إجراءات حكوميَّة واسعة للحدِّ من «جنون» أسعار الوحدات السكنيَّة

اقتصادية 2024/07/03
...

 ‏بغداد: حيدر فليح الربيعي


كثفت الحكومة إجراءاتها الهادفة إلى القضاء على أزمة السكن والحدّ من ارتفاع أسعار العقارات التي شهدت طفرات كبيرة في بغداد والمحافظات، عبر اتخاذها مسارين متزامنين يمكن أن يسهما بالحدِّ من «جنون الارتفاعات» والمتمثلين في زيادة بناء المجمعات السكنية في مختلف مدن العراق، فضلاً عن التوسع في منح قروض البناء وشراء المساكن، وهما التوجهان اللذان يصبان بصالح السيطرة على النقص الحاصل بعد أن بلغت الحاجة الفعلية أكثر من مليوني وحدة سكنية 

وفقاً لوزارة التخطيط.

وفي خطوة تؤكد عزم الجهات الحكومية على الحدّ من أزمة السكن، أعلنت وزارة الإعمار والإسكان في وقت سابق، عن المباشرة بخطة لخفض أسعار الوحدات السكنية، تتضمن التوجه لإنشاء 7 مدن سكنية للاستثمار خلال المدة المقبلة، قابلها توفير البنك المركزي مبالغ إضافية تصل إلى نحو (3) تريليونات دينار لتلبية طلبات الاقتراض السكني من قِبل المواطنين عبر (المصرف العقاري، وصندوق الإسكان) بصورة ميسّرة.

وسط ذلك، أشاد مختصون في الشأن الاقتصادي، بالخطوات الهادفة إلى تقويض أسعار العقارات والحدّ من ارتفاعاتها، مشددين على ضرورة اتخاذ سلسلة من الإجراءات التي يمكن أن تسهم في الحدّ من تلك الارتفاعات، واضعين في مقدمة تلك الإجراءات العمل على «تحسين السياسات العقارية وتشجيع الاستثمار في هذا القطاع، والاهتمام بشكل مضاعف بالتخطيط الحضري الذي يأخذ في الاعتبار النمو السكاني والتوسع العمراني، إذ يمكن أن يساعد في توزيع السكان بشكل متوازن وتقليل التركيز في مناطق معينة».

وقال المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان نبيل الصفار لوكالة الأنباء العراقية (واع): إنَّ «الوزارة شرعت ببناء المدن السكنية الجديدة ضمن خطة البرنامج الحكومي التي ستوفر آلافاً من الوحدات، وإنَّ زيادة أعداد الوحدات السكنية في السوق سيؤدي إلى انخفاض في أسعارها على اعتبار أنَّ موضوع العقارات يخضع إلى مسألة العرض والطلب».

وبحسب رؤية الوزارة، فإنَّ «خطة دائرة الإسكان تمتد من 2024 لغاية 2030 وتتضمن إنشاء المدن السكنية وقروض صندوق الإسكان، إذ إنَّ جميع هذه الأمور ستؤدي إلى انخفاض كبير بأسعار الوحدة السكنية».

الرؤية الحكومية للحدّ من ارتفاعات أسعار السكن، قوبلت بإشادة المختصين في الشأن الاقتصادي، الذين يرون ضرورة أن تُسند بعدد من الإجراءات لتنضج بشكل يسهم في خفض أسعار العقارات، وكما يؤكد ذلك الخبير الاقتصادي، الدكتور نوار السعدي، الذي أشار لـ»الصباح» إلى أنَّ «أسعار العقارات، لاسيما في بغداد، تعد من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة والمواطنين معاً، إذ إنَّ الارتفاع بهذا الشكل الجنوني يؤثر سلبًا في القدرة الشرائية للفرد وتزيد من الضغوط الاقتصادية».

وأوضح السعدي أنه وبهدف «تقويض هذه الارتفاعات والحدّ منها، يمكن النظر في عدد من السبل الاستراتيجية التي تسهم في تحقيق استقرار الأسعار وتحسين الوصول إلى السكن المناسب، مثل زيادة بناء المجمعات السكنية التي تعد من أهمّ الخطوات لزيادة العرض وتوفير عدد أكبر من الوحدات السكنية بالتالي يقل الطلب الزائد على العقارات، مما يؤدي إلى تقليل الضغوط على الأسعار، شريطة أن تتضمن هذه المجمعات مختلف الفئات السكنية لتلبية احتياجات جميع شرائح المجتمع».

كما يرى الخبير السعدي ضرورة «تحسين السياسات العقارية من خلال تطوير إجراءات حكومية فعّالة تشجع الاستثمار في قطاع العقارات، وهذا الأمر يمكن أن يكون له تأثير إيجابي، يتضمن تسهيل الإجراءات البيروقراطية، وتوفير حوافز للمستثمرين والمطورين العقاريين، وتعزيز الشفافية في سوق العقارات»، مشدداً في الوقت ذاته، على أهمية «التخطيط الحضري الذي يأخذ في الاعتبار النمو السكاني والتوسع العمراني، ويساعد في توزيع السكان بشكل متوازن ويعمل على تقليل التركّز السكاني في مناطق معينة».

ولفت المتحدث إلى أنَّ «للتخطيط الحضري إيجابيات عدة، بضمنها المساهمة في تقليل الضغط على العقارات بمناطق محددة وتحقيق استقرار أكبر في الأسعار، وهذا يتطلب بالدرجة الأساس تحسين وتطوير البنية التحتية مثل الطرق والمواصلات، وتوفير الخدمات الأساسية مثل المدارس والمستشفيات في مناطق أطراف المدن الكبيرة ليجعلها أكثر جاذبية للسكن، مما يخفف الضغط عن هذه المدن، لاسيما العاصمة بغداد».

ودعا السعدي إلى ضرورة العمل بشكل جدي على تسهيل آليات الحصول على التمويل العقاري بشروط ميسرة، حيث يؤدي ذلك إلى المساعدة في زيادة القدرة الشرائية للمواطنين، مما يتيح لهم شراء العقارات دون الحاجة إلى دفع مبالغ طائلة مرة واحدة، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تحقيق استقرار أكبر في السوق العقارية.