ناعومي كلاين: متورطون في هذه الأنظمة

ثقافة 2024/06/27
...

  اعداد: كلير أرميتستيد

  ترجمة: رؤى زهير شكر 


في الليلة التي سبقت فوز نعومي كلاين بجائزة المرأة  للكتب الواقعية، اكتشفت أن شخصا ما كان يتجول في لندن ويمزق الملصقات التي تعلن عن كتابها. وقالت حينها لجمهورها المُحتشد: "الشيء الغريب هو أنني لم أكن أعرف ما الذي أغضبهم: "أهي المعلومات المضللة عن اللقاحات، أم الصهيونية، أو تغير المناخ والكتب الخالية من الأحافير".

كتاب كلاين الفائز، Doppelganger: رحلة إلى عالم المرايا، عبارة عن تحليل لهوية الظل التي تبدأ بمناقشة الارتباك المثير للغضب الذي يمتد بين مؤلفة و ناشطة نسوية ، الذي تحول فيما بعد إلى نظرية مؤامرة لـ "ناعومي وولف". وينتهي الكتاب بتأمل عميق في صورة ضحايا الاضطهاد الواضحة في الحرب الحالية في غزّة.

نُشر الكتاب قبل شهر من هجمات 7 أكتوبر/ تشرين الأول التي شنتها حماس على إسرائيل، لكن كلاين، أثناء حديثها معي في مكاتب ناشرها في صباح اليوم التالي للحفل، ذكرت بأنها قد قاومت الإيحاء بأن نشره كان بمثابة رؤية مسبقة. "نحن نتحدث عن الاحتلال المستمر منذ عام 1967 والنكبة -كلمة فلسطينية بمعنى الكارثة- التي حدثت في عام 1948". لكنها تعترف أنه "إذا نظرت إلى المراجعات، خاصة في المملكة المتحدة، فقد كان هناك القليل من القول: لقد بدأت بشكل جيد، ولكن ماذا نفعل بعد ذلك بكل هذا الاستعمار الاستيطاني وإسرائيل؟ اعتقد أن بعض الناس شعروا أن الأمر كان مجرد طُعم وتبديل. لكن كل القصص الشبيهة تبدأ حول "الآخر" وتنتهي في نهاية المطاف حول شيء غير مريح أكثر.

كلاين، ذات 54 عامًا، هي أستاذة في مركز العدالة المناخية بجامعة كولومبيا البريطانية وناشطة بارزة في مجال المناخ. على الرغم من أن جميع أعمالها، بداية من حقبة أول ظهور لها التي عُرفت بمسمى "No Logo" عام 1999، أظهرت فيه إطار الشخصية السياسية، إلا أن كتاب Doppelganger هو الأكثر شخصنةً حتى الآن. 

في نهاية جائحة كوفيد، كانت كلاين تشعر كما لو أنها لا تستطيع كتابة كتابها المعتاد "الذي يُعد توجيهيا مؤتمنا للغاية، وهذا هو ما نحتاج إلى القيام به، ولكن تم تحديثه"، كما تقول. وكان زوجها آفي لويس قد خسر مؤخراً محاولته الترشح لانتخابات البرلمان الكندي. وكانت الشعبوية اليمينية آخذة في الانتشار في مختلف أنحاء العالم، تغذيها الأخبار الكاذبة ونظريات المؤامرة التي أغوت حتى أولئك الذين كانوا رفاق سفر ذات يوم. "لقد ألهمني [عالم الاجتماع البريطاني الجامايكي] ستيوارت هول، الذي كتب في سنوات تاتشر بطرق كانت تسبر أغوار اخفاقات اليسار، وأعتقد أنه إذا بقينا في نفس وضع "الثورة قاب قوسين أو أدنى"، حتى عندما تشير كل الأدلة إلى عكس ذلك، ليبقى التساؤل ما مدى مصداقية هذا اليسار؟

هذا لا يعني أن كلاين لم تعد تؤمن بالعمل المباشر. ففي شهر أيار الماضي، وقعت كلاين على بيان صادر عن مجموعة حملة "الكتب الخالية من الأحافير"، داعية شركة إدارة الاستثمار "بيلي جيفورد"، التي كانت حتى وقت قريب ترعى عددا من المهرجانات الأدبية في المملكة المتحدة، إلى وقف استثماراتها في الشركات المرتبطة بالوقود الأحفوري وإسرائيل. وقد تم النظر إلى الحملة في بعض الأوساط على أنها هدف خاص، مما أدى لسحب الشركة من استثماراتها، وليس ذلك فقط بل وأدى إلى انسحابها من رعاية المهرجان. لكن كلاين غير نادمة حسب قولها: "بالنسبة لي، فكرة أن كل الاهتمام ينصب على هؤلاء النشطاء وليس على شركة Baillie Gifford، وهي الشركة التي تدعي أنها دعمت الفنون وقد تقطعت بها السبل الآن بكل هذه المهرجانات بدلاً من مواجهة بعض المساءلة عن نفسها، هذه فكرة مشينة" ، كما تقول. إنه يشبه إلقاء اللوم على الصحفي في التحقيق في شركة ما إذا كانت تلك الشركة تسحب إعلاناتها.

وتضيف كلاين الكاتبة التي تُعد الجهة الموثوقة لليسار البريطاني, حيث تم تمزيق ملصقات كتابها في لندن، أن "الرسالة الكاملة لـ Doppelganger هي أننا جميعًا متورطون في هذه الأنظمة. لا أحد طاهر، لا أحد كامل. لكن هذا أيضا ليس عذرا لعدم القيام بأي شيء".

كلاين غير متأكدة من مشروع كتابها التالي – فحياتها في الوقت الحالي تدور حول التدريس والنشاط، ويسعدها أن زوجها سوف يترشح للانتخابات مرة أخرى. ويبقى التحدي قائما في ايجاد خطاب جديد للأوقات الصعبة الجديدة. حيث تقول كلاين: "إذا فكرت في كتبي الثلاثة الكبرى - "لا شعار"، أو "عقيدة الصدمة"، أو "هذا يغير كل شيء" - فهي برامجية تمامًا وتحشد الجماهير في النهاية". "في حين أن نيتي ليست رمي تلك الكتب تحت الحافلة، اعتقد أن هناك لحظات دورية على اليسار، حيث علينا أن نعترف بأننا لسنا في المكان الذي نريد أن نكون فيه.

"إذا كنا في مكان حيث يصعد اليمين ويخسر اليسار، وإذا لم تكن لدينا القدرة على انتقاد أنفسنا - إذا واصلنا الادعاء بأن كل ما فعلناه دائمًا كان صحيحا - فما هو الأمل الذي لدينا؟ هل يتعين علينا التغيير والتعديل وربما القيام بعمل أفضل في المستقبل؟".

(الغارديان)