليتعرفوا على أهم المعالم السياحية والاثار الثقافية والحضارية، وأهم الأكلات والأزياء الشعبية والرقصات والمتاحف والعادات والتقاليد للبلد المضيف.
فأخذت البلدان المضيفة لكأس العالم تستعين بأهم نجوم الفن بالعالم لجذب الإنظار اليها، كما فعلت دولة جنوب افريقيا عندما استضافت بطولة كأس العالم العالم 2010 باستدعاء نجمة الغناء الكولمبية شاكيرا وقدمت أغنية شهيرة في البطولة أخذ العالم يرددها " this time for africa"، وتضافرت جهود كل قارة افريقيا في انجاح البطولة وجذب الانظار إلى القارة السوداء، فاشتركت العديد من الدولة الافريقية مثل غانا وساحل العاج ونيجيريا.. في مجاميع من الفرق الموسيقية وعازفي الطبول بلوحات تعبر عن ثقافة وتاريخ القارة الافريقية على نحو مبهر، وايضا اشترك الشاب خالد بالغناء في حفل الافتتاح.
اضحت هذه البطولات فرصة لتعريف العالم بالرموز الابداعية في مجال الموسيقى والفن والثقافة.. فعندما أقيم مونديال ايطاليا بالعام 1990 في ميلانو، عزفت في حفل الافتتاح واحدة من اشهر المؤلفات الموسيقية للموسيقار الايطالي فيردي، للدلالة على ان مدينة ميلانو هي مدينة الموسيقار فيردي.
وعندما اقيمت بطولة كاس العالم الأخيرة في قطر العام 2022، فدولة قطر ليس لها باع وتاريخ كبير في عالم كرة القدم، وقد خرجت بالفعل من الادوار الاولى، لكنها استضافت هذه البطولة العالمية كي تؤكد للعالم بأنها بلد حضاري ومتطور وقادر على تنظيم هذه البطولة العالمية على نحو يثير الاعجاب، وقد نجحت قطر بالفعل على شد انتباه العالم على هذه البقعة الصغيرة من العالم، وقدمت عدة لوحات استعراضية، تمثل ثقافة وتاريخ وشخصية الانسان العربي، وأرادت في حفل الافتتاح أن تمد الجسور الثقافية والحضارية بين الخليج العربي، من خلال اشتراك الممثل العالمي مورغان فرديمان والشاب القطري غانم المفتاح عبر حوار انساني بينهما، حتى يلتقي جسران ضوئيان كناية عن التقاء الشرق بالغرب.
وتجدر الإشارة إلى أن من وضع سيمفونية قطر والتي عزفت ضمن الفعاليات الفنية للبطولة، هو الموسيقار العراقي سالم عبد الكريم.
فيما ستخرج فرنسا في أولمبياد باريس التي ستقام الشهر المقبل عن الاطر التقليدية في الاحتفال في أحد ملاعبها إلى الاحتفال بعروض مائية على نهر السين، وتتهيأ لتبهر العالم باحتفالية يشارك فيها أكثر من عشرة آلاف فنان على متن 160 قاربا بعروض فنية تثير دهشة
المشاهدين.