بولين ميك لين
ترجمة: كريمة عبد النبي
كان السير وليام بيريل، تاجرا ومصنع سفن اسكوتلندي، مولعاً بجمع القطع والأعمال الفنية حيث بلغ عدد مقتنياته أكثر من تسعة آلاف قطعة فنية تراوحت بين لوحات ومنحوتات وأواني زجاجية ملونة وسيراميك تعود إلى عصر النهضة أهداها جميعا إلى مدينة غلاسكو في اسكوتلندا عام 1947.
وكان بيريل مولعا بالفن الإنطباعي الفرنسي، وعلى الأخص أعمال الرسام الفرنسي إدغار ديغا (1834-1917)، أحد مؤسسي المدرسة الإنطباعية ويعد واحداً من أبرز رسامي القرن التاسع عشر في باريس.
ويعتقد أستاذ فن القرن التاسع عشر في جامعة أدنبرة فرانسيس فول أن ديغا كان واحدا من الفنانين الانطباعيين المتميزين ويمتلك موهبة رسم خاصة.
ويقول فول "تدرب ديغا على أن يكون فناناً يضع الرسم دائما في المقام الأول وقبل كل شيء في لوحاته".
وأضاف فول: يعمل ديغا على تسليط الضوء على الحركة في لوحاته كما في أعماله الفنية التي تمثل راقصي وراقصات البالية أو النساء في العمل، واعتقد أن بيريل كان يثمن مثل هذه الأعمال التي أبدى شغفه بها من خلال اقتناء العديد منها.
برع ديغا، بالإضافة إلى الرسم، في فن النحت ويستضيف معرض غلاسكو المقام حالياً تحت عنوان "اكتشاف ديغا" العديد من أعمال هذا الرسام الفرنسي.
ويقام المعرض حالياً على قاعة معرض بيريل في غلاسكو الذي أنشأته بلدية المدينة وأطلقت عليه اسم "وليام بيريل" بعد أن أهدى جميع مقتنياته الفنية إلى هذه المدينة.
ويتضمن المعرض عدداً من أعمال ديغا التي تمثل النساء المستحمات، وتعد هذه اللوحات الأكثر صدقاً وغموضاً وعفوية من بين أعماله.
وغالباً ما تكون النساء في تلك اللوحات بلا وجوه ولا ملامح.
وقد أشار فرانسيس فول إلى أن بعض أعمال ديغا مثل اللوحات التي صورت حياة البارات في مجتمع باريسي محافظ لاقت استهجانا في أحد مزادات لندن عام 1892.
ولكن، حسب قول فول، فإن النظر إلى تلك اللوحات الجميلة في وقتنا الحالي لا يثير لدينا ذلك الاستهجان.
في عام 1873، قام عدد من الرسامين "مانيه، سيزان، رينوار وديغا" بتأسيس جمعية خاصة بهم يعرضون من خلالها أعمالهم الفنية بصورة مستقلة.
وفي عام 1874 أقاموا أول معرض لهم بعد أن وجهوا دعوة لثلاثين رساماً للمساهمة فيه. وقد تباينت ردود الأفعال في ذلك الوقت حول ولادة الفن الانطباعي.
ويبدو أن وليام بيريل قام بشراء أعمال ديغا في أول معرض شاهد فيه لوحاته في غلاسكو عام 1888. وخلال فترة أربعة عقود من الزمن، تمكن بيريل من شراء ثلاثة وعشرين لوحة بريشة ديغا، وهو أكبر عدد من الأعمال تقوم بجمعه شخصية بريطانية.
ويعد معرض قاعة بيريل الحالي الأول من نوعه الذي يعرض جميع أعمال ديغا تحت سقف واحد. وأشار فول بالقول "سيشهد هذا العام إقامة عدد من المعارض للفن الانطباعي في دول أوروبا ونحن محظوظون بالمعرض المقام حاليا في مدينة غلاسكو".
وإلى جانب الأعمال الفنية الموجودة في هذا المعرض، فانه يستضيف ثمانية وعشرين عملا إضافيا تمت استعارتها من ثلاثة عشر معرضا من دول أوروبا، كما يتضمن لوحة فنية بعنوان "بروفة".
وعلى الرغم من أن وليام بيريل كان قد أهدى هذه المجموعة من المقتنيات الفنية الى مدينة غلاسكو في عام 1947، لكن الجهات المعنية استغرقت وقتا طويلاً لإيجاد المكان المناسب لعرضها.
وكانت لدى بيريل الكثير من المخاوف حول التلوث البيئي الذي قد يؤثر على تلك المقتنيات مما دعى الجهات المعنية إلى بناء المتحف بمكان بعيد عن مركز المدينة، الأمر الذي جعل من الصعب على الكثيرين الوصول إلى هذا المبنى، وكان هذا واضحا من خلال انخفاض عدد رواده من أكثر من مليون شخص عند افتتاحه في عام 1983 إلى مائة وخمسين ألف في عام 2013.
اشتهر ديغا باستخدام ألوان الباستيل والألوان الزيتية في معظم أعماله، وقد مكنه استخدام الباستيل من الحصول على توازن نادر بين اللون والفراغ في فضاء اللوحة. كما جرب ديغا تقنيات خاصة في استخدام الألوان الزيتية عبر تخفيفها ومزجها مع سوائل أخرى.
ونظرا لأن ديغا كان شغوفاً بحضور عروض البالية بسبب قرب منزله من دار الأوبرا، فقد كانت راقصات البالية الثيمة الأساسية في أغلب لوحاته التي تحولت نحو التجريد، وأصبحت ألوانه أكثر بريقا وكثافة. يستمر معرض أعمال ديغا الحالي لغاية الثلاثين من سبتمبر/أيلول من هذا العام.
عن موقع {بي.بي.سي}